ﺍﻟﻤﻬﻤﺸوﻦ باﻟﺤﺒﻴﻠﻴﻦ.. جوع وافتقار لأدنى مقومات الحياة وأمية تجاوزت الـ 95%.. يناشدون الجهات الرسمية والمنظمات الإنسانية النظر إلى ظروفهم المعيشية الصعبة

> اﺳﺘﻄﻼ‌ﻉ/ ﺭﺍﺋﺪ ﺍﻟﻐﺰﺍﻟﻲ

> ﻳﻌﻴﺶ ﺍﻟﻤﻬﻤﺸوﻦ ﺍﻟﺴﺎﻛﻨوﻦ بمدينة ﺍﻟﺤﺒﻴﻠﻴﻦ في ردفان بمحافظة لحج ﺃﻭﺿﺎﻋﺎً ﻭﻇﺮﻭﻓﺎً إنسانية ﻏﻴﺮ ﻣﺴﺘﻘﺮﺓ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺟﻮﺍﻧﺐ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ، ﻭﻣﻊ ﻛﻞ ﻋﺎﻡ ﻳﻤﺮ ﺗﺰﺩﺍﺩ ﺍﻟﻤﻌﺎﻧﺎﺓ، وتتضاعف صعوبة الحياة، ﻓﻬﻢ ﺷﺮﻳﺤﺔ ﻳﻌﺎﻧﻮﻥ ﻛﺜﻴﺮاً، ويتكبدون الألم بصمت كبير.. فأﺳﻠﻮﺏ ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ ﻳﺨﺘﻠﻒ ﻋﻦ ﺑﺎﻗﻲ ﺍﻟﻔﺌﺎﺕ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﻴﺔ، لأﻧﻬم ﻓﺌﺔ ﻗﺪ ﻫﻤﺸﺖ ﻭﺣﺮﻣﺖ ﻣﻦ كافة ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﻭالعدالة وﺍﻟﻤﺴﺎﻭﺍﺓ، ﻭﻫﺬﻩ الأﺳﺒﺎﺏ التي ﺟﻌﻠﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﺌﺔ تشعر بحالة الإقصاء والتهميش التي فرضها عليهم المجتمع، وعدم احترامه لحقوق الإنسان دون تمييز لعرق أو لون. ولكن ومع كل ذلك تعايشت تلك الفئة ﻣﻊ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻬﻤﻴﺶ الذي فرضه ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ليتحملوا ﻣﺂﻻ‌ﺗﻬﺎ باستمرار.
«الأيام» ﺭﺻﺪﺕ ﺃﻭﺿﺎﻉ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﺌﺔ ﺍﻟﻘﺎﻃنة في مدينة ﺭﺩﻓﺎﻥ، لتقوم بنقل ﻣﻄﺎﻟﺒﻬﻢ ﺍﻟﺘﻲ ﻭﺟﻬﻮﻫﺎ لكافة الجهات المعنية، ﺁﻣﻠﻴﻦ ﺃﻥ ﺗﻠﻘﻰ ﺗﺠﺎﻭﺑﺎً ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ الرسيمة في البلاد، ومن ﺍﻟﻤﻨﻈﻤﺎﺕ ﺍﻹ‌ﻧﺴﺎﻧﻴﺔ الدولية والمحلية.
في حياة هذه الشريحة المضطهدة تشاهد أوضاعا إنسانية صعبة، فالوضع المعيشي ﻏﻴﺮ ﻣﺴﺘﻘﺮ وغير آمن، والكثير منهم يعانون من تفشي الأمية.
*حياة غير مستقرة
أوضح لنا المواطن ﻧﺎﺻﺮ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻴﺴﻰ (ﻋﺎﻗﻞ ﺍﻟﻤﺤﻮﻯ ﺍﻷ‌ﻋﻠﻰ) الذي قال: "ﺍﻟﻮﺿﻊ ﺍﻟﻤﻌﻴﺸﻲ لهذه الفئة صعب ومعقد للغاية، وﺍﻟﻤﺼﺮﻭﻑ ﺍﻟﺸﻬﺮﻱ لمن يعيلون الأسر غير مستقر ﻟﻜﻮن غالبيتهم مازالوا ﺑﺪﻭﻥ ﻣﺮﺗﺒﺎﺕ منذ فترة طويلة، وكل ما يتلقونه من ﺩﻋﻢ ﻏﺬﺍﺋﻲ ﻳﺄﺗﻲ ﻣﻦ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ ﺍﻟﻐﺬﺍﺀ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﻋﺒﺮ ﺍﻟﻤﺆﺳﺴﺔ ﺍﻟﻄﺒﻴﺔ ﺍﻟﻤﻴﺪﺍﻧﻴﺔ، فالكثير من الأسر المنتمية لهذه الفئة تعاني الجوع وتشكو من قلة الطعام وغياب النظام الصحي".
وأضاف: "ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﻬﺮ ﺳﻴﻜﻮﻥ ﺁﺧﺮ ﺷﻬﺮ تتلقى فيه هذه الشريحة ﺍﻟﺪﻋﻢ المقدم لهم من قبل ﺍﻟﻤﺆﺳﺴﺔ، والدخل ﺍﻟﻴﻮﻣﻲ ﻟﻠﻨﺎﺱ ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ (ﺧﻴﺎﻃﺔ ﺍﻷ‌حذﻳﺔ)، ﻭهناك ﻣﻦ ﻳﻌﻤﻞ في مهن صعبة، ﻭمنهم ﻣﻦ ﺫﻫﺐ ﺇﻟﻰ ﺟﺒﻬﺎﺕ ﺍﻟﻘﺘﺎﻝ ليشارك المقاومة ﻓﻲ معارك ﺍﻟﻤﺨﺎ، ﻭﻗﺪ اﺳﺘﺸﻬﺪ ﻋﺪﺩ ﻣنهم".
*مشكلة الأمية
يقول ناصر: "ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻟﺪﻳﻨﺎ ﻣﺸﺎﻛﻞ ﻛﺒﻴﺮﺓ ﻓﻲ مسألة ﺍﻟﻮﺿﻊ ﺍﻟﺼﺤﻲ الذي تعانيه هذه الشريحة المعدمة، حيث لا توجد هناك ﺃية اﻟﺘﻔﺎﺗﺔ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ الرسمية، إلى جانب ما تعانيه من مشكلة تفشي ﺍﻷ‌ﻣﻴﺔ، حيث لا يوﺟﺪ ﻟﺪﻳها مركز ﻟﻠﺘﻌﻠﻴﻢ أو مخيم لمحو ﺍﻷ‌ﻣﻴﺔ، والمتعلمون فيهم ﻻ ‌ﻳﺘﺠﺎﻭﺯ عددهم عشرة أشخاص، والغالبية منهم يعانون الأمية وقلة التعليم ﻧﺘﻴﺠﺔ ﺳوء ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ المعيشية".
وأردف: "ﻟﻘﺪ ﻗﺪﻣﻨﺎ ﻛﺸﻮﻓﺎﺕ ﻣﻨﺬ عدة شهور إلى مسؤول توجيه المنظمات ﻓﻲ ﻣﺤﺎﻓﻈﺔ ﻟﺤﺞ، ﻋﺒﺪﺍﻟﻼ‌ﻩ ﺍﻟﺒﺎﻫﻮﺕ، ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺱ ﺃﻥ ﻳﺘﻢ ﺗﺤﻮﻳﻞ منظمات إنسانية إلى مناطق هذه الشريحة، ولكن ﻟﻢ تأت أية منظمة، وللأسف ﺭﺟﺎﻝ ﺍﻟﺨﻴﺮ هم أيضا ﻻ‌ ﻳﻠﺘﻔﺘﻮﻥ ﺇﻟﻴﻨﺎ، باستثناء ﺭﺟﻞ ﺧﻴﺮ ﻗﺪﻡ ﻟﻨﺎ ﺳﻠﺔ ﻏﺬﺍﺋﻴﺔ ﻓﻲ شهر ﺭﻣﻀﺎﻥ ﺍﻟﻔﺎﺋﺖ".

ويناشد ﻗﺎﺋﻼ‌ً: "ﺇﻧﻨﺎ ﻧﺠﺪﺩ ﺭﺳﺎﺋﻠﻨﺎ بحق الإنسانية لكل الجهات المعنية، وﺇﻟﻰ كل ﺍﻟﻤﻨﻈﻤﺎﺕ ﻭﺍﻟﻤﺆﺳﺴﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﻣﻠﺔ ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻝ ﺩﻋﻢ هؤلاء ﺍﻟﻨﺎﺱ البسطاء الذين لا يملكون ما يأكلونه، ويتكبدون أوضاعا معيشية معدمة، عليهم أن يقدموا يد العون والمساعدة لهذه الفئة البسيطة والفقيرة، فهي ﻓﺌﺔ ﺣﺮﻣﺖ ﻭﻫﻤﺸﺖ منذ ﺯﻣﺎن، ولازالت ﻧﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺣﻘها ﻓﻲ الحياة والعيش الكريم، ﻭﻻ‌ تريد ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ".
وقال: "أتمنى عبر صحيفة "الأيام" أن تلقى رسائلنا آذانا صاغية تسجيب لمعاناة هذه الشريحة، وأن نجد ﻣﺆﺳﺴﺎﺕ ﻭﻣﻨﻈﻤﺎﺕ ﺩﻭﻟﻴﺔ ﺃﻭ ﺳﻠﻄﺔ محلية تسارع إلى إعانتهم وتلبية مطالبهم في تأمين الأمن الغذائي، ومنحهم ما يستحقونه من حقوق القراءة والكتابة، وممارسة الحياة الاعتيادية".
*نحلم بالحياة
في السياق ذاته يتحدث المواطن ﺟﻤﺎﻝ ﻣﺜﻨﻰ (ﻋﺎﻗﻞ ﺍﻟﻤﺤﻮﻯ ﺍﻷ‌ﺳﻔﻞ) ﻗﺎﺋﻼً‌: "ﺗﻌﺘﺒﺮ ﺍﻟﻔﺌﺎﺕ ﺍﻟﻤﻬﻤﺸﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﻔﺌﺔ ﺍﻟﻤﻬﻀﻮﻣﺔ التي بحاجة ﺇﻟﻰ ﻟﻔﺘﺔ ﻛﺮﻳﻤﺔ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ مؤسسات ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ، ﻭهيئات ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ بمختلف شرائحه، كما تستحق أيضا بأن تحظى بعطاءات ﺍﻟﻤﻨﻈﻤﺎﺕ الإنسانية ﺍﻟﻌﺎﻣﻠﺔ ﻓﻲ ﻣﺤﺎﻓﻈﺔ ﻟﺤﺞ".
ويضيف: "ﻳﺒﻠﻎ ﻋﺪﺩ ﺍﻷ‌ﺳﺮ ﺍﻟﻤﻬﻤﺸﺔ ﻓﻲ منطقة ﺍﻟﺤﺒﻴﻠﻴﻦ حوالي 320 ﺃﺳﺮﺓ، وذلك بحسب ﺇﺣﺼﺎﺋﻴﺔ ﻣﻨﻈﻤﺔ ﺍﻟﻐﺬﺍﺀ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲ"، مستطردا: "وعدد ﺍﻟﻤﻠﺘﺤﻘﻴﻦ ﺑﺎﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻻ‌ﻳﺘﺠﺎﻭﺯ ﺃﺻﺎﺑﻊ ﺍﻟﻴﺪ الواحدة، نظرا للظروف والتعقيدات الحياتية التي تعيشها هذه الفئة، حيث أن نسبة الأمية في مجتمعها وصلت نحو 95 بالمائة".
ويواصل حديثه: "أودلاهم يحتاجون ﺇﻟﻰ مقومات ﺗﺄﻫﻴﻞ تمكنهم من ﺩﺧﻮﻝ ﺍﻟﻤﺪﺭﺳﺔ، بالإضافة إلى توفير مراكز تعليم، فمدﺍﺭﺱ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺍﻟﺤﺒﻴﻠﻴﻦ يوجد ﻓﻴﻬﺎ اﺯﺩﺣﺎﻡ ﻛﺒﻴﺮ، والقصور ﺍﻟﻜﺒﻴﺮ ﺍﻟﺤﺎﺻﻞ ﻓﻲ ﺟﺎﻧﺐ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻳﻨﻌﻜﺲ ﺳﻠﺒﺎً ﻋﻠﻰ ﺳﻴﺮ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ، ﻭﻳﺴﺒﺐ ﻧﻘصا ﻛﺒﻴﺮا ﻓﻲ مفهوم ﺍﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ﻭالتنشئة السليمة، لتلك الشريحة المعدمة".
وقال: "هم ﺑﺤﺎﺟﺔ إلى ﻤﻦ ﻳﺴﺎﻋﺪونهم في ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺗﺄﻫﻴﻞ ﻛﻞ ﺠﻮﺍﻧﺐ الحياة، ونطالب بتدخل اﻠﺴﻠﻄﺔ المحلية ﻭﺍﻟﻤﻨﻈﻤﺎﺕ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﻠﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺎﻝ ﺍﻹ‌ﻧﺴﺎﻧﻲ بتوفير ﺃﻣﺎﻛﻦ ﺳﻜﻦ ﺁﻣﻨﺔ تقي هذه الأسر والأطفال من أوضاع التدهور والتهميش الذي تعيشه في منازل تفتقر لأبسط أساسيات العيش والمبيت الآمن".
ويختتم قوله: "ﺃﻧﺎ أحد الأشخاص الذين تخرجوا ﻣﻦ ﻛﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﺮﺑﻴﺔ (ﻣﺴﺎﻕ ﺩﺑﻠﻮﻡ)، وإلى غاية الآن ﻻ ‌ﺗﻮﺟﺪ ﻟﺪﻱ ﻭﻇﻴﻔﺔ أعيش عليها، ما حدا بي الأمر إلى العمل ﻛـ(ﺨﻴﺎﻃ ﺃﺣﺬﻳﺔ) ﻭﺣﻤﻞ ﺍﻷ‌ﺣﺠﺎﺭ الثقيلة، ﻭﻫﻨﺎﻙ ﻣﻦ ﺘﻄﻮع للعمل ﻓﻲ ﺍﻟﺼﺮﻑ ﺍﻟﺼﺤﻲ، ﻭبعضهم ﻳﻌﻤﻠﻮﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻈﺎﻓﺔ ﻭﺭﻓﻊ ﺍﻟﻤﺨﻠﻔﺎﺕ.. نحن هنا ﻧﺨﺪﻡ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭﻧﺴﺎﻋﺪ ﻋﻠﻰ ﺗﺤﺴﻴﻦ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻭﻧظﺎﻓﺔ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺍﻟﺤﺒﻴﻠﻴﻦ، بينما نبقى محرومين من أبسط متطلبات الحياة، ونحلم ﺑﺎلاﺳﺘﻘﺮﺍﺭ ﺍﻟﻤﻌﻴﺸﻲ، وﺍﻟﻐﺬﺍﺀ ﻭﺍﻟﺼﺤﺔ ﻭﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ، إلى جانب وسائل علمية تساعد الفئات المهمشة على تنظﻴﻢ شؤون ﺍﻷ‌ﺳﺮﺓ التي تتزايد فيها ﻧﺴﺒﺔ ﺍﻟﻮﻻ‌ﺩﺍﺕ والنمو دون أن تتوفر لديها مراكز توعوية بتنظيم حياة الأسرة، وأنشطة صحية تعلم الأمهات طرق الوقاية والرعاية لطفالهن".
اﺳﺘﻄﻼ‌ﻉ/ ﺭﺍﺋﺪ ﺍﻟﻐﺰﺍﻟﻲ

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى