أزمة المشتقات النفطية تلقي بظلالها على معيشة المواطنين بالمدينة..انقطاع الكهرباء والمياه وارتفاع أجور النقل في عدن

> تقرير / رعد الريمي

> تفاقمت أزمة المشتقات النفطية مجددا، في العاصمة عدن، فبعد غياب تام للمشتقات خلال العشرين يوما الماضية شهدت عدن أزمة جديدة في خدمات الكهرباء والمياه والاتصالات والنقل، في ظل ارتفاع درجة الحرارة، متسببة في تفاقم معاناة المواطنين، ووصولهم إلى درجة لا تحتمل.
وغرقت العاصمة عدن في الظلام لثلاثة أيام متتالية، من الخميس حتى مساء أمس السبت، وبات يعيش سكان عدن أوضاعا مأساوية، جراء التدهور الشامل للخدمات الأساسية، وفي مقدمتها الكهرباء.
حيث وصلت ساعات انقطاع التيار الكهربائي الى 6 ساعات، مقابل ساعة ونصف توصيل للتيار الكهربائي، خصوصا أننا نعيش في فصل الصيف ومع ارتفاع درجة الرطوبة، الأمر الذي يجعل من الكهرباء ضرورة ملحة لا يمكن الاستغناء عنها بالنسبة للمواطنين.
ولا يكاد يمر أسبوع كامل على المواطنين في العاصمة عدن دون أن تكون هناك أزمة في المشتقات النفطية لتنفرج بعدها لأيام معلنةً بدء استراحة ليستعد بعدها المواطنون لمجابهة أزمة جديدة.
وتتعدد الأسباب والأزمة واحدة، حيث تعلن الجهات المعنية عن انتهاء المخزون النفطي وانتظارها لتفريغ سفينة تحمل مشتقات نفطية في طريقها إلى العاصمة عدن.
صاحب محطة خاصة قال لـ«الأيام» إن “الشركة بتغيير سياستها تجاه استيراد المشتقات النفطية باتت ترهق كاهل ملاك المحطات الخاصة، حيث بتنا ندفع نقداً قيمة ما نطلبه من كمية وقود من ثم نستلم الكمية، وهكذا نبيع الكمية وندفع، فهذه الطريقة ليست الطريقة السائدة من سابق والتي كنا نتعامل بها من سنين”.
وأضاف: “هذه الطريقة باتت تمثل عائقا كبيرا أمام عدد من المحطات الخاصة في طلب كميات ضخمة وكافية نظرا لحجم طلب السوق المحلية”.
الطوابير الطويلة للسيارات تحيط بمحطات الوقود
الطوابير الطويلة للسيارات تحيط بمحطات الوقود

وكان لقاء قد جمع مدير عام شركة نفط عدن ناصر مانع يوم الإثنين الفائت بوكلاء محطات الوقود ومالية شركة النفط، طالبهم فيه بسرعة دفع قيمة الوقود الذي تم استلامه.
في الوقت الذي أبدى وكلاء المحطات تحفظا حول المطالبة بالمستحقات بشكل عاجل وأن ذلك يأتي بخلاف ما عليه الوضع من سابق، حيث يتم الدفع بشكل آجل إلى الشركة.
وألزم مدير الشركة وكلاء المحطات بالدفع بشكل عاجل، وقد تم الاتفاق على إمهال الوكلاء يومين حتى التمكن من بيع النفط على المواطنين مع تحمل الحكومة الفروقات المترتبة على ذلك.
وفي هذا السياق يقول أحمد علي، أحد سكان مدينة عدن، إنه لا يستطيع الجلوس في منزله، خلال فترة انقطاع التيار الكهربائي، بسبب الحر الشديد، وارتفاع درجة الرطوبة.
ويضيف: “إن الانقطاعات المتكررة للتيار الكهربائي حرمت المواطنين أبسط حق من حقوقهم، إذ صار من الصعب عليهم النوم في بيوتهم”.
وأشار إلى أن المواطنين الذين يعانون الأمراض المزمنة مثل الربو والالتهابات الرئوية، وكذا الحساسية والسكر والضغط والقلب وغيره يتواجدون بكثرة في المستشفيات التي بدورها لا تستطيع أن تقدم خدماتها بشكل طبيعي، أيضاً بسبب انقطاعات الكهرباء.
*أزمة ووعود متكررة
وليست الكهرباء هي فقط ما يؤرق مضاجع المواطنين في عدن، إذ فوجئ سكان المحافظة صباح أمس الأول الجمعة بإغلاق عدد من محطات بيع المشتقات النفطية، مؤذنةً ببدء فصل جديد من مسلسل المعاناة، وهو ما يضاعف الأعباء على كاهل المواطنين.
وبالرغم من حديث البعض عن وصول كميات من مادتي البترول والديزل إلى المحطات بعدن لتغطية احتياجات الناس من هاتين المادتين، إلا أن مواطنين أكدوا أنهم لم يحصلوا على كمية كافية من المادتين.
ولفتوا إلى أن ما وصل إلى محطات الوقود عبارة عن كميات ضئيلة لا تكفي لتغطية احتياجات المواطنين، إضافة إلى قيام ملاك المحطات ببيع الكميات التي يحصلون عليها في السوق السوداء التي شهدت مؤخرا انتعاشا ملحوظا لم تعرفه منذ أشهر، إذ تعج محطات الوقود في العاصمة عدن بمئات المواطنين الذين صفوا سياراتهم في طوابير طويلة، بغية الحصول على احتياجاتهم من المشتقات النفطية.
بقيت الطوابير الطويلة للسيارات تحيط بمحطات الوقود، منذ ما يربو على اربعة أيام، والتي هي الأخرى عجزت عن تقديم خدماتها.
وذكر مواطنون بأن محطات الوقود لا تعمل طيلة الوقت، حيث تنفد كميات المشتقات النفطية، دون أن تحصل جميع السيارات المتوقفة في طوابير طويلة أمام المحطات على ما تحتاجه منها، وهذا ما يفسر اصطفاف السيارات طيلة الليل أمام المحطات.
*تأثر المياه والصرف الصحي
ولم تقف انعكاسات أزمة المشتقات النفطية على قطاع الكهرباء فحسب بل وصلت إلى قطاع المياه والصرف الصحي، حيث صرح مسئولون في مؤسسة المياه أن توقف ضخ المياه إلى المنازل بات محكوماً بكمية المشتقات النفطية المتبقية.
تراكم مياه الصرف الصحي
تراكم مياه الصرف الصحي

إلى ذلك قالت مصادر محلية لـ«الأيام» إن ضعفا شديدا شهدته خدمة المياه بدأ مساء الأربعاء في أجزاء واسعة من مديريات: المعلا، صيرة، خور مكسر ودار سعد.
وأعلنت مؤسسة المياه والصرف الصحي في وقت متأخر من ليلة الخميس عن توقف ضخ المياه لجميع مديريات العاصمة عدن بسبب نفاد مخزون مادة الديزل.
وقال مدير مؤسسة المياه سالمين علوي لـ«الأيام» إنهُ “سيتم وقف ضخ المياه عن جميع مديريات العاصمة عدن ابتداءً من الساعات الأولى من صباح الخميس”.
وأضاف أن سبب توقف ضخ المياه يعود “لنفاد مخزون مادة الديزل الذي لم يتبق منه إلا 600 لتر والتي تكفي لساعات فقط”.
وطالب سالمين الحكومة بالإسراع في توفير مادة الديزل للمؤسسة، حيث إن توقف الضخ سيعيق عملية عودة الضخ إذا توفرت مادة الديزل بسبب تفرق “الأنابيب” التي تحتاج لوقت لتعبئتها نظراً لما تشهده العاصمة عدن من أزمة حادة في المشتقات النفطية عصفت بالمدينة خلال الأسابيع الماضية.
وشهدت عدد من غرف تفتيش مياه المجاري والصرف الصحي طفحا نتيجة توقف محطات ضخ مياه الصرف الصحي لانعدام الوقود الذي تعمل به المضخات.
*شلل المواصلات
وانعكست أزمة المشتقات النفطية على كافة المستويات والأصعدة، فقد شهد قطاع النقل والمواصلات تراجعا قارب 65 %، إضافة إلى ارتفاع بكلفة المواصلات (أجرة التاكسي) بلغت 30 %، ملقية بمزيد من المتاعب على كاهل المواطن، في الوقت الذي تصطف عشرات الحافلات وسيارات الأجرة في طوابير طويلة أمام المحطات.
انعدام المشتقات النفطية التي اجتاحت عدن في الآونة الأخيرة بات يمثل مشكلة كبيرة، وتحديدًا للمواطنين، في الوقت الذي يرى مراقبون أن مشكلة المشتقات النفطية جعلت المواطن يدخل حلقة صعبة وملتهبة، ليس على المواطنين البسطاء فحسب بل وعلى سائقي الباصات، ومالكي المحطات، والموظفين الذين يذهبون لأعمالهم.

هل من بوادر انفراج؟
إن أزمة المشتقات النفطية باتت تتطلب تدخلاً عاجلاً من الحكومة الشرعية، يقابل هذا الطلب صمت من الجهات المسؤولة أو عجز منها إزاء الأزمة. في الوقت الذي يرى مراقبون أن مشكلة توقف مصفاة عدن عن تكرير النفط الخام هو نتيجة عدم توفره، وكذا عدم تمكن شركة النفط من توفير السيولة المالية لشراء المشتقات النفطية المستوردة.
إذ يكمن الحل الجذري لأزمة المشتقات النفطية في عدن في توفير النفط الخام لمصافي عدن، والذي بدوره سيعمل على إنعاش المصافي من الركود الحاصل، إضافة إلى تغطية السوق المحلية من المشتقات النفطية، وكذا توفير العملة الصعبة التي يتم إهدارها في صفقات شراء المشتقات النفطية المستوردة.
وفي ظل عدم توفر هذا الحل الجذري ستظل عدن تترنح في مشكلاتها الكثيرة وما أن تخرج من أزمة حتى تدخل في أخرى.
المراقبون دعوا إلى وجوب حل مشكلة انعدام المشقات النفطية، وأن تُعاد المياه لمجاريها، وأن يتم ضخ البترول والديزل إلى المحطات لكي تستمر جميع الخدمات الأساسية، ما لم فإن حالة الاستياء الشعبي العام ستتزايد يوما بعد آخر في ظل استفحال الأزمة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى