أكثر من 400 ألف من الروهينجا عبروا إلى بنجلاديش

> كوكس بازار «الأيام» ا.ف.ب

> ارتفعت اعداد الروهينغا الذين عبروا إلى بنغلادش هربا من العنف في بورما عشرة آلاف خلال الساعات الـ24 الماضية، حسبما أعلنت الأمم المتحدة الخميس، في حين اتخذت السلطات البنغلادشية اجراءات قضائية بحق مواطنين دينوا باستغلال اللاجئين بطلب نحو مئة دولار مقابل نقلهم بقوارب عبر الحدود في رحلة تكلف عادة 50 سنتا.
ووسط انعدام الانفراج في الأزمة التي استدعت إدانات دولية، قال المتحدث باسم المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة، جوزيف تريبورا، لوكالة فرانس برس إن عدد الروهينغا الذي عبروا إلى بنغلادش منذ 25 اغسطس بلغ 389 ألفا بحلول الخميس بينما قدرت الحكومة الاعداد باكثر من 400 الف.
وتتوالى المناشدات لمستشارة الدولة البورمية أونغ سان سو تشي لاتخاذ موقف للدفاع عن الأقلية فيما دقت وكالات أممية ناقوس الخطر بشأن الأوضاع التي يعيشها الروهينغا الذين فروا اثر حملة للجيش في ولاية راخين في غرب بورما التي يهيمن عليها البوذيون.
وسار العديد من أفراد الأقلية عبر التلال والأدغال لأيام قبل الوصول إلى الحدود مع بنغلادش حيث واجهوا استغلالا من نوع آخر بفرض أسعار مبالغ فيها لكرسي على متن قارب يقطع نهر ناف الفاصل بين البلدين.
وقال مسئولون الخميس إن قضاة بنغلادشيون يديرون محاكم متنقلة في بلدة كوكس بازار الحدودية والمناطق المجاورة باشروا إصدار أحكام قضائية يبلغ أقصاها ستة اشهر سجنا بحق اصحاب قوارب وقرويين.
وقال المسؤول الحكومي في بلدة تكناف، زاهد حسين صديق، لفرانس برس “تمكنا حتى الآن من ادانة نحو 150 شخصا”.
وأضاف “صدرت أحكام بالسجن مدة ستة أشهر بحق العديد من هؤلاء مباشرة بعد إدانتهم” دون أن يحدد عدد الذين تم حبسهم.
وأفاد مراسل فرانس برس المرابط قرب النهر أن مشغلي القوارب يطلبون من اللاجئين قرابة مئة دولار لرحلة مدتها بين 10 إلى 30 دقيقة تبلغ كلفتها في الأحوال العادية أقل من 50 سنتا.
وقالت مؤمنة بيغوم، أم لخمسة أطفال من الروهينغا تبلغ من العمر 35 عاما، لفرانس برس “استولى مالك القارب على آخر فلس لدينا من أجل العبارة. نريد الذهاب إلى المخيم الآن ولكن لم يبق بحوزتنا أموال”.
وجلست المراة مع أطفالها قرب طريق سريع يمر بجانب الشاطئ في تكناف، وباتوا غير قادرين على الوصول إلى مخيمات اللاجئين الواقعة على بعد عشرة كيلومترات من الحدود.
أما نادرة بانو (19 عاما) التي تزوجت العام الماضي وباتت الآن أرملة فأكدت “هدد ملاك القوارب برمينا في البحر إذا رفضنا تسليمهم مقتنياتنا الثمينة”.
وقالت “تخليت من أجل الهرب عن آخر تذكار من زوجي - قلادة من الذهب أهداني إياها يوم زفافنا”.
واشارت تقارير إعلامية عن احتجاز “ملاك القوارب والوكلاء الروهينغا لساعات في القرى الساحلية بانتظار الحصول على مبالغ كبيرة مقابل الرحلة”.
ويتهم الروهينغا الذين يعيشون في مخيمات للاجئين في بنغلادش بالمشاركة في استغلال الوافدين.
وادى تدفق الروهينغا الى ارهاق بنغلادش التي تعمل جاهدة لمساعدة اللاجئين الجائعين والمنهكين الذين يشكل الأطفال 60 بالمئة منهم.
*كسر الصمت
وأثارت الأزمة التي بدأت مع عملية للجيش البورمي حملة قمع في 25 اغسطس مخاوف دولية حيث كسر مجلس الأمن الدولي الاربعاء أخيرا صمته الذي استمر لأسابيع داعيا إلى انهاء العنف.
واعتبر الامين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أن الحملة العسكرية التي تشنها السلطات البورمية ردا على اعتداءات نفذها مسلحون من الروهينغا ترقى إلى تطهير عرقي.
وأعربت الدول الـ15 في المجلس عن قلقها ازاء العمليات الأمنية في راخين ودعت إلى اتخاذ “خطوات فورية” لوقف العنف في بورما.
وكانت هذه المرة الأولى التي يتفق فيها المجلس على موقف موحد حيال الأزمة.
ويعاني أفراد الروهينغا البالغ تعدادهم 1.1 مليون شخص منذ سنوات من التمييز في بورما، حيث حرموا من الجنسية رغم اقامتهم منذ اجيال في البلاد.
وكان المتحدث باسم سو تشي أكد أن الزعيمة البورمية لن تحضر اجتماع قادة العالم السنوي في الأمم المتحدة الأسبوع المقبل، من المتوقع ان يسلط الأضواء على معاناة الروهينغا.
ولكنه أشار إلى أن مستشارة الدولة الحائزة على جائزة نوبل للسلام لنضالها الطويل في مجال حقوق الإنسان وتواجه انتقادات حادة لتقاعسها في حل الأزمة، ستلقي خطابا الأسبوع المقبل عن السلام والمصالحة في بورما.
ولا تملك سو تشي، الحاكمة المدنية الأولى لبورما منذ عقود، أي سلطة على مؤسسة الجيش التي أدارت البلاد لخمسين عاما.
ولا يحظى الروهينغا بكثير من التعاطف في أوساط الغالبية البوذية في بورما، الذين يلقبونهم بـ“البنغاليين” في إشارة إلى أنهم مهاجرون غير شرعيين.
وروى الروهينغا الواصلون إلى بنغلادش قصصا مروعة عن جنود يطلقون النار على المدنيين ويجرفون قرى بأكملها في راخين بمساعدة عصابات من البوذيين، في اتهامات ينفيها الجيش.
وفي رسالة موجّهة إلى مجلس الأمن الدولي، دعا 12 من الحائزين على نوبل للسلام الأمم المتحدة إلى “التدخل فورا وباستخدام جميع الوسائل المتاحة” لإنهاء “الجرائم ضد الإنسانية” في راخين.
من جهتهم، نفى مسلحو الروهينغا الذين أثارت هجماتهم الحملة الشهر الماضي أن تكون لديهم أي ارتباطات بالمجموعات الإرهابية العالمية، بعد أيام على دعوة وجهها تنظيم القاعدة الى المسلمين لنصرتهم.
وتصر حركة “جيش انقاذ روهينغا أراكان” على أنها تحاول الدفاع عن الأقلية من حملة الاضطهاد التي عانت منها طويلا.
وتوجهت رئيسة وزراء بنغلادش السبت الى نيويورك حيث ستدعو أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى التضامن الدولي مع بلدها بعد توافد أكثر من 400 ألف من أقلية الروهينغا المسلمة إلى جنوب البلاد هربا من بورما المجاورة.
ففي ثلاثة أسابيع تحول جنوب بنغلادش إلى أحد أضخم مخيمات اللاجئين في العالم مع توافد لاجئي الروهينغا الفارين من غرب بورما المجاورة ما أدى إلى تدهور الوضع الانساني وسط صعوبات في تنظيم المساعدات.
وأعلن الجهاز الاعلامي لرئيسة وزراء بنغلادش الشيخة حسينة واجد السبت انها ستسعى في نيويورك كذلك إلى “دعوة المجتمع الدولي والامم المتحدة الى الضغط على بورما لإعادة جميع اللاجئين الروهينغا إلى ديارهم”.
وسبق ان نددت الامم المتحدة بـ“تطهير عرقي” تشنه بورما التي يشن جيشها عملية انتقامية واسعة النطاق ادت إلى فرار هؤلاء المدنيين بأعداد هائلة، ردا على هجمات لمتمردين من الروهيغا في 25 اغسطس.
ووصل الى بنغلادش أكثر من 409 آلاف لاجئ، بحسب المفوضية العليا للاجئين.
وفي باريس، تجمع مئات الأشخاص السبت مطالبين بوقف أعمال العنف التي يقوم بها الجيش البورمي تجاه المسلمين الروهينغا وتدخل المجتمع الدولي لحماية هذه الأقلية.
ورفع ما بين “600 و700” شخص، حسب ما قال منظمو التظاهرة، في ساحة تروكاديرو في وسط العاصمة الفرنسية، لافتات كتب عليها “أوقفوا قتل المسلمين في بورما” وأخرى طالبت الزعيمة البورمية أونغ سان سو تشي الحائزة جائزة نوبل للسلام، بالخروج عن صمتها وإلا منحها “جائزة نوبل للمذابح والكراهية”.
وفي كوكس بازار حيث تتركز أعداد اللاجئين تنتشر المخيمات العشوائية على مساحات شاسعة. وتخشى الامم المتحدة والهيئات الانسانية الدولية ان تخرج الأوضاع عن السيطرة.
وأعلن جوزيف تريبوا من المفوضية العليا للاجئين في الامم المتحدة لوكالة فرانس برس ان موجة النزوح مستمرة وتجاوزت السبت 400 الف لاجئ. وقال “تشير تقديراتنا الى وصول 409 الاف لاجئ من الروهينغا الى بنغلادش منذ 25 اغسطس”.
وقالت المتحدثة باسم منظمة اليونيسيف الاممية للاطفال ماريكسي ميركادو ان “الحاجات لا تحصى ومعاناة الناس تتفاقم”.
والسبت بدأت منظمة الصحة العالمية حملة تلقيح خصوصا ضد الحصبة والحصبة الالمانية، للاطفال الذين يشكلون 60 % من اللاجئين.
وتتدافع حشود هائلة يوميا لمحاولة الحصول على ملابس او اغذية يلقيها من أعلى شاحنات مساعدات متطوعون بنغلادشيون.
وأعربت سونابهان، الارملة البالغة 44 عاما ووالدة اربعة اطفال، عن سعادتها للتمكن من التقاط كيس من الارز ألقاه المتطوعون، فيما تعود في بعض الايام بلا طعام.
وقالت لوكالة فرانس برس ان “عدد الناس يفوق كميات الطعام، لذلك تسود الفوضى... الأقوى يركضون إلى الشاحنات ويحصلون على الطعام. لكن الأمر أكثر صعوبة للنساء والأطفال”، فيما لا تزال المساعدات الدولية تواجه صعوبات في الوصول إلى جميع اللاجئين.
وأوضحت اللاجئة جوناث ارا “هربنا لكن لم يكن لدينا ما نأكل، ولا حتى الارز”، وقد تمكنت بعدها من الاستفادة من مطعم أقامته منظمة “العمل ضد الجوع” (اكسيون كونتر لا فان)، يقدم فيه طبق أساسه الارز.
*تدافع على المساعدات
لكن المساعدات ما زالت قليلة، وكلما وصلت شاحنة لتوزيع الماء او الطعام او الملابس يتدافع الحشد اليائس نحوها.
وأعلنت منظمات تابعة للأمم المتحدة وجمعيتان غير حكوميتين أن “طفلين وامرأة قضوا في حادثة التدافع” خلال عملية توزيع ملابس.
واوضحت المتحدثة باسم المفوضية العليا للاجئين في الامم المتحدة فيفيان تان التي زارت الموقع ان حكومة بنغلادش تحاول تنظيم نقاط التوزيع.
وأشارت الى ان التوزيع العشوائي “يعكس كرم البنغلادشيين لكنه يثير المخاوف بشأن امن اللاجئين” الذين يتعرضون لخطر الدهس اثناء تحرك الشاحنات.
كما ان توزع اللاجئين “في مواقع ومخيمات ومواقع بناء عشوائية وقرى يضاعف من صعوبات الوصول اليهم بشكل منصف”، بحسبها.
لكن الاوامر التي أصدرتها الحكومة للجيش بتنظيم المساعدات بدأت تنعكس ميدانيا، وسينقل الجنود المساعدات الواردة إلى مطار كوكس بازار كما سيباشرون بناء مخيم جديد سيشمل عند انتهائه بعد 10 ايام 14 الف وحدة سكنية كفيلة باستقبال 400 الف لاجئ.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى