استشهد في مثل هذا اليوم الثامن والعشرين من سبتمبر قبل 45.. صقر الفضاء ورفيق النجوم "حسين البرِّي" أوّل شهيد طيار بسلاح الجو الجنوبي

> تقرير/ شايف الحدي

> الشّهيد الطّيار الفدائي حسين عوض البرّي اليافعي كان واحدًا من أمهر الطَّيارين القلائل الذَّين كان يُشار إليهم بالبنان، وذلك لما يتميز به من شجاعة وفدائية وإقدام وتفوق علمي في مجال الطَّيران بالقوى الجوية الجنوبيِّة، وبعد أن أكمل ثلاث سنوات من الدّراسة الجادة في الاتحاد السوفيتي ضمن أوّل دفعة جنوبيِّة للطيران على المقاتلة الميج 17 كان من الطَّلبة الذين تطورت وتألقت معارفهم التَّخصصية وقدراتهم العملية، وكان من الطّيارين المتفوقين والمبرزين علميًا وعمليًا، فقد استطاع في فترة وجيزة من تخرجه بأنّ يكون طيارًا ذا شخصيَّة وكاريزما قوية وامتاز بصفات الجرأة والإقدام والشَّجاعة وكان طيارًا ماهرًا لا يشق لهُ غُبار.
*قصّة تضحية يحفظها التاريخ:
على الرغم من مرور 45 عامًا على حرب سبتمبر بين الشمال والجنوب إلَّا أنَّ قصّة الشَّهيد الطَّيار الفدائي (حسين عوض البرّي)، لا تزال تلوكها الألسن، لاسيما في أوساط من عاشوا تلك الحرب وشاركوا بها، فقد شارك هذا الطَّيار المقاتل القوات البرّية الجنوبيِّة تصديها للقوات الشمالية بكل شجاعة وإقدام.
إنَّ ما قام به هذا الطّيار الجنوبي من ملاحم بطولية في جبهة الشريط الحدودي سناح/ الضَّالع في حرب 1972م لهو من دواعي الفخر والسرور لسلاح القُوى الجويّة الجنوبيِّة، فقد أُوكلت لهُ أوّل مهمة هي قيادة طائرة مقاتلة من نوع ميج 17 لتنفيذ مهام التَّغطية الجويّة في عملية التَّقدم البرّي باتجاه مدينة قعطبة وما خلفها.
ورغم مرور أربعة عقود ونصف على قصّة هذا الطَّيار وملحمته البطوليَّة، فإنَّ التَّاريخ حفظها ولم يمحِها الزمن من الذَّاكرة لهذا الطَّيار الملازم أوّل شهيد طيار/ عوض حسين البرّي اليافعي، وهو أحد أبناء منطقة برّي في يافع الأبطال الذين قدموا قوافل من الشُّهداء.
*مهمة قصف المدفعيَّة:
في يوم الثامن والعشرين من سبتمبر من عام 1972م كُلف بمهمة قصف المدفعيَّة التي كانت تقصف مناطق الشَّريط الحدودي للضالع في جبل الجميمة شرقي مدينة قعطبة وانطلق من قاعدة بدر بالعاصمة عدن لأداء مهمته العسكرية وتدمير بطارية المدفعية في جبل الجميمة، وبعد أن أتمَّ المهمة، وفي الدورة الثانية التي قام بها للتأكد من تدمير الهدف المنُوط به تمامًا، وحتَّى لا يترك أيّة فرصة لاستخدام تلك البطاريات، رأى مدفع رشاش مضاد للطائرات، فحاول الانقضاض عليه، إلَّا أنَّ طائرته الميج 17 أُصيبت بمقذوف ناري في نفس اللحظة التي انتهى فيها التَّبليغ عبر اللاسلكي في برج المطار عن إصابة الهدف بنجاح، فحاول مسرعًا العودة والخروج من الحدود المعادية إلى منطقة القوات الصديقة باتجاه حدود الضَّالع، وكان بإمكانه السُّقوط بمظلته في سناح، لكنه خاف من سقوط الطائرة على القرى الآهلة بالسُكّان فحاول قيادة الطّائرة من شمال الضالع إلى غربها باتجاه جبال جحاف رغم تواصل مركز التَّوجيه الطَّيراني في برج المراقبة والعمليات في قاعدة عدن الجويّة بضرورة القفز بالمظلة، لاسيما وإنَّ طائرته قد اشتعلت فيها النَّيران من مؤخرتها، إلَّا أنَّ شجاعة هذا الطَّيار وفدائيته أبت إلَّا السُّقوط في منطقة خالية من السُكان، وهو ما كان لتسقط في سائلة حودين على ضفة وادي تُبن بين مديريتي الأزراق وجحاف وتحطمت، وارتوى تراب الضالع بدمائه الطّاهرة، بعد أن أسهم مع العديد من نسور الجو بمهمات قتاليَّة كبيرة، ليكون بذلك أوّل شهيد طيار بسلاح القوات الجوية الجنوبيِّة، ونال شرف الشهادة، بإذن الله تعالى، عن عمر 24 عامًا، وتمت ترقيته إلى رتبة نقيب وتكريمه بوسام الشَّجاعة من الدَّرجة الأوّلى من قبل وزارة الدَّفاع والقوات الجويّة، وهكذا كانت سيرة الشَّهيد الطّيار حسين عوض البرّي اليافعي كلّها فداء لوطنه من أجل عزته ورفعته.
*استشهاد البطل الفدائي بعيدًا عن السكان:
يقول أحد الطّيارين وهو الموجه الموجود في البرج أثناء الطَّيران الذي كان متواصلا مع الطَّيار حسين البري منذُ انطلاقته من القاعدة الجويّة في عـدن: "حينما نفذ الطَّيار حسين عوض المهمة بنجاح ودورانه في المرة الثَّانية للتأكد من إصابة الهدف أصيبت طائرته واحترقت في مؤخرتها، وقد عرفنا ذلك من خلال تواصلنا معه أولا بأوّل، وكنا نوجهه أثناء إصابة الطَّائرة ونعطيه الأوامر بالخروج من منطقة العدو إلى منطقة القوات الصَّديقة في أيّة وسيلة ونلحّ عليه بالقفز بالمظلة (البرشوت) ويترك الطَّائرة محترقة في الجو، إلَّا أنَّ شيئًا من ذلك لم يحدث، وأصر الطَّيار على الابتعاد بالطّائرة ورميها في مكان غير مأهول بالسُّكان، وهو ما كان".
وأضاف: "كان ذا كفاءة عالية وقدرة قتاليَّة ولياقة جسمية وذهنية وموهبة فطرية، وقد عُرف بالانضباط العملي وقوة الشخصيَّة، لقد ضحى البطل الشَّهيد طيار/ حسين البري بنفسه وكان انفجار طائرته في منطقة العجمة شرقي قرية حُودين من سائلة وادي تُبن جنوبيِّ قرية المُوقبّة بين مديرتي جحاف والأزارق بمحافظة الضَّالع يوم 1972/9/28م لتخسر القوات الجوية واحدًا من ألمع الطَّيارين الذين كان ينتظرهم مستقبل واعد، ليكون تاريخ سُقوطه يومًا رسميًا للقوات الجويّة والدّفاع الجوي من كل عام في جمهورية اليمن الدِّيمقراطية".
أخيرًا.. تحيّة اعتزاز وتقدير لمن مجّدوا تُراب الوطن، فاستحقوا المجد والخلود والعزّة والكرامة والقدوة والتَّضحية والتَّفاني والإقدام والشَّجاعة والرِّفعة بعد أن كانوا سياجًا منيعًا وقلعة تتحطم عليها فلول الغُزاة، وما كان لذكرهم ليزول.
رحم الله الشهيد الطّيار/ حسين عوض البرّي، رحمة الأبرار، فقد كان للبطولة رجُلا وعنه كُلُّ كلمات المجد تُقال.
*لمحة عن سيرته الذاتية:
• الاسم: حسين عوض صالح البرّي اليافعي.
• سنة الميلاد:1948/4/1م.
• محل الميلاد: وادي برء منطقة ذي ناخب لبعوس السِّيل/ يافع محافظة لحج.
• الحالة الاجتماعيّة: متزوج وأب لولد اسمه حسين ولد في اليوم الثاني لاستشهاده.
• المستوى الدّراسي: درس الابتدائية والمتوسطة في مدينة التُّواهي بالعاصمة عدن وأكمل المرحلة الثَّانوية في مبنى كليّة عدن سابقًا.
• الوظيفة الأوّلى: عمل بالأمن العام في عدن وكان مرشحًا ليكون ضابطًا على عتبة الاستقلال الوطني.
• الابتعاث للدراسة: كان الشَّهيد من ضمن أوّل دفعة عسكرية في مجال الطَّيران العسكري بتاريخ 1969/4/18م كطيار مقاتل على المقاتلة الميج 17 إلى الاتحاد السُّوفيتي.
• اسم الكليّة: كلية كركيزيا للطيران.
• سنة التَّخرج: تخرج من كليّة الطَّيران السُّوفيتية في نوفمبر 1971م.
• المنصب: أركان سرب طيران.
• الوظيفة: طيار مقاتل على الميج 17.
• الرّتبة :ملازم أوّل.
• مكان العمل: القاعدة الجوية في بدر بالعاصمة عـدن.
• تاريخ السُّقوط والوفاة: 1972/9/28م بعد أن أصيبت مقاتلته في جبهة الجميمة/ قعطبة وسقطت في منطقة العجمة شرق قرية حودين من سائلة وادي تُبن جنوب قرية الموقبّة بين مديرتي جحاف والأزارق.
• تاريخ خالد ليوم سقوطه:
اتخذت القوات الجوية الجنوبيِّة يوم سُقوطه 28 سبتمبر، ليكون يومًا للقوات الجويّة من كل عام .
نوعيـة الطائـرة التـي قادهـا:
• نوع المقاتلة: ميج 17 سوفيتية.
• سنة الإنتاج: 1950م .
• سنة دخول الخدمة: أكتوبر 1952م.
• الشركة المنتجة: مصانع ميكوبان جيروفيتش بالاتحاد السوفيتي.
• التَّصميم: صممت على نوع المقاتلة ميج 15.
• النَّوع: مقاتلة/ هجومية اعتراضية بمقعد واحد.
• القوة الدّافعة: محرك نفاث واحد بقوة دافعة (3380) كغم باستخدام الحارق الخلفي.
• عرض الطّائرة: (9,63) مترًا.
• الطّول الكُلي: (11,26) مترًا.
• الوزن الكُلي للإقلاع: (6075) كغم.
• السُّرعة الأفقية القُصوى: (1145) كلم/ ساعة.
• السُّرعة القُصوى أثناء التَّسلق: (3900) متر/ دقيقة.
• سقف الإرتفاع: (16600) متر.
• المدى القتالي: (500) كلم.
التَّسليــح والتَّجهيــز:
• أولًا ـ مدفع رشاش (37) ملم.
• ثانيًا ـ(2) مدفع رشاش (23) ملم.
• ثالثا ـ مدفع رشاش قرنوف (معدل شيكي) مثبت ثلاثة مع بعض.
• رابعًا ـ(4) أوعية صواريخ غير مسيرة، أو (500) كغم من القنابل تثبت تحت الجناحين.
تقرير/ شايف الحدي

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى