في عالم من الأزمات لا تزال اليمن بارزة

> واشنطن «الأيام» بي إيشان ثارور

> سبتمبر كان بالفعل شهر صعب. فخلال الأسبوع الماضي، اجتاحت الفيضانات الكارثية تكساس، ودخلت موجة غير مسبوقة من اللاجئين الى بنجلاديش، وارسلت تجربة نووية هزات فى جميع انحاء اسيا، وحطم اعصار متوحش منطقة الكاريبى. ولكن في خضم كل هذه الأزمات، فكر في حالة طوارئ قد طالت لسنوات، ناهيك عن أشهر، دون نهاية في الأفق.
إن الصراع في اليمن، الدولة الأكثر فقرا في العالم العربي، هو كارثة بأي مقياس. وقد اشتعل منذ عام 2014، عندما استولى المتمردون المعروفون باسم الحوثيين على العاصمة صنعاء وأرسلوا حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي إلى المنفى.
في عام 2015، دخل التحالف الذي تقوده السعودية في المعركة في صف هادي وشرع في حصار مدمر، فضلا عن حملة لا هوادة فيها من الضربات الجوية. في حين أن الحوثيين فقدوا الأرض، فإنهم لا يزالون متمركزين في أجزاء من البلاد، بما في ذلك صنعاء.
وقد أدى عدم التوصل إلى حل سياسي إلى تكلفة باهظة: فقد قتل أكثر من 10 آلاف شخص، وما زال أكثر من مليوني شخص مشردين في مخيمات مؤقتة أو ملاجئ، وقرابة 20 مليون يمني - أي أكثر من ثلثي سكان البلاد - يواجهون انعدام الأمن الغذائي ويحتاجون إلى مساعدات إنسانية. وذكرت وكالات الاغاثة ان حوالى 7 ملايين شخص على حافة المجاعة.
وعلاوة على ذلك، يعاني اليمن ما أطلق عليه اسم "أسوأ أزمة للكوليرا في العالم"، حيث تضرر أكثر من 600،000 شخص من جراء وباء اندلع خلال الصيف وتوسع إلى ما هو أبعد من توقعات المنظمات الدولية. وقد قتل هذا المرض ما لا يقل عن 2000 يمني.
وكان زميلي سودارسان راجافان قد أبلغ الشهر الماضي عن حجم كارثة الصحة العامة: "بدأ انتشار المرض سريعا في نهاية أبريل، مدفوعا بسوء المرافق الصحية ومحدودية الوصول إلى المياه النظيفة لملايين اليمنيين، وعلى الرغم من تباطؤ انتشاره في بعض المناطق، تسرع في مناطق أخرى، مما تسبب في إصابة ما يقدر ب 5000 شخص يوميا ". "كل هذا مع انهيار النظام الصحي بشكل أكبر، وقد أدت الغارات الجوية التي قام بها التحالف الذي تقوده السعودية ضد المتمردين الحوثيين إلى تدمير أو تعطيل أكثر من نصف مرافق الصحة اليمنية، وأدى نقص الأموال إلى إجبار مرافق أخرى على الإغلاق".
يواجه اليمنيون حربا وحشية تقوم بها مجموعة من الفصائل الانتهازية والانهيار المتزامن للدولة الهشة في البلاد. عدد لا حصر له من الموظفين المدنيين والمعلمين والمهنيين المدربين يجدون أنفسهم خارج العمل ويائسون لتوفير قوت أسرهم.
وقال محمد حسن، الذي قابلته صحيفة فاينانشيال تايمز وهو يبيع الآيس كريم في صنعاء "لدي شهادة البكالوريوس في الرياضيات ودبلوم في اللغة الإنجليزية، ولكن الشهادات لا يمكن أن توفر لي الطعام". "عائلتي أكثر حظا من غيرها، حيث أتمكن من كسب عيشهم، وهناك العديد من الأسر التي تجوع حتى الموت".
وفي الوقت نفسه، تكافح منظمات الإغاثة من أجل جلب الإمدادات عبر الموانئ المحاصرة من قبل التحالف الذي تقوده السعودية. وقد أدى ذلك إلى الغضب بين كبار الشخصيات الذين يحشدون عملية الإغاثة. وقال ديفيد بيسلي، المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي، لرويترز: "على المملكة العربية السعودية أن تمول 100٪ من احتياجات الأزمة الإنسانية في اليمن". وأضاف :"إما أن توقف الحرب أو تمول الأزمة، والخيار الثالث هو أن تفعل الاثنين معاً".
ثم هناك البعد الخارجي للصراع. حيث تغذى الحملة السعودية بالأسلحة التي تشتريها من حكومات الغرب، بما في ذلك بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية.
وقال كاتي رايت، رئيس منظمة "أوكسفام"، عن أزمة الكوليرا في بيان الشهر الماضي: "هذه ليست كارثة عرضية - إنها كارثة من صنع الإنسان تقودها السياسات الوطنية والدولية". وأضافت: "في دعم هذه الحرب بمليارات الدولارات من مبيعات الأسلحة والدعم العسكري فإن الولايات المتحدة والمملكة المتحدة متواطئان في معاناة الملايين من الناس في اليمن".
يتهم السعوديون عدوهم الإقليمي إيران بدعم الحوثيين، لكن النقاد يؤكدون أن الاتهام يبالغ في مدى تأثير طهران في اليمن ويحجب دور القوى الاخرى بما فيها الميليشيات الموالية للرئيس المخلوع علي عبد الله صالح. ويقولون إن الصراع كان دائما حربا عصبيات من الإقطاعيات المتنافسة.
هذا الأسبوع، وجد تقرير من مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أنه من بين 5،444 من الضحايا المدنيين الذين عانوا منذ مارس 2015 - عندما دخلت المملكة العربية السعودية الحرب - يمكن أن يعزى ما لا يقل عن 3233 من الوفيات، بما في ذلك أكثر من 1000 طفل، إلى قوات التحالف.
وقال زيد رعد الحسين المفوض الاعلى لحقوق الانسان في الامم المتحدة في وقت سابق من هذا الاسبوع ان "تحفظ المجتمع الدولي في المطالبة بالعدالة لضحايا النزاع في اليمن مخجل، ويسهم بطرق عديدة في استمرار الرعب". ، وحث جميع الأطراف على السماح بإجراء تحقيق مستقل في الانتهاكات المزعومة وانتهاكات حقوق الإنسان.
وتعليقا على تعليقات مسؤول الامم المتحدة، رفضت السلطات السعودية ادعاءات التقرير.
وقال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير لـ"سكاي نيوز" "لقد دعينا الامم المتحدة الى المجيء ومناقشة التقرير معنا، ودعونا الأمم المتحدة للحضور والاطلاع على الكيفية التي نختار بها أهدافنا وكيفية القيام بعملياتنا" وأضاف "أن المجهود الحربي الذي تقوم به بلاده كان ناجحا، وكان على عاتق الحوثيين التوصل إلى اتفاق".
وقال الجبير: "ينظر الناس إلى هذا الأمر ويقولون أن هذا الأمر قد طال أمده، ومن وجهة نظرنا كل يوم طويل جدا، لكن الأمر لا يعود إلينا، بل يعود للحوثيون أنفسهم".
لكن الاستسلام الحوثي ليس بالامر الوارد.و يقول مايكل ديمبسي في مجلس العلاقات الخارجية: "إن السخرية الحزينة للصراع هي أن كل طرف من الأطراف المتحاربة يعتقد أن الوقت يقف إلى جانبهم". وأضاف "بالنسبة للشعب اليمني فان الوقت ينفد".
*عن الواشنطن بوست

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى