عندما ينفخ القضاء روحه في جسد القرار الجمهوري

> نجيب محمد يابلي

>
نجيب محمد يابلي
نجيب محمد يابلي
مارست «الأيام» الغراء دورها بالطول والعرض عندما فتحت ملفات حيوية ساخنة لامست قضايا ومصالح الناس ومن ضمن تلك الملفات كان ملف قضايا المبعدين قسراً عن وظائفهم في المجالات المدنية والأمنية والعسكرية المشمولين بالقرار الجمهوري رقم(2) للعام 2013 الصادر في 8 يناير، 2013 الذي أصدره الرئيس المشير عبدربه منصور هادي، وذلك عندما فتحت «الأيام» تحقيقا موسعاً نشرته في العددين الصادرين في 11 و 12 سبتمبر 2017، قام به باقتدار الزميل عيدروس زكي.
وبعد أيام من نشر التحقيق قمت بزيارة مقر اللجنة في خورمكسر، وكان بمحض الصدفة، ووجدت ترحيبا حاراً وصادقاً من العزيزين: القاضي سهل حمزة، رئيس اللجنة، والقاضية نورا ضيف الله، عضو اللجنة، وتجاذبنا أطراف الحديث حول هذه المهمة العصية، وفهمت تلك الزيارة لهما وشاركني العزيزان سهل ونورا فهم الزيارة، على أن «الأيام» مارست دورها كوسيلة اتصال جماهيرية MASS MEDIA.
لكني سأدلي بدلوي في هذه القضية الحيوية كصانع رأي OPinion Maker يقدم ماعنده عبر «الأيام» إلى صانع القرار Decision Maker لأن مدخلات موضوعي هذا استندت فيه إلى حلقتي التحقيق الذي أجراه الزميل عيدروس زكي وإلى نصوص القرار والتقريرين اللذين اعدتهما اللجنة، وما أثلج صدري أن اللجنة سلمت نسخة من التقرير المختصر إلى السيد بيتر رايس، المستشار السياسي للمبعوث الدولي إسماعيل ولد الشيخ يوم 16 اغسطس 2017، وأسعفني الحظ بالحصول على نسخة منه.
حقيقة، إن الرئيس هادي أصدر قراره وكان القرار شجاعاً، وما ميزه عن القرارات التي اعتدنا عليها بتشكيل لجان للنظر في قضايا هامة ضاعت كلها في المشمش، أن هذه المرة اللجنة قضائية، فالقاضي سهل حمزة، قاضي المحكمة العليا ومن أبناء عدن الأبرار، والقاضية نورا ضيف الله هي رديفة مارجريت تاتشر، فقد فخرت العاصمة البريطانية بتاتشر المرأة الحديدية كما فخرت العاصمة المؤقتة عدن بابنتها القاضية نورا كامرأة حديدية.
كانت اللجان السابقة سياسية، ولذلك لم توفق في مهامها، لكن أن تكون قضائية وبحصافة مشهود لها، لأن الناس جاءت بمصاحف كريمة وطالبوا القاضيين سهل ونورا بأن يقسما بأنهما صادقان في مهمتهما.
سار القاضيان سهل ونورا، والشهادة لله، أن فريق عملهما في الدورين الذين يتكون منهما مقر اللجنة يستحق منا جميعاً رفع القبعات لهم وذلك من واقع آلاف الملفات التي رأيتها في الرفوف والصناديق، وهي ملفات ضحايا ربع قرن من الإقصاء والإهمال والجور.
الفترة منذ العام 2013م كانت محفوفة بالمصاعب التي تمثلت عند بعض الضحايا في الحصول على البيانات ثم فترة الحرب المفروضة على عدن عام 2015 بهدف إخراجها من العصر الحالي “عصر المدن” بعد أن كانت سيدة مدائن الجزيرة والخليج، ومن مظاهر الصعوبة أن الموازنة من الناحية المالية تدفع كل ثلاثة أشهر وبعد نهاية كل ثلاثة أشهر يجد قاضي المحكمة العليا سهل حمزة نفسه يطرق أبواب مسئولين والانتظار في بير السلم لهذا المسئول أو ذاك، ومن وجوه الصعوبة أن جهات رسمية لا تتقبل الجديد في قضايا الغبن الذي لحق بالعباد، فتنطلق الصرخة المشهورة: “خلصتوا؟! متى باتخلصوا؟!”.
هناك ثغرة تتسلل منها نسمات باردة تعيد الروح لرئيس وأعضاء اللجنة، وهي المنظمات الدولية، وهي الوحيدة الصادقة والوفية في تعهداتها ودعمها للجنة، وهناك ثوابت على السلطات والضحايا على حد سواء أن يستوعبوها، ذلك أن اللجنة وضعت المعالجات القانونية والرشيدة للعديد من القضايا، إلا أن جهة التنفيذ هي الحكومة، أما التعويضات فينبغي على الصندوق دفعها، لأن هناك (150) مليون دولار دفعتها قطر لا يعرف لها مصير، بحسب إفادة القاضية نورا، ونشرتها «الأيام» وورد مانشيت عريض على لسان القاضية في عدد «الأيام» الصادر يوم 15 سبتمبر 2017، بهذا الشأن.
كلمة أخيرة أقولها لوجه الله، إن جهود القاضيين سهل حمزة ونورا ضيف الله ستمحو إن شاء الله ما تقدم من ذنوبهما وما تأخر، وأكرر بالغ تقديري لفريق عملهما الجاد والمهذب، لأني خرجت بهذا الانطباع، والله خير الشاهدين.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى