تقمص روح شاعر

> م. رفقي قاسم

>
م. رفقي قاسم
م. رفقي قاسم
في ليلةٍ قمرها بدرٌ دعيت لندوة شعرية بسيطة الحال على رصيف كورنيش في عدن، والحضور كعادتهم، وأنا أسمع ما يُقال من شعر ومن همس، ومع تماوج الأمواج تتلهف الأنفس ارتقاءً وفتورا، وتترنح بين الفينة والأخرى يمنةً ويسرة.. أين انا ومتى دوري، وكلُ دواخلي تتوهج نارا أتقلقلُ بوعاءِ الشعر في الفضاء البحري، وجوانحي ترتفع بالآهات تارة وبالأنين تارات، وجاء دوري وبدأت دون أن أدري وأقول ما قوله الآتي، واذا بجالسٍ بجانبي يعصر يدي ظننته مُعجبا مترنمًا معي، وواصلت ورأيت شخصا أمامي محلقا بالسماء ومنسجما معي هائما بما ألقيه دون أن يلفظَ نفسَا، وواصلت القول والحضور بين تلهف وذهول، إلى أن انتهيت وبدأت فقلت:
لدعاةِ الشعر إني أميرُها
وإني فرزدقها وإني جريرُها
أصونُ حِماها من أباطيلِ وهمِهم
وأسكنُها في مهجتي وأجيرُها
فإن يقربوا بالسوءِ والزيفِ عرشَها
فإنّي لعمرُ اللهِ فيهم مديرُها
.....
وبعدها قلت:
وطني: ترابُكَ أسهمٌ ورماحُ
وأنا وكلُّ العابرينَ جراحُ
أحببتُ فيكَّ الحبَّ وهو محرمٌ
وكرهتُ فيك الكرهَ وهو مباحُ
ورأيتُ أنّ الكلَّ آمنَ بالدُّجى
فعلامَ ينزفُ ضوءَهُ المصباحُ !
.....
وأنهيت وقتي:
فــي خـدهـا شـيـئان مــا افـترقا
هــمـس الـــربيع وضحكة الـفـل
وتــقـول: قـلـبـي ذاب مــن ولــهٍ
فــأقــول: إنـــي ذائـــب كــلـي !!
إن طـــال هــذا الـبـعد سـيـدتي
لــن تـبـصري جـسـمي ولا ظـلي !
قال أحدهم بعد صمتٍ عميق شكرا لك، اسمع يا سيد يا من قلت وقلت، أليست هذه الأبيات لشاعر مُلهم؟، قلت نعم شكرا شكرا، قال: لا أقصدك ولكن قائلها، قلت ماذا تقصد وما تعني؟!، قال: أليس قائلها الشاعر أسامة المحوري الفذ؟!! وبعد هنة من الوقت عائدٌ إلى نفسي قلت نعم، وما المانع أن أتقمص روحه وهو أمامي ومن روحه أستقي ومن نبعه ألقي، ألا يحق لي أن أذوقكم ما تذوقت من فيه وذقت ما سمعتموها الآن منه بفمي بحورا وأوزانا وقوافي، وأكتبها الان نثرا لكم دون بحور الشعر وأوزانها والقوافي!!
عفوا أسامة وإن لم التقيك إلا روحا في سماء الشعرِ تتألق وترتقي!!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى