عضو مجلس القضاء الأعلى رئيس محكمة الاستئناف في الشعبة الجزائية الأولى بعدن القاضي فهيم عبدالله محسن لـ«الأيام»:هناك قضاة فاسدون ونسعى لتطهير القضاء من هذه العناصر

> حاوره / رعد الريمي

> القضاء في العاصمة عدن بدأ يتعافى، وبدأت المحاكم مزوالة عملها في قضايا جنائية عدة، ما يبشر بعودة قوة القانون وسطوة العدالة التي تميزت بها هذه المدينة منذ أزمنة عديدة، لكن السلطة القضائية مازال مطلوب منها الكثير من المهام لمساندة الأجهزة الأمنية في تجفيف منابع الجريمة والإرهاب في التعامل والبت بقضايا وقعت في عدن منها قضايا السطو والقتل والعصابات الإجرامية التي قبض عليها متلبسة في جرائم اغتيالات وتصفيات.
«الأيام» التقت القاضي فهيم عبدالله محسن، عضو مجلس القضاء الأعلى، رئيس محكمة الاستئناف في الشعبة الجزائية الأولى بعدن، وناقشت معه عددا من القضايا فخرجت بالحصيلة الآتية:
*بداية حدثنا عن واقع القضاء في عدن؟
- في البدء أرحب بصحيفة «الأيام» وأرحب بعودتها، وأعتبره مساقا جديدا لحركة الصحافة العدنية التي تعتبر الرائدة.. وسعيد باللقاء بكم.
طبعا عدن دائماً كانت تحكمها سطوة القانون والقضاء، ودون ذلك الحديث في عدن عن أي نظام آخر مستحيل ويصعب القول فيه بأن ينظم الحياة الطبيعية لهذه المحافظة المدنية التي لا تحكمها إلا القوانين والقضاء.
فكنا منذ الوهلة الأولى منذ انتهاء حرب 2015 نحاول قدر ما استطاعتنا أن نعيد القضاء إلى مكانه، ولكن هناك صعوبات جمة وهناك إعاقة كبيرة من بعض الأشخاص أو من جهات لم تمكننا من إعادة القضاء إلى مساره الصحيح.
وفي واقع الأمر نشكر رئيس الجمهورية، الرئيس عبدربه منصور هادي الذي حدد أول لقاء له في عدن للقضاة، وكان مهتما بالقضاء ومكانة القضاء، ثم رئيس الوزراء خالد بحاح آنذاك التقى بنا وطلب عودة القضاء ونحن أعطينا استعدادنا رغم الظروف التي كانت تمر بها المحافظة من تعقيدات أمنية صعبة، ولكن القضاة حملوا أرواحهم على أكفهم للقيام بدورهم لمعرفتهم أن عدن لا يحميها إلا القانون والقضاء، فالتقينا برئيس الوزراء الذي بذل جهودا جبارة وعمل على أساس إرساء دعائم هذا القضاء، ووجه فخامة رئيس الجمهورية بتسليمنا المبنى الخاص بإدارة المياه، وإن كان لا يكفي بأن تعمل فيه كافة المحاكم في عدن، ولكن بداية الغيث قطرة.
وبدأنا في هذا العمل، وبعد مجيء قيادات السلطة القضائية من مجلس قضاء أعلى ومحكمة عليا، وحضور النائب العام والأمين العام للقضاء الأعلى إلى عدن وهيئة التفتيش القضائي بادرنا العمل، وعند وصول القاضي جمال محمد عمر إلى وزارة العدل كان بادرة أمل كبيرة للقضاة، باعتباره من وسط السلطة القضائية ويدرك خفايا الأمور ويعلم سرها وعلنها، وباشرنا في هذا العمل وبدأت الأمور تتحرك إلى الأمام.. ومن ذلك أيضا دعم رئيس الجمهورية لموازنة السلطة القضائية، وبعد تحريك أمور القضاء مالياً وترميمات المحاكم بدأنا نتحرك نحو تصحيح مسار الأوضاع القضائية، وكان البدء بصدور الحركة القضائية بمحافظة عدن، التي كان المجلس قد أولى جل اهتمامه بها ووضع الأمر بيد قيادة السلطة القضائية بأن تكون هناك حركة قضائية نموذجية في عدن وبالفعل تم ذلك.
*هل ترون أن عمل السلطة القضائية بدأ بالفعل، خصوصا بعد فترة من التوقف جراء ظروف الحرب؟
- حاليا القضاء يتقدم وأنا أشعر بارتياح كبير أن القضاة في حالة استعداد، وبدأنا بالنظر في قضايا مشهورة كقضية كريتر المشهورة مقتل الشاب “عمرو حزام”، وحاليا قضية “منتهك محارمه” بالقلوعة، وإن شاء الله الأمور تتحرك إلى الأمام، ونحن لسنا في عداء مع أحد ولسنا مع أحد، والقانون يأخذ مجراه على الجميع، وبالأخير المتهم هو مواطن قد يكون خالف القانون وقد يكون غير منصف أيضا، ولكن المحاكم ستعمل وفقا لما يقدم لها من أدلة وستعمل على أساس قواعد القانون ومن هو متورط يجب أن ينال جزاءه ومن هو بريء تعلن براءته، ولا يُدان أي إنسان إلا وفقا لنصوص القانون وإجراءاته.
*أفهم من كلامك أن حركة التنقلات أعادت هيبة القضاء؟
- نحن طبعا - وفقا للمعايير الدولية - نسعى إلى أن يرتقي القضاء إلى مستوى هذه المعايير وأن ينال شفافية كاملة، ولكن أنتم تعرفون حاليا نحن نعاني كثيرا في جانب المباني، حتى الآن مبانينا كاملة لم ترمم، ولكن موعودين خلال الأيام القريبة بانتهاء أعمال الترميمات إن لم تكن هناك إعاقات، إضافة إلى ذلك وزير العدل يبذل جهودا جبارة في هذا الجانب لسرعة إنجاز الترميمات ومتابعة القيادة السياسية، ويلعب دورا كبيرا، وهذه المعايير لن تتحقق إلا إذا توفر للقاضي المكان المناسب ومكتب مناسب بعيدا عن أمناء السر والكتبة، ولكن اليوم نحن هنا في هذه المحكمة رغم ضخامة المبنى إلا أننا محشورون في غرفة مع أمناء السر والسكرتيرات، ولكن قلنا لنبدأ مشوار الألف ميل بخطوة، وإن شاء الله، تتحقق أمنياتنا وطموحاتنا.
*وماذا عن المعايير النموذجية التي تتحدثون عنها؟
- هذه تحتاج إلى أمور كثيرة جدا، اليوم القضاة يعانون من عدم وجود ترقياتهم، وهذا سبب إحباطا لهم، ونحن، إن شاء الله، سنعمل جاهدين على طرح هذا الموضوع على مجلس القضاء الأعلى، باعتبارنا اليوم نحن فيه أعضاء بعد صدور قرار رئيس الجمهورية بشأن تعييننا في مجلس القضاء الأعلى، من هذا المنطلق سنضع أيضا قضية تطبيب القضاة الذي أصبح محل اهتمام كافة الإخوة القضاة، الذين يعانون كثيرا في هذا الجانب، لأن القاضي حين يمرض يعاني كثيرا ويصبح بعد أن يكون قاضيا له مكانته ووزنه في المجتمع مستنجدا بغيره من شخص إلى آخر، وهذا لا يليق بمكانة القاضي.
*هناك قضاة يناشدون عبر مواقع التواصل الاجتماعي بصرف مرتباتهم ومستحقاتهم؟
- الآن الصراع كبير في إطار السلطة القضائية، وأنتم تتابعون تقريبا الساسة في كافة الاتجاهات وهم يهتمون بالقضاء، لأن كلا منهم يريد أن يسيطر على القضاء، ولكن هناك من لا يدرك أهمية القضاء، ومنهم من لا يوجد لديه أبعاد في هذا الجانب، ونحن بعيدون عن السياسة، والأصل ألا نتدخل بالسياسة ونكون في منأى عن هذا، ولكن هناك من يحاول أن يجر القضاء للجانب السياسي.
*هل هناك طرف محدد أو معروف يسعى إلى تسييس القضاء؟
- نحن لا نريد أن نتكلم عن طرف، ونحن نقف على مسافة واحدة مع كل الأطراف، بعدين عن هذا الجانب، والقضاء هو شوكة ميزان العدالة، لا يجوز له أن يطرق هذا الباب أو ذاك.
جميعنا نسعى إلى أن يكون القضاء بعيدا عن هذا الجانب، ولكن نتمنى من الساسة أن يدركوا أن القضاء يجب أن يحافظوا عليه لأجل ضمان مستقبلهم ومستقبل المجتمع والبلد وسلامة استقلاليته وتحقيق العدالة لكل المجتمع، فبدون قضاء عادل لا يمكن أن نتحدث عن دولة آمنة ولا عن ركيزة من ركائز الدولة وهي العدالة، وبغياب هذا الجانب يحدث إرباك في الدولة بأكملها، وهذا هو المشهد الحاصل والموجود اليوم.
*هل القضاء يعاني من الفساد؟
- نحن لا نستطيع أن نتبرأ من الفساد، لكن هناك خلط بين السلطة والقاضي، فالسلطة القضائية متبرئة من الفساد، وهناك قضاة فاسدون، ولولا ذلك لما قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ “قاضيان في النار وقاض في الجنة”، أو كما قال.. ولذلك فساد القضاة موجود، ونحن نحاول قدر المستطاع أن نتحاشى ونطهر القضاء من هذه العناصر.
ولله الحمد الحركة القضائية الأخيرة شهدت نوعا مميزا في هذا الجانب، حتى عنصر الأقدمية الذي يتمسك به البعض قلنا نتجنب هذا الموضوع، الأقدمية ليست مسألة، نريد النزاهة والكفاءة في القاضي، إن وجدت النزاهة فيه فنحن في خير، والفساد ليس في السلطة القضائية وإنما في أشخاص قضاة وهم قلة، أقولها بأمانة، وإن شاء الله القضاء قادر على أن يصفيهم من خلال حركاته القضائية وترتيب أوضاعه الداخلية، فنحن اليوم نشهد في عدن نموذجا للحركة القضائية.
* بدايتكم كانت موفقة لقضايا في عدن وكان التعامل فيها بشكل صارم وشفاف مع تضييق على الإعلام في بعض الجوانب، ما الذي تريد قوله في ذلك؟
- هذا يثير ارتياحنا، خصوصا ليست أية صحيفة، بل صحيفة “الأيام” بذاتها أن تشهد بأن القضاء في عدن بدأ يتحسن، وهذا محل فخر واعتزاز، ونحن نعدكم خلال الأيام القادمة بأن تشهدوا ما هو أفضل.
طبعا هاتان القضيتان هما: قضية مقتل الشاب عمرو حزام وقضية المنتهك محارمه، وأما عدم دخول الناس كلها إلى القاعات، لأن القاعات ضيقة، والمبنى هذا غير مجهز كمبنى قضائي، وهو مبنى جهز بشكل سريع لكي يبدأ القضاء بالعمل،لأن القضاة كانوا أكثر حماسا، والدولة تريد أن تبدأ العمل، فنحن قلنا على بركة الله نبدأ، ولهذا، إن شاء الله، سنجهز القاعة الكبرى وسيحضر من يريد الدخول من الصحافة والإعلام، وستشاهدون قضاء عادلا ونزيها، ونعدكم في الأيام القادمة بأن تروا قضاء كما كان من قبل في عدن.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى