مهرجان المؤتمر وخيبة آمال الاطراف الأخرى.. صنعاء.. ماتزال النار تحت الرماد

> تقرير / بليغ الحطابي

> على مدى الأسابيع الأخيرة من تحشيد حزب المؤتمر لمهرجان ذكرى تأسيسه، ظهرت قيادات الحزب المتواجدة بالخارج، وبدأت بلعب دور مؤثر، استطاعت خلاله إقناع السعودية والإمارات (قطبي التحالف العربي) بأن الفرصة مواتية للانقضاض على الحوثيين عبر المؤتمر.
*أوراق التحالف العربي
غازلت دول التحالف الرئيس المخلوع صالح رئيس المؤتمر الشعبي العام عبر تشجيعه ودعوته صراحة لإعلان الانفصال عن الحوثيين من ميدان السبعين، وعملت فضائيات التحالف على الظهور بخطاب وضيوف يدفعون صالح نحو هذه الخطوة، لكن كل ذلك استنفر جماعة أنصار الله الحوثيين فاستطاعت خلال 5 أيام من خطاب زعيمها عبدالملك الحوثي، أن تقلب التوقعات لصالحها، وعلى مدى الساعات اللاحقة لمهرجان المؤتمر، تحول خطاب التحالف العربي وخطاب حزب الإصلاح إلى الهجوم على صالح، ودعاية غير مباشرة للحوثيين الذين حصلوا عليها مجاناً وسيطروا على المشهد.
ففيما كانت الأنظار منذ شهرين موجهة نحو ميدان السبعين، بانتظار خلط الأوراق، إلا أن خطاب صالح وبيان مهرجان أمس الأول الخميس خيب آمال التحالف والتيار المعادي للحوثيين داخل الحزب، لتتجه الأنظار إلى أكثر من 8 ساحات من خمس على مداخل العاصمة، ملأها الحوثيون بعشرات الآلاف من أنصارهم وحلفائهم، باستعراض عسكري وقبلي وسياسي كبير، أما آلاف المقاتلين الذين كانوا يتخرجون من معسكرات التدريب التابعة للحوثيين، بدون أضواء، فخرجوا اليوم من وسط تلك الساحات.
يعلق الصحفي إبراهيم السراجي أنه وبينما كانت دول التحالف تعتقد أن فرصة الانقضاض على الحوثيين متاحة لعدة أسباب بينها أن الجماعة قد استنزفت بالحرب، إلا أنها أثبتت أنها استطاعت الخروج من رماد الحرب أقوى من السابق، وإذا كان تواجدها قبل الحرب مقتصراً على مناطق محددة فإنها اليوم استطاعت الوصول لكل المناطق واستمالت القبائل والمكونات السياسية بشكل لافت.
الإشارات التي أطلقها التحالف وقيادات الإصلاح وحكومة هادي وقيادات المؤتمر بالخارج كلها كانت كافية لإقلاق الحوثيين، حتى خطاب بعض القيادات والنشطاء المؤتمريين بالداخل كانت تصرح بشكل علني بأن ثمة ما يجري إعداده للانقضاض على الحوثيين في 24 أغسطس (أمس الأول).
وعلى إثر ذلك حصنت جماعة الحوثيين وجودها بصنعاء بخمس ساحات في مداخل المدينة، وفرضت إجراءات أمن مشددة ونشرت نقاط تفتيش.
*خمس ساحات
بدلاً من ميدان واحد، أنشأ الحوثيون 5 ساحات أعدت لها في خمسة أيام وجاء الخميس فامتلأت بعشرات الآلاف من أنصار الله وشهدت كل أنواع الاستعراض.
غربي صنعاء في منطقة "الصباحة" خصصت جماعة الحوثيين ساحة لاستقبال القبائل والمقاتلين للعرض الأخير قبل الالتحاق بالجبهة واستقبلت القوافل الغذائية والمالية لمقدميها القادمين من محافظات (حجة – المحويت – الحديدة) والمديريات الواقعة غرب صنعاء وهي مديريات (آزال – التحرير – الصافية – الوحدة).
على نفس المنوال، شهدت الساحة الثانية (ساحة الرسول الأعظم) جنوبي صنعاء احتشاد عشرات الآلاف القادمين من محافظات (تعز – إب – البيضاء – ذمار – ريمة – مارب – المحافظات الجنوبية)، ومديريات محافظة صنعاء الجنوبية (خولان الطيال – سنحان وبلاد الروس) ومديريات أمانة العاصمة (السبعين – صنعاء القديمة).
الساحة الثالثة في منطقة بيت أنعم بمديرية همدان استقبلت أنصار الحوثيين في المديرية ومحافظتي صعدة وعمران ومديرية معين بالعاصمة.
هناك وصلت أكثر من 5 آلاف سيارة تقل مقاتلين جدد ومرافقيهم من ذويهم وآلاف السيارات التي أقلت أنصار الجماعة من المناطق التي حدد أن تتوافد إلى همدان.
في الساحة الرابعة (ساحة بني الحارث) أقيمت المخيمات في منطقة الرحبة لاستقبال الوافدين من الجوف ومديريات محافظة صنعاء (أرحب – نهم – بني حشيش) ومديريات الامانة (شعوب – الثورة).
وفي شارع المطار تحول الشارع إلى ساحة اكتظت بآلاف النساء المنتميات لجماعة الحوثيين والتيارات السياسية المتحالفة معهم.
*استعراض عسكري
بين كل ذلك، نظمت جماعة الحوثيين استعراضاً عسكرياً في ذات يوم مهرجان المؤتمر، كتحدٍ لحزب صالح ومن احتشدوا بمئات الأطقم العسكرية التي تحمل شعار الجماعة وصور زعيمها عبدالملك الحوثي على متنها قوات يبدو أنها خاصة، عبرت من ميدان السبعين عقب مهرجان المؤتمر وتوجهت في نهاية المطاف إلى ساحة الرسول.
في العرض العسكري أوصلت الجماعة رسالة بأن وجودها في مختلف جبهات القتال لا يعني أنها استنفدت كل قواتها وباتت عرضة لانقلاب ما فأظهرت جاهزيتها بقوات أمنية وعسكرية في مناطق سيطرتها بما فيها صنعاء، لتؤكد أنها تخرج من الحرب رابحة وليست ضعيفة.
* اتهامات الحلفاء
وظهر إلى العلن انشقاق بين صالح والحوثيين بعدما اتهمه هؤلاء بـ"الغدر"، مؤكدين أن عليه تحمل تبعات وصفه لهم بـ"الميليشيا"، إضافة إلى تبادل اتهامات بالفساد وسرقة المال العام.
وقال تلفزيون "المسيرة" التابع للحوثيين أمس الأول الخميس إن النائب العام أحال بلاغا ضد عدد من قيادات حزب المؤتمر الشعبي العام، التحقت بصفوف التحالف، إلى النيابة الجزائية المتخصصة.
*حشد صالح
وحشد الرئيس السابق علي عبدالله صالح أنصاره من كافة أنحاء البلاد إلى صنعاء في استعراضٍ للقوة. وظهر صالح متحدثاً لأنصاره الذين حضروا بعشرات الالآف، مبدياً استعداده لرفد الجبهات بعشرات الآلاف من المقاتلين ممن تم تدريبهم عسكرياً وموجودين في بيوتهم، مقابل العتاد والرواتب، حد قوله.
وتجنب الرئيس السابق في كلمته انتقاد حلفائه الحوثيين، وتحدث عن شعبية الحزب وقال إنه يتعرض للمؤامرات منذ عام 2011م.
وفي بيان للحزب في التظاهرة قال إنه سيقيم الشراكة مع الحوثيين، "وفيما يتعلّق بالاتفاق السياسي مع أنصار الله ومرور عام من الشراكة في المجلس السياسي وحكومة الإنقاذ الوطني، فإن المؤتمر الشعبي العام عازم على تقييم مسار علاقات الشراكة والالتزام بأسس ومضامين الاتفاق السياسي الموقّع يوم الـ28 من شهر يوليو 2016م".
*رسالة الشعب الحوثي
وحسب مشاركين في ميدان السبعين مع صالح، تحدثوا لـ"الأيام"، فإن الحشد رسالة للحوثيين بوقف تهجمهم على الحزب، وعلى زعيمه. لكن عدداً آخر أبدوا إحباطاً مع تطرق الحزب إلى ما وصفوها "تجاهل للمظالم" التي يعاني منها أنصار الحزب من قبل الحوثيين في المحافظات التي قَدموا منها.
وأشاروا إلى المشرفين الحوثيين وقياداتهم ومحاولات إسكاتهم واختطاف ذويهم.
ورفع المشاركون في حشد صالح الأعلام الوطنية وشعارات الحزب، إلى جانب صور "صالح" ونجله الأكبر أحمد المتواجد في أبوظبي.
وأقام الحوثيون عِدة نقاط تفتيش في مداخل العاصمة ووسطها واعترضوا طريق أنصار "صالح" كما مارسوا استفزازات على بعضهم واعتقالات الصحفيين وناشطين للمؤتمر اثناء عودة أنصاره لمناطقهم وقراهم.
* حشد الحوثيين
حشد الحوثيون منذ مساء الأمس أنصارهم إلى عِدة ساحات، في ساحة اعتصام الصباحة (غرب) وساحة اعتصام الرسول الأعظم بـ سنحان خط المئة (جنوب)، وساحة بني الحارث (شرق) وساحة همدان (شمال) وكذلك المحافظات الأخرى.
ودخل الحوثيون محملين بالأسلحة الرشاشة والمدرعات العسكرية والدوريات، كما أفاد مراسل في "الصباحة" أن كلمات للحوثيين وشعارات دعت إلى استهداف "صالح" شخصياً.
ونقل تلفزيون المسيرة عن محمد علي الحوثي رئيس ما تسمى باللجنة الثورية "أنه لا يمكن لساحات الصد والوفاء والبذل والتضحية المساومة أو التراجع". في إشارة إلى حليفهم "صالح"، وقال التلفزيون إن الحوثي ألقى كلمته في الساحات، وقال: "سنساند جبهاتنا بكل ما أوتينا من قوة".
*خيبة أمل
مهرجان المؤتمر وما صدر عنه خيب آمال دول التحالف من خلال دعوة مسؤولين لاتخاذ موقف ضد الحوثيين، وظهرت خيبة الأمل على وسائل الإعلام الخليجية التي استضافت شخصيات وصفت صالح بالجبان بعدما كالت المديح له على مدى الأيام الماضية.
خيبة الأمل امتدت لبعض قيادات ونشطاء المؤتمر وقيادات أخرى معادية للحوثيين، والذين أظهروا خيبة أملهم وغضبهم من البيان الصادر عن المهرجان والذي لم يلب توقعاتهم.
وفي ظل تصاعد حدة الخلافات والتعنت بين نقيضي حكومة صنعاء يبدو أن لا تحسن في العلاقة وستبقى قنبلة موقوتة وعلى وشك الانفجار.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى