مركز نقل الدم بمستشفى الجمهورية بعدن.. أبحاث علمية في دهاليز الإهمال مديرة المركز: نتسول المحاليل من المنظمات في ظل غياب الدعم الحكومي

> استطلاع/ رعد الريمي

> يُعد الدم إكسير الحياة ومصدرها الذي لا يمكن تقديره بثمن والحاجة إليه خالياً من الأمراض والتلوث ومتوفراً بكميات كافية في ظل وقت أصبحت من ضرورات الحياة الملحة التي لا مجال للتهاون والتقليل من شأنها.
فالأمراض والكوارث والنوائب ليست موسمية، ولا تتريث أو تمهل الناس حتى يستعدوا لها، وتأخير لحظة في تأمين دم مأمون قد يودي بحياة الكثيرين ممن هم في أمس الحاجة إليه.
ولأهمية الحتمية في حياة الناس وجهت الدولة ممثلة بوزارة الصحة العامة والسكان وبتوجيهات من فخامة الأخ رئيس الجمهورية العمل على اتخاذ الإجراءات القانونية والتنظيمية اللازمة لتأسيس كيان مستقل ومتكامل لهذه الخدمات، وتوج ذلك بصدور القرار الجمهوري رقم (85) لسنة 2005م.
إن الدم المأمون و خدمات نقله المنظمة هي جزء لا يتجزأ من الأمن القومي الصحي للوطن، بل يعتبر الدم المخزون الاستراتيجي و الأمني لأي بلد في العالم، وبصدور القرار الجمهوري رقم ( 85 ) لسنة 2005م بشأن إنشاء المركز الوطني لنقل الدم و أبحاثه ليكون نواة لتنظيم خدمات نقل الدم وتحسينه وتطويره في بلادنا، باعتباره المسئول عن خدمات فحص الدم وسلامته ونقله وحفظه واستخدامه ومشتقاته وحمايته من التلوث وخلوه من الأمراض المنقولة عبر الدم كالتهاب الكبد البائي والايدز وغيرها.. وتوفير كميات من الدم كافية لتلبية الاحتياجات لكافة المرافق الصحية في جميع الأحوال والظروف، كما يتولى تنظيم خدمات نقل الدم بمختلف عملياتها من فحص عينات الدم وجمعه وتصنيفه وتخزينه وتوزيعه، وضبط الإجراءات وتنظيمها لفحص المتطوعين وكيفية طرق الاستخدام الأمثل للدم ومشتقاته باعتباره المرجعية الوحيدة المخولة للقيام بعمليات فحص الدم وجمعه وتخزينه وتوزيعه ومشتقاته إلى بنوك الدم في عموم مستشفيات الجمهورية العامة والخاصة، ونقطة انطلاق في وضع الأنظمة و التعليمات و المعايير العلمية الصحية لخدمات نقل الدم وأبحاثه.

وهذا يتطلب اتخاذ الإجراءات الكفيلة لحماية المركز و محتوياته من أي أيادي عابثة قد تحاول المساس به باعتباره المخزون الاستراتيجي و ضرورة من ضرورات الأمن القومي لأي بلد.
*أول بنك في الجنوب
وأشارت الدكتورة حنان حسن عمر مدير المركز الوطني لنقل الدم وأبحاثه وهي أستاذ مشارك في كلية الطب: “أن بنك الدم تم افتتاحه في يونيو 2007م كأول فرع يفتتح بعد المركز الرئيسي في صنعاء، وبتمويل مركزي آنذاك كبقية المرافق التي كان تمويلها مركزي بحكم الوضع السابق وقد كان صورة التمويل بتوريد المحاليل والاحتياجات من المركز الرئيسي في صنعاء”.
وأضافت “ إن تجهيزات المركز كانت بتعاون إيطالي ومن ثمَ بدعم منظمة الصحة قبل أن يتم الدعم الحكومي.
الدكتورة حنان حسن عمر مدير المركز الوطني لنقل الدم
الدكتورة حنان حسن عمر مدير المركز الوطني لنقل الدم

أما فيما يخص الوضع بعد الحرب فقد تكفلت منظمة بلا حدود بتمويل المركز بحقائب الدم على مدى سنة تقريباً وبعد أن شارفنا على إغلاق المركز نتيجة انتهاء المحاليل، أسعفتنا منظمة الصحة العالمية وجاء دعمهم لنا كاضطراري وهناك طلبية تقدمنا بها إلى المنظمة يجري دراستها”.
وأشارت عمر في سياق حديثها لـ«الأيام» إلى أن “أخطاء الماضي وخاصة في الجانب المالي لم يتم معالجتها، حيث لم يتم إدراج الأدوية والمحاليل في بند المركز، والذي مازلنا مستمرين باستلام مخصصاتنا منه”، وتضيف “لقد طالبنا بتعديله غير أنه لم يعدل وما نستلمه يتم صرفه في النظافة والأدوات المكتبية والوقود، لكن كدواء ومحاليل لم نستلم، وهو ما جعلنا نعتمد كليا على المنظمات، وقد توجهنا إلى الهلال الأحمر الإماراتي وصندوق دعم المرضى الكويتي ومركز الملك سلمان، وقد شهد المركز زيارات عدة لعدد من مسؤولي الجهات سالفة الذكر غير أنه لم يتم دعم المركز من قِبَلهم، في الوقت الذي نشهد فيه دعما من أطباء بلا حدود، والـWHO(منظمة الصحة العالمية) حفاظا على المركز من التوقف في ظل الحاجة الكبيرة والملحة لأدائه ودوره في المحافظة والمتزايد نظراً لما تشهده جبهات الحرب من توسع”.
*أهمية المركز
يجب أن يعرف الجميع أن مركز نقل الدم مركز مجاني بخلاف عدد من المرافق الأخرى ونسبة المجانية هنا 100 % وهذا تطبيق للقرار الجمهورية القاضي بذلك وهو يقدم خدماته للمواطنين بشكل عام وبشكل خاص لمرضى السرطان والفشل الكلوي.
إذ تحتاج شريحة مرضى السرطان في اليوم الواحد من 5 - 8 يومياً في الوقت الذي يصل قيمة الصفيحة الواحدة إلى عشرين الف ريال يمني خارج المركز، والمركز يقدمها مجاناً، وتكمن مهمة المريض فقط في جلب المتبرع الذي يصح نقل الدم منه”.
*عملية سحب الدم
تتم عملية سحب الدعم من المتبرعين بعد أخذ البيانات من البطاقة الشخصية (الاسم والوظيفة والعمر ورقم البطاقة الشخصية ورقم التلفون) ومن ثم ينتقل المتبرع إلى الطبيب العام، ويجري له فحصا عاما، والتركيز على نسبة الدم هل النسبة تسمح بأن نأخذ منها أم لا مع تركيزنا على عدم الاعتماد البتة على الأوراق الخارجية أياً كان مصدرها، أو إذا كان يتلقى علاج لمرض معين، وما إلى ذلك، ويتم هذا عبر قوانين صارمة نظرا لحجم الكارثة، فيما لا سمح الله بحدوث خطأ، تم يقوم المتبرع بالتوقيع على الموافقة على التبرع.

بعد ذلك يتوجه من كانوا صالحين للتبرع إلى قسم سحب الدم ويتم سحب الدم في أكياس (قِرب) ويتم أخذ عينتين من الدم، حيث يتم التأكد من خلو الدم من الفيروسات وكذا للتأكد من الفصيلة، حيث لا يتم الاعتماد على نوعية الفصيلة التي يدلي بها المتبرع وإنما يتم الاحتفاظ بها ريثما التأكد.
وتضيف الدكتورة حنان حسن عمر مدير المركز الوطني لنقل الدم وأبحاثه “هنا لابد من التنويه إلى نقطة مهمة وهو أن عدد من المتبرعين كانت تشير وثائقهم إلى فصيلة معينة وأثناء التبرع تم اكتشاف أن الفصيلة غير التي تشير لها وثائقهم، وقد شهد المركز حالات كثيرة من هذا القبيل وبعد ذلك يتم الاحتفاظ بالعينات التي أخذناها من المتبرع لمدة شهر، وأن هذا الإجراء احترازي في حالة إن جاء أحد المستفيدين من دم المتبرع يشتكي من عدم مطابقة الفصيلة أو وجود فيروسات أو مرض معين، فإننا نبرز العينة التي يحتفظ بها المركز والمرفقة بوثيقة تتضمن بيانات تم تحديثها أثناء عملية التبرع لكي يخلي البنك مسؤوليته من أي تبعات بعد تسليم المتبرع له الفصيلة، وأن مسؤولية المركز تنتهي بتسليم المتبرع له الدم وأن أي أخطاء تحصل بعد ذلك، فإن هناك أسباب أخرى لا يتحمل المركز ذلك، مع طلبنا بأن تكون عملية المطابقة داخل المركز بين المتبرع والمريض غير أن ذلك لم يتم كون المركز لا يعمل على مدار الساعة نظرا لقلة الكادر وضعف الميزانية.

لقد تم تقديم مقترحات إلى عدد من الجهات المسؤولة بهذا الخصوص ولكن لم يستجب لنا”.
*المطابقة
وأشارت في حديثها لـ«الأيام» إلى أن “عملية مطابقة الدم لابد أن تتطابق مع فصيلة الشخص المتبرع، وهي عملية ليست مكلفة، لكنها تأخذ وقتا طويلا وتحتاج إلى طاقم كبير”.
وتضيف: “طالبنا منذ بداية العمل على تخصيص مدة عمل تستمر 24 ساعة، وموازنة تشمل بند المحاليل لكي نرتب أمورنا بحسب احتياجات المحافظة وماجاورها، لأن خدمتنا تتعدى إطار المحافظة، وهناك من يأتي لنا من المحافظات الشمالية، لذا طالبنا أن يتم توفير لنا عدد كافي من الكادر لتغطية كامل نوبات العمل، ولم نلقَ استجابة، كله ذلك لأن المرفق خدماتي ومجاني”.
وتواصل: “حكاية الدعم الشعبي كلام لا أساس له، ويعد بمثابة قتل بطيء للمواطن، ودعني أوضح لك بعض الأمور، عندما أتت فكرة الدعم الشعبي، قولوا خمسة بالمائة هو قيمة الفحص، فمثلا لو الفحص قيمته مائة ريال، فان المواطن سوف يدفع خمسة ريال، لكن وبالنظر إلى الوضع الحالي فأن نسبة الفحص وصلت إلى خمسمائة في المائة، ما يعني أن يتحمل المواطن وحده زيادة الفحص”.
*ننشد الدعم من المنظمات
تقول مديرة مركز نقل الدم في عدن “الوضع حاليا لم يتغير في المركز، ونحن منذ عشر سنوات وتحديدا من عام 2007 إلى 2017، نسمع حكاية القرار الجمهوري على أنه سيكون هناك خدمات مجانية لنقل الدم، ومازلنا مصرين على تنفيذ القرار، لأن الدم لا يباع وهو يعد شريان الحياة، ولا نستطيع مشاهدة المريض وهو يموت أمام أعيننا”.

وتضيف: “هناك من يموت بسبب الفشل الكلوي، والسرطان، والنزيف المزمن، وهذا يمثل مأساة بحقنا جميعا، لدى ينبغي أن تتوفر خدمات مجانية وكل الطاقم العامل معنا يؤيد على ضرورة تنفيذ ذلك على أن يكون دون مقابل مادي، وتواجهنا صعوبة بتوفير المحاليل ونسعى أحيانا إلى وسيلة (الشحت) لتوفيرها عبر المنظمات دون أن يكون للحكومة أي دور في توفيرها”.
*ناشدنا الحكومة دون جدوى
وبشأن المناشدات التي قدمها المركز للحكومة، قالت: “ناشدنا الحكومة لأننا مازلنا في وضع حرب، وقدمنا موازنة متضمنة، بأهمية توفير كوادر عاملة بهذا المجال وخصصنا في الموازنة مبالغ بحيث تسمح لنا الاستعانة باجراء تعاقد مع موظفين لتفعيل دور المركز بشكل إيجابي”.
*أقسام المركز وتخصصاته
يحتوي المركز على سبعة أقسام، هي : قسم استقبال، وقسم خاص بفحص المتبرعين، وآخر لسحب الدم، وفصائل المطابقة والفيروسات وخاصة مكونات الدم، وكذا قسم خزن وصرف الدم في المستشفيات، ويعمل فيه 16 فنياً بالكاد يستطيعون تغطية نوبة الصباح، وبطبيعة الحال فإن عدد 16 فنيا لا يفي بحاجة سبعة أقسام، منها: قسم الاستقبال، وقسم فحص المتبرعين، وقسم سحب الدم، والفصائل المطابقة، والفيروسات ومكونات الدم، وقسم خزن وصرف الدم في المستشفيات.
وطبقا لحديث مديرة المركز فإنها طالبت بأهمية التركيز على قسم أبحاث الدم، لما يمثله من أهمية بالغة بخلاف بقية الأقسام، لأن هذا سيعطي بُعدا استراتيجيا.
مختتمة قولها: “لا يوجد أبحاث حاليا، بعد أن قدمنا خمسة أبحاث سابقة تم نشرها في المجلات العلمية، وأشرنا فيها إلى اسم الفيروسات ومدى انتشارها، كفيروسات الكبد (C،B)، بالإضافة إلى قيامنا بإجراء بحث عن علاقة فصائل الدم ببعض الأمراض السرطانية، وهناك أبحاث تم استبعادها تتعلق بشرح آثار نقص الدم”.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى