استفتاء كردستان العراق وسيلة ضغط على بغداد أكثر منه سعيا للانفصال

> اربيل «الأيام» ا.ف.ب

> يصوت أكراد العراق في الخامس والعشرين من سبتمبر في استفتاء مرتقب حول الاستقلال، لكن الخبراء يعتبرونه وسيلة ضغط لإعادة التفاوض مع بغداد حيال حصة الأكراد الاقتصادية والسياسية أكثر منه بداية لتقسيم البلاد.
وعلى الفور، تعالت الدعوات الخارجية إلى إلغاء عملية التصويت هذه. كما ان المحكمة الاتحادية العليا، أعلى سلطة قضائية في العراق، أمرت الاثنين بوقف الاستفتاء “لعدم دستوريته”.
وتقلق عملية الاستفتاء واشنطن التي ترى أن الاستفتاء يشكل عائقا أمام جهود الحرب ضد التنظيم.
وفي مسعى لإرجاء الاستفتاء، قدمت الولايات المتحدة ودول أخرى مساء السبت “مشروعا” لبارزاني، يتضمن مقترحات لـ“بدائل” عن الاستفتاء.
وتعهد رئيس الإقليم بالرد سريعا على المقترحات، لكن يبدو أنه قرر مواصلة الضغط لتعزيز موقعه التفاوضي مع بغداد ومعارضيه على حد سواء.
ففي كردستان، لا يناقش الناخبون والسياسيون فكرة الدولة إذ أن الاستقلال حلم للجميع، بل إن الاختلاف هو على الموعد والجدول الزمني، الذي يهدف وفقا لهم، إلى إبقاء بارزاني في السلطة، رغم انتهاء ولايته منذ عامين.
بدوره، دعا الامين العام للامم المتحدة أنتونيو غوتيريش الأحد اكراد العراق للعودة عن قرار تنظيم الاستفتاء مطالبا القادة العراقيين على اختلافهم بمعالجة هذه المسألة “بصبر وبضبط النفس”.
وتوجه وزير الدفاع البريطاني مايكل فالون الاثنين الى اربيل لتكرار موقف لندن المعارض لاجراء الاستفتاء.
كما ان وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان اعتبر الاثنين ان الاستفتاء سيشكل “مبادرة غير مناسبة”، داعيا إلى حوار بين بغداد واقليم كردستان.
*أزمة إقتصادية
تعرب دول أخرى مثل تركيا، عن قلقها إزاء فكرة أن أربيل تثير النزعات الانفصالية لدى الأقلية الكردية على أراضيها، ما دفع بها إلى تحذير كردستان العراق إلى أن هناك “ثمنا” ستدفعه في حال فوز معسكر الـ“نعم”. وكان بارزاني أشار إلى أن تلك النتيجة لا تعني إعلان الاستقلال، بل بداية “محادثات جدية” مع بغداد.
ويوضح كريم باكزاد من معهد العلاقات الدولية والإستراتيجية (إيريس) لوكالة فرانس برس أن “مسعود بارزاني يريد الحصول على مزايا شاملة” في حين لا يزال هناك الكثير من القضايا الشائكة.
ويضيف المختص بالشأن العراقي أن بارزاني يطالب “بدور سياسي واقتصادي أكبر والاعتراف بحق الأكراد في استغلال النفط وتصديره من الشمال”. ويأمل رئيس الإقليم من مساعدة أكبر من الولايات المتحدة، خصوصا في الشق العسكري.
يشير المدرس نوزاد محمد في السليمانية لفرانس برس إلى أن حكومة الإقليم، ومنذ أشهر، “تؤكد أنها تعيش في أزمة” وقامت بتخفيض رواتب الموظفين.
ويضيف “كنت أتقاضى مليونا ومئتي ألف دينار عراقي شهريا (860 يورو تقريبا)، والآن لا يصلني إلا 400 ألف دينار”.
وبالتالي، فإن أولوية أربيل هي إعادة التفاوض، من موقع قوة، على “دفع حصة كردستان في الموازنة الوطنية، والتي تم حظرها حاليا بسبب تصدير النفط من جانب واحد من قبل الإقليم دون المرور عبر بغداد، كما وميزانية البشمركة”، بحسب ما يرى باكزاد.
والقضية الكبيرة الأخرى، هي المناطق المتنازع عليها بين أربيل وبغداد، بما فيها من ثقل ديموغرافي للعرب والأكراد.
وقد وسعت كردستان بالفعل أراضيها، وسيطرت قوات البشمركة على مناطق خارج حدودها بالاستفادة من تراجع الجهاديين في الشمال.
*«حرب أهلية»
وفي تلك المناطق، حيث خلفت المعارك ضد تنظيم الدولة الإسلامية أعدادا كبيرة من القوات شبه العسكرية الشيعية والكردية والسنية والتركمانية، فإن شبح الطائفية والاشتباكات بين الأقليات تبرز من جديد.
وتتجه الأنظار حاليا إلى كركوك، المحافظة الغنية بالنفط التابعة لبغداد، حيث تجتمع كل العناصر التي يمكن أن تفجر الوضع.
وقد قرر مجلس المحافظة التي تضم أقليات عدة، شمولها بالاستفتاء المرتقب. وفي المقابل، أقالت بغداد المحافظ الكردي نجم الدين كريم، الذي يرفض ترك منصبه.
وتدور شائعات في المحافظة، مفادها أن جميع المكونات فيها بدأت بعملية التسلح، فيما يتأهب عدد كبير من القوات شبه الحكومية في أنحاء البلاد، في إطار الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية.
وحذر هادي العامري، الأمين العام لمنظمة “بدر” المنضوية في الحشد الشعبي، من أن استفتاء إقليم كردستان قد يجر إلى “حرب أهلية”، داعيا الجميع إلى منع التداعيات السلبية للاستفتاء.
وطافت على السطح التناقضات بين الأحزاب السياسية الكردية.
وفي هذا الإطار، يقول المتحدث باسم الجماعة الإسلامية المقربة من إيران في السليمانية ريبوار خضر لفرانس برس إنه “قبل الاستفتاء، يجب تنشئة الظروف الداخلية الكردية، وبدء حوار جدي مع دول الجوار كي تقوم بمساندتنا”.
ويؤكد مسئولون أكراد عدة لفرانس برس أن أساس هذا الاستفتاء ليست نتيجته، بل نسبة المشاركة فيه، مشيرين إلى أنه إذا لم تلامس تلك النسبة عتبة الـ70 في المئة، يعتبر ذلك فشلا.
وبعد رفض مجلس النواب العراقي مرتين اجراء الاستفتاء، اصدرت المحكمة الاتحادية العليا الاثنين قرارا بوقفه في الاقليم الذي يتمتع بحكم ذاتي “لعدم دستوريته”.
ولم يصدر على الفور اي رد فعل من بارزاني الذي دعا لاجراء الاستفتاء وتحدى رفض بغداد ودول جوار العراق تركيا وايران اضافة الى حلفائه الغربيين.
ومن المتوقع وصول وفد من الاقليم الى بغداد الثلاثاء لاجراء محادثات مع رئيس الوزراء قبل مغادرته الى نيويورك للمشاركة في جلسات الجمعية العموية للامم المتحدة.
من جهته، اعلن وزير الدفاع البريطاني مايكل فالون انه سيتوجه بعد ظهر الاثنين الى اربيل في محاولة لاقناع بارزاني بالتخلي عن الاستفتاء المقرر اجراؤه في 25 سبتمبر الحالي.
وقال فالون خلال مؤتمر صحافي في بغداد “ساكون بعد الظهر في اربيل لاقول لمسعود بارزاني باننا لا نؤيد الاستفتاء. نحن ملتزمون بسلامة العراق والعمل مع الامم المتحدة من اجل (بحث) بدائل عن الاستفتاء”.
وتدعم واشنطن والأمم المتحدة مقترحا يقضي بالعدول عن الاستفتاء في مقابل المساعدة على التوصل إلى اتفاق شامل حول مستقبل العلاقات بين بغداد وأربيل خلال مدة أقصاها ثلاث سنوات.
واسرائيل هي البلد الوحيد الذي اعلن بشكل صريح دعمه استقلال كردستان.
*الاستفتاء
يرى خبراء ان الاستفتاء يهدف بالاساس الى ممارسة ضغوط على بغداد لانتزاع تنازلات بخصوص النزاع حول النفط والتمويل.
الا ان العبادي كرر باستمرار استعداده للحوار مع بارزاني، لكنه صعد لهجته في الايام الاخيرة قائلا انه على استعداد “للتدخل عسكريا” في حال وجود تهديد خصوصا من قوات البشمركة.
يذكر ان سلطات اقليم كردستان قامت بتوسيع مجال سيطرتها مع تمركز قوات البشمركة في مناطق خارج حدودها بعد استيلاء الجهاديين على الموصل.
وقد صوتت محافظة كركوك الغنية بالنفط التي تتنازع عليها بغداد واربيل، للمشاركة فى الاستفتاء في تحد للسلطات الفيدرالية.
ردت الحكومة بإقالة محافظ كركوك الكردي الذي رفض التخلي عن منصبه. وهناك تقارير تفيد بقيام مكونات المحافظة من اكراد وعرب وتركمان بتخزين الأسلحة.
بدورها، اعربت تركيا عن قلقها حيال ان يؤدي الاستفتاء الى اثارة احلام انفصالية في اوساط اكرادها، وهددت اربيل بدفع “الثمن” في حال الانفصال عن العراق.
واعلن الجيش التركي الاثنين ان قواته بدات مناورات عسكرية بمشاركة دبابات قرب الحدود العراقية.
يشار الى ان اقتصاد إقليم كردستان يعتمد بشكل كبير على صادرات النفط من خلال خط أنابيب يمر عبر تركيا إلى البحر الأبيض المتوسط.
من جهتها، حذرت ايران حيث توجد اقلية كردية كبيرة، الاحد من ان استقلال لاقليم سيعنى انهاء كافة الترتيبات الحدودية والامنية مع حكومته.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى