معارك وغارات في ريف دير الزور والمدنيون يفرون سيرا على الأقدام

> قرب دير الزور «الأيام» ا.ف.ب

> سيراً على الأقدام وتحت أشعة شمس حارقة، يسلك المئات من أبناء ريف دير الزور في شرق سوريا طريقاً وسط الصحراء، هرباً من المعارك ضد تنظيم الدولة الاسلامية ومن الغارات الكثيفة.. ينهكهم الطريق والعطش، لكن يثابرون بحثا عن الامان.
وتشكل محافظة دير الزور في الوقت الراهن مسرحاً لعمليتين عسكريتين: الاولى يقودها الجيش السوري في مدينة دير الزور وريفها الغربي، والثانية تنفذها قوات سوريا الديمقراطية بدعم من التحالف الدولي ضد الجهاديين في الريف الشرقي. وتترافق العمليات العسكرية مع غارات كثيفة تشنها روسيا دعما لقوات النظام، والتحالف الدولي بقيادة واشنطن دعماً لقوات سوريا الديمقراطية، تحالف الفصائل العربية الكردية.
ويسير النازحون القادمون من قرى متباعدة في الريفين الشمالي والشرقي لدير الزور (شرق)، وبينهم نساء وأطفال ومسنون، وهم يحملون أكياساً وحقائب على طرق تمتد عشرات الكيلومترات وصولا الى نقطة تجمع ينتقلون منها الى مخيمات أقامتها قوات سوريا الديمقراطية في محافظة الحسكة المجاورة لإيواء النازحين.
على طريق تم تدشينها في العام 2010، وفي نقطة تبعد 17 كيلومترا شمال مدينة دير الزور، تروي أم محمد مشقة الرحلة بعدما فرت وأفراد من عائلتها من بلدتها ابو حمام بمعية مهربين نقلوها في سيارة الى خارج البلدة مقابل “دفع مبالغ مالية كبيرة”.
وتقول السيدة (54 عاما) التي تغزو التجاعيد وجهها لوكالة فرانس برس “منذ يومين ونحن نسير على الأقدام، تركنا كل شيء وراءنا، وجئنا نبحث عن الأمان بعيداً عن المعارك والقصف”.
وتتنهد أم محمد التي ترتدي عباءة سوداء مكسوة بالغبار وتغطي رأسها بحجاب أحمر، ثم تلتفت خلفها وتتابع “ألقينا الكثير من أغراضنا للتخفيف مما نحمله، لم يعد لدينا ماء وطعام، ونريد فقط الوصول الى المخيمات”.
*ضحايا مدنيون
على طول الطريق، يمكن رؤية أغراض شخصية متناثرة ألقاها النازحون عنهم لتخفيف عبء ما يحملونه، كفرش الاسفنج والأغطية والثياب وحتى برادات مياه صغيرة. وقرب مكان قريب من حاجز لقوات سوريا الديمقراطية، ألقت بعض السيدات نقابها الاسود الذي يفرض تنظيم الدولة الاسلامية على النساء ارتداءه في مناطق سيطرته.
ويقول خليف (33 عاماً) وهو يغطي راسه بكوفية حمراء تقيه اشعة الشمس الحارقة بعد فراره من مدينة البوكمال التي يسيطر التنظيم عليها، “ينزح من لديه مريض.. او يخاف من تجنيد الجماعة (التنظيم)، يفضل ان يمشي على أن ينضم إليهم”.
وتتعرض البوكمال، وفق الشاب الذي يرتدي قميصاً طويلاً وسروالا ابيض لغارات كثيفة. ويوضح “لا نعرف من يقصفنا، داعش يقطن وسط المدينة ويتم قصفه ويذهب ضحايا من الطرفين، داعش والمدنيين”.
وتبدو ملامح التعب والوهن واضحة على وجوه المدنيين، لا سيما النساء المتشحات بالاسود والاطفال الذين لا يقوى بعضهم على متابعة السير. وتقدم سيدة على حمل ابنها بعد رفضه السير رغم حملها رضيعاً في يدها الاخرى.
ويركض العديد من النازحين نحو صهريج مياه متوقف لتعبئة العبوات البلاستيكية وغسل وجوههم واقدامهم المتعبة.
وبانفعال، يتحدث صدام المحمد (37 عاماً) النازح من بلدة المريعية في الريف الشمالي الشرقي لدير الزور عن وضع “سيء للغاية”. ويضيف “اشتباكات وقصف وجوع وحصار وتجنيد، كل ما قد تتصوره في بالك تراه هناك”.
ويوضح ان حركة النزوح تزداد “مع ارتفاع وتيرة الاشتباكات وتقدم” القوات.
ويهدف الهجومان المنفصلان في محافظة دير الزور النفطية والحدودية مع العراق الى طرد تنظيم الدولة الاسلامية منها، بعد سيطرته على الجزء الاكبر منها منذ العام 2014. وقد حقق كل من الطرفين المهاجمين تقدما على المحاور التي يقاتل عليها.
*«نخاف من الطيران»
وتشكل صحراء قرية أبو فأس في ريف الحسكة الجنوبي (75 كيلومتراً جنوب الحسكة) المكان الذي يبلغه النازحون بعد رحلة سير طويلة، حيث تستقبلهم قوات الامن الكردية (الأسايش).
ويوضح مصدر في هذه القوات لوكالة فرانس برس “نقوم بتجميع المدنيين لساعات قليلة في مخيم أبو فأس، كإجراء أمني لتفتيشهم خوفاً من تسلل عناصر من داعش ضمن المدنيين”.
واثر ذلك ينتقل النازحون عبر حافلات وشاحنات وسيارات خاصة الى مخيمات النازحين.
وافتتحت “الإدارة الذاتية” الكردية مخيمات عدة للنازحين القادمين من دير الزور مع تصاعد العمليات العسكرية.
ووجهت السلطات السورية نداء الى المدنيين للنزوح الى مناطق سيطرتها مع تقدم العمليات العسكرية ضد الجهاديين.
لكن حركة النزوح تتركز في الواقع باتجاه مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية بعدما أقدم التحالف الدولي على تدمير كل الجسور الواصلة بين ضفتي نهر الفرات الذي يقسم محافظة دير الزور الى قسمين شرقي وغربي.
وخوفا من الغارات الجوية الكثيفة، قرر أبو خالد النزوح مع عائلته من قرية الصبحة في الريف الشمالي الشرقي لدير الزور الى مناطق سيطرة القوات الكردية وحلفائها. وهو من القلائل الذين فروا بسياراتهم.
ويقول لفرانس برس وهو خلف مقود سيارته التي تقله مع زوجته وستة اطفال على الاقل “النزوح حالياً نتيجة للحروب والطيران.. والناس يخافون على الأطفال من الطيران”.
ويختم “من ليس لديه أحد، لديه عون من الله”.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى