هل سقط الإسلام السياسي بمشروعاته المذهبية؟

> د. حسين لقور بن عيدان

>
د. حسين لقور بن عيدان
د. حسين لقور بن عيدان
نعم، بدأ في اعتقادي المتواضع العد التنازلي لسقوط مشروع الإسلام السياسي الذي لم يغب عن المشهد السياسي منذ سبعينيات القرن الماضي، عندما ظهر بشكل قوي بعد انحسار المشروع القومي وهزيمته، حيث دخل هذا التيار في معارك على كل المستويات من المدارس والجامعات إلى المؤسسات الثقافية والسياسية مع قوى يسارية مشتتة، مما سهل له الحضور بشكل أقوى، خصوصا بعد انهيار منظومة الدول الاشتراكية.
هنا لن أتحدث عن تعليل سقوط هذا التيار من وجهة نظر خصومه، بل من داخل التيار نفسه، فهناك من يرى أن من الأسباب التي أدت إلى ضعف الحصيلة لعقود من العمل السياسي الإسلامي تكمن في الآتي:
- فقدان فهم المتغيرات لدى قيادات الحركات الإسلامية وتنافر الخطاب الفكري والسياسي مع الواقع مما يتسبب في الإحباط لكثير من المنتمين للتيار الإسلامي.
- عدم وجود رجال فكر أو ظهور أشخاص يقومون بتقديم رؤى تنطلق من التزاوج بين الواقع وبين النظري واستنباط خطط واقعية للعمل السياسي، أمثال حسن البنا أو ابن باديس أو ابن عاشور.
- التخبط في التحالفات التي أقامتها تلك الحركات مع ألد خصومها، فتارة تقول إنها تحالفات وقتية وساعات تدعي أنها مبدئية واستراتيجية، مما حيَّر الأنصار التابعين لها وأدخلهم في دوامة من الشكوك.
- السعي وراء مباهج الحياة، وأصبح المواطن المسلم يشاهد علماء ودعاة الحركات الإسلامية كيف يكنزون الثروات ويعيشون الحياة ومباهجها في تناقض تام مع الخطاب السياسي الذي يتبنونه.
أما ما يراه الآخرون من خارج التيار حول فشل أو سقوط مشروع الإسلام السياسي فيعود للآتي:
- فشل الحركات الإسلامية في تقديم مشاريع دولة في العالم العربي تتصرف كدولة مؤسسات لا أشخاص، وتتمثل في دولة العقد الاجتماعي، التي بمقدورها أن تردم الهوة بين حقوق المواطن الفرد والدولة، ومن خلال تقديم مشروع منظومة من الأسس الاقتصادية وبناء مؤسسات رعاية القطاعات الاجتماعية للأفراد، بشكل يساهم في امتصاص حدة الفوارق الطبقية والثقافية.
- تشبث حركات الإسلام السياسي بخطاب مرتبط بالماضي، هذا الماضي المنتقى والذي يبنى في الخيال يختلف وفق هوية المخاطبين، وهو خطاب يهرب من مواجهة الواقع ولا يعترف بأننا لسنا في عهد الخلفاء الراشدين، حيث يسعى إلى تقديم تصورات حول عوالم مثالية يحلم دعاته بتطبيقها دون النظر إلى الحقيقة والواقع المتغير، كما أن استخدام المقدس في العمل السياسي أوصل كثيرا من الانتهازيين بل والمخادعين إلى مراكز متقدمة في قيادات حركات الإسلام السياسي بحثا عن السلطة والجاه بوسائل بدائية وادعاء التدين أو التظاهر به، مما أفقد ثقة جمهور كبير بتلك الحركات.
- لم يعد هناك شك أن مشروع الإسلام السياسي يمر بمأزق حقيقي، كونه عجز تماماً عن مواجهة الحقائق المطروحة أمامه بغض النظر عن توجهه المذهبي أو أسلوبه النضالي سواء في تجربة الإخوان في مصر التي سقطت أو حتى تجربة الإسلام السياسي الشيعي التي أصبحت تمتلك دولة كبرى في المنطقة، ورغم كل محاولات الظهور بالقوة واستعراضها إلا أنها فشلت فشلا ذريعا في تقديم دولة المواطنة المتساوية، بل قسمت الموت والفقر بين الشعوب الإيرانية، وكل هذا يجري تحت المقدس، والذي حتما سيسقط هو الآخر، لأنه ليس له علاقة بالواقع.
* أكاديمي وباحث سياسي

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى