الرصاص الراجع.. خاطف حياة الأبرياء !

> علاء عادل حنش

>
علاء عادل حنش
علاء عادل حنش
يقول عز من قائل: “كنتم خير أمة أُخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر”.. صدق الله العظيم.
إن القضية التي سنتحدث عنها في هذا المقام- المتواضع- تفوق المُنكر بكثير، وتصل إلى درجة القتل العمد؟!.
نعم.. فكيف لا تكون جريمة، وقد راح ضحيتها مئات الأبرياء الذين لا ذنب لهم إطلاقا؟!.
فقد تسللت ظاهرة إطلاق الأعيرة النارية للمُجتمع، وأضحت سائدة كواقع لا يقبل النقاش، ولعل من يفكر بهكذا طريقة لم يذق مرارة أن تفقد ولدك أو أمك أو أخاك أو واباك بسبب رصاصة صغيرة جاءت من السماء لتلتقط هذه الأنفس البريئة.
فالرصاص الراجع أصبح سلعة مُهلكة يتضاعف رواجها في المُجتمع، بل أصبح آفة مُستفحلة، وإرثا مُجتمعيا فاسدا؟!.
وأعظم جملة قرأتُها عن آفة الرصاص الراجع هي التي تقول (في عدن.. من لم يمت بالحرب مات برصاص الأفراح)، وهي فعلًا حقيقة لا يجرؤ احد على نكرانها، فنحن في وضع لا نُحسد عليه، فما كادت الغمة تنقشع عن سماء وطننا بأن وضعت الحرب أوزارها وخرجنا من الحرب إلا وظهرت لنا على الواقع حرب أخرى- حرب من نوع آخر- فيها يقتل الصديق صديقه والأخ أخاه والأب ابنه، ودون دراية ووعي من الجميع، فكلّ من في هذا الوطن أُسرة واحدة.
نعم.. هذا ما يحدث فالواقع ينطق بتألم وبؤس، فالأبرياء الذين لقوا حتفهم أثر الرصاص الراجع أبلغ دليل على واقعنا المأساوي، فكلّ من يمسك بزناد سلاحه ويطلق الاعيرة النارية يظنُ بأنها تصعد للسماء وتعود لمكان نائي دون أن تخلف ضحايا. ولكن- وأقولها بالفم المليان- يجب أن يعلم جميع من يطلق الأعيرة النارية سواء في الأعراس أو غيرها أن طلقاتهم حينما تعود من السماء تخطف معها أرواحا بريئة لم يكن ذنبها إلا أنها كانت إما جالسة أو نائمة في المكان الذي ستسقط عليه الرصاصة الراجعة التي جاءت مهرولة تحمل معها الموت الذي سيخطف أرواح كثير من الأبرياء دون أي إشعار مُسبق، إلا بأن هناك حفل زواج أُقيم في المكان الفلاني، أو بسبب شجار دار بين مسلحين، فكان الضحية هم الأبرياء ولا غيرهم.
ولا يقف الأمر هُنا، فهذا الرصاص الراجع إذا لم يزهق أرواحا فهو بكلّ تأكيد سيضر كثيرا من المنازل، فأما سيكسر نوافذ المنازل أو سيخترق سقوفها، وإذا قدر الله ولم يذهب الرصاص الراجع لكلّ ما ذكرتهُ آنفا، فإني لا أنسى بأن إطلاق الأعيرة النارية يسبب الإزعاج الشدّيد لكلّ الناس، وخصوصا المرضى الذين يرقدون في مستشفيات المدينة، والذين يحتاجون للهدوء والسكون، لكن واقعنا لا يُبشر بالهدوء!.
فلو سمعت يا من تطلق الأعيرة النارية صوت أنين الأُسر التي فقدت أبناءها بسبب الرصاص الراجع لتزلزل قلبك من أنينها.. صوت فيه من العتب واللوم ما يُثقل الجبال الراسية!.
فقد أصبحت آفة الرصاص الراجع العدو اللدود الذي يقضّ مضاجع الأبرياء، ويهدد بقاءهم، وهي الآفة التي جعلت الابتسامة تأفل إلى غير رجعة، وجعلت الفرح يموت إلى الأبد، فهل حان الأوان لأن نفكر بالعقل لا بالقبيلة؟!.
ويبدو جليا غياب دور السلطات المحلية والحكومة في هذه المشكلة، ففي حين نرى أبرياء يتساقطون بفعل الرصاص الراجع، لا نرى أي تحرك في هذا الجانب، بفرض العقوبات الصارمة، أو حتى بالتوعية والإرشاد.
وكذلك غياب دور الأُسرة (الآباء والأمهات) الذين يسمحون لأبنائهم بحمل السلاح بحجة أنهم لا يريدون مضايقة أبنائهم لأن عواطفهم لا تسمح لهم بتجريدهم من السلاح.
وحتى لا تنقلب العواطف إلى عواصف مُدمرة يجب على الآباء والأمهات التعامل بحزم مع أبنائهم، وأن لا يتركوا للعواطف مجالا على حساب أرواح الأبرياء الذين يسقطون كل يوم.
فيجب تكاتف الجميع في وضع العقوبات الرادعة بحق كلّ من يحمل السلاح، بالإضافة إلى نشر الوعي المُجتمعي إزاء استفحال ظاهرة حمل السلاح وإطلاق الأعيرة النارية في الأعراس.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى