الثورة ليست منصة

> شفيع العبد

>
شفيع العبد
شفيع العبد
المناسبات الوطنية في حياة الشعوب الحرة، ليست مجرد أيام في روزنامة معلقة على جدار أو مكتب فاخر أو مسيرة تجوب الشوارع، بقدر ما هي تاريخ وراءه حكاية سفر طويل من النضال والتضحية والإيثار لأجل الحرية والكرامة.
الحال مختلف قطعاً حين ترتبط المناسبة تلك بثورة عملت على تحرير الأرض من ربقة استعمار أجنبي كتم أنفاسها قبل أنفاس أهلها، الاختلاف هنا يتجلى في طبيعة الدروس المستفادة من تاريخ الثورة ومراحله المختلفة بظرفيها الموضوعي والذاتي، والكيفية التي استطاع الثوار توحيد صفوفهم من خلالها، استجابة لوحدة الهدف.
أيام تفصلنا عن الذكرى الـ54 لثورة 14 اكتوبر المجيدة، الثورة الخالدة في تاريخنا الوطني، بوصفها المفتاح الحقيقي لدروب الحرية والعزة والكرامة، واللبنة الأساسية في مدماك الدولة الوطنية التي نحتشد اليوم للنضال من أجل استعادتها.
الخصومة مع قوة سياسية معينة او أيديولوجيا غير التي ننتسب اليها ونؤمن بها في المضمار السياسي والوطني، لا تجيز لنا الخصومة مع الثورة التي حررت الأرض من المحتل الأجنبي وساهمت في توحيد السلطنات والمشيخات والإمارات، وأوجدت لنا كيانا سياسيا وطنيا بهوية وطنية واحدة. مثل هذه هي خصومة مع التاريخ لا مع الثورة، وتضع صاحبها في مواجهة مباشرة مع التاريخ بما يختزلها من تضحيات ونضالات لطابور طويل من الثوار والمناضلين.
ونحن نحيي ذكرى الثورة، يقع على عاتقنا جميعاً التوقف أمام أهم المحطات في تاريخنا التي أوصلتنا لما نحن فيه اليوم، والاستنارة بما ينفعنا في مرحلتنا النضالية الراهنة، وبما يعزز صفوفنا التي تضربها الأنا المتضخمة لدى البعض، ونزعات الإقصاء والإلغاء لدى البعض الآخر.
تاريخنا متخم بالعبر والعظات التي لو تزودنا بها بحس وطني لما كررنا كثيرا من الأسباب التي أدت لتلك النكبات التاريخية الكبرى.
قيمة الاحتفال بالمناسبات الوطنية ليس في كمية الحشود ونوعيتها، ولا بمفردات الخطابة وبلاغة البيانات الصادرة عنها، ولا بحجم المنصة والسباق على الميكرفونات، قيمتها في قراءة التاريخ وتجنب كل ما يؤدي إلى تكرر المآسي.
غير هذا يجب الإدراك والوعي بأن الثورة ليست ملكاً أو حكراً لأحد، كما هو الوطن، ومن حق الجميع الاحتفاء بها وإيقاد شعلتها بوصفها مناسبة وطنية لا منصة نتسابق لصعودها.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى