الشيخ عثمان.. مدينة الكبار في الفن والأدب والسياسة والرياضة

> خالد قائد صالح

> الشيخ عثمان.. ومن لا يعرف الشيخ عثمان؟ ومن لا يحب الشيخ عثمان؟
فيحاء عدن، وقلبها النابض.
خالد قائد صالح
خالد قائد صالح

مدينة الكبار من سياسيين وفنانيين وقادة فكر ومثقفين من مختلف المشارب، ونجوم رياضة لا يشق لهم غبار في الملاعب.
حمل اسم (الشيخ عثمان) الزبيري، وهو من قبيلة (الزبيرا) التي سكنت لحج، ويشكل عدد أبنائها العدد الأكبر من سكان الحوطة عاصمة محافظة لحج، بحسب بعض المصادر.. وكان أحد علماء الدين في الشيخ عثمان، وله مسجد مشهور يقع في منطقة الشيخ عثمان القديمة (الشيخ الدويل) بينما يعتقد البعض أنها سميت باسم أحد ضباط الجيش التركي.
ومدينة الشيخ عثمان تزدحم بالوافدين إلى عدن من مختلف المناطق اليمنية، فهي نقطة التقاء الجميع.
وتتقاسم الشيخ عثمان مع دارسعد، أكبر وأجمل بساتين عدن، وهو بستان (الكمسري)، وهي لفظة إنجليزية تعني (المشتل) الذي بنته بريطانيا في عام 1923، والتي كانت قد قامت ببناء أول شارع في الشيخ عثمان، وفيه أهم معالمها، (مبنى الشرطة القديم )، الذي طالته يد العابثين، وقضت عليه، ومحت ملامحه التاريخية، بدلا من أن يهتم المختصون بتحويله إلى مكتبة عامة يستفاد منها، خصوصا وهو يقع في قلب المدينة.
وتتكون الشيخ عثمان من ائتلاف سكاني يشكل فسيفساء غاية في الروعة، من كل المناطق والقبائل والشرائح الاجتماعية، على امتداد ساحة الوطن.
وقد قادت الشيخ عثمان، اولى ملامح التعليم المؤسسي للأولاد والبنات، كما قادت حركات نضالية وسياسية ونقابية وفكرية ورياضية وفنية، برز فيها آل الأصنج وآل الأدهل وآل العراسي والقعطبي وإدريس حنبلة ومحمد سعيد مسواط وعوضين والقيراط والهرر وعلي بن علي والأحمدي، وغيرهم.
أما الفن.. فهو الموضوع الرئيس لمقالتنا هذه، وذلك لأن الشيخ عثمان قد أنجبت الكبار في هذا المجال.. وقد تنوعت الأصوات، واختلفت الكلمات، وترنمت الأوتار بألحان عدة، والحصيلة أنها كلها في قمة الروعة، وقد احتل الزعامة الفنية فيها الفنان الكبير محمد مرشد ناجي، حين أعلن تميزه ونبوغه الفني من أول لحن غناه (هي وقفة) التي كتب كلماتها الشاعر الكبير محمد سعيد جرادة، من أبناء الشيخ عثمان، الذي مده أيضا بكلمات أخرى لا تقل عنها جمالا، نذكر منها كنموذج. وأعتقد أنها تكفي (يا ساري البرق)، وهي الأغنية التي منحت المرشدي والجرادة شهادة التفوق في اللون الصنعاني، كما تفوقا في الألوان الأخرى.
والمرشدي لم يكن فنانا وملحنا ومثقفا وسياسيا وثائرا فقط، بل كان أستاذا تربويا وفنيا، تخرج على يديه عدد غير قليل، منهم اثنان ممن أصبحا من نجوم الأغنية، وهما الفنانان الراحلان محمد صالح عزاني وطه فارع، وهما من أبناء الشيخ عثمان، وكل اسم سيرد هو لمبدع من أبناء هذه المدينة المبدعة.
وإذا كنا قد أشرنا في مقالتنا السابقة عن دارسعد إلى ريادة من عاشوا فيها للفن الشعبي، فإن الشيخ عثمان تقاسمت ونافست كريتر على ريادة الأغنية الطربية التجديدية، وقد نافست وخاضت أنبل المعارك مع عمالقة الفن في كريتر، كأحمد قاسم وخليل محمد خليل، فمن منا لا يتذكر ما استطاع أن يفعله الشاعر الكبير الراحل لطفي جعفر أمان، من كريتر، من إشعال فتيل التنافس بين المرشدي وأحمد قاسم، وذاكما اللحنان الرائعان اللذان لايتخيران عن بعضهما، بحسب ذوق كل مستمع، اللذان وضعاهما لكلمات أغنية (مش مصدق).
كما لا ننسى حامي حمى إبداع الجرادة والمرشدي الأستاذ والعالم اللغوي الكبير عبدالرحيم الأهدل، يرحمه الله، والذي قال عنه الجرادة (عبدالرحيم الأهدل الأول في اللغة وأنا الثاني)، بدفاعه عنهما، وتصديه لكل ناقد لأعمالهما، خصوصا معجبو أحمد قاسم من كريتر.
وبالقدر الذي أسهمت فيه الشيخ عثمان بالأغنية الطربية، فقد أسهمت بالأغنية السياسية، وقد برع فيها جدا حتى وفاته، الفنان الكبير محمد سعد عبدالله، وهو أحد أقطاب الأغنية اليمنية، بل والعربية، إلى جانب المرشدي، وقد اشتركا في أغنية (قايد الجيش البريطاني مسيكين ارتبش) بالكلمات لـ بن سعد واللحن والأداء للمرشدي.
ولم يتوقف تعاونهما عند هذا الحد، بل قدما وبالإشترك مع نجم المنلوج الرائع والذي لم يتكرر، فؤاد الشريف، فكتب بن سعد كلمات عدة منلوجات كمنلوج (أبو زربين) و (حبيت وحده حلولو) ولحنهما المرشدي.. إلى جانب مجموعة منلوجات أخرى.
وبنفس القدر الذي أسهم فيه المرشدي في حمل لواء الأغنية اليمنية بمختلف ألوانها وأغراضها، كان لـ بن سعد إسهامه هو الآخر في خلق مدرسة فنية عاطفية راقية وغنية فنيا، وقد لحن وغنى للشاعر الكبير إدريس حنبلة، وهو من أبناء الشيخ عثمان (شل فؤادي الحزين) ولغيره، ولكنه تميز بكتابة معظم أغانيه وتلحينها، فكان (الفنان الشامل) والمحبوب، والذي وإن تقاسم المرشدي وبن قاسم جمهور كريتر والشيخ عثمان، فقد جمع بينهما بن سعد، واستطاع أن يصبح فنانا للنخبة وللشعب معا، فأحبه كل الجمهور.
وبالطبع لا ننسى الفنان الكبير الراحل إسكندر ثابت عم الفنان القدير نجيب سعيد ثابت، ومن منا لا يتذكر موقفه العظيم من أحد تعليقات سيدة الغناء العربي أم كلثوم حينما حضر أحد الاحتفالات التي نظمت بمناسبة ذكرى الثورة المصرية وردة فعله على ذلك التعليق بكتابة وتلحين أغنية نذكر منها: (سوف نحمي الوطن وسنبني اليمن
ولنا العز لنا).
وهيهات أن ننسى بنت الشيخ عثمان الفنانة الكبيرة أمل كعدل، ومحمد المحسني مبدع الألحان الجميلة ومنها لحن أغنية (أيا ثورة الشعب دومي منارا) الشهيرة، ويوسف أحمد سالم (عبدالوهاب عدن) .
وفي الشيخ عثمان رواد لمجالات إبداعية مختلفة، أسسوا لها، وقدموها للجمهور بتفوق، مثل الفنان الكبير الراحل أبوبكر القيسي، رائد مسرح الطفل، والفنان القدير الراحل أحمد محمد ناجي، رائد المسرح الغنائي.
وفي الشيخ عثمان شعراء للنص الغنائي، أبرزهم الشاعر الغنائي القدير عبدالله عبدالكريم، الذي شكل مع أحمد قاسم ثنائيا رائعا، بعد رحيل لطفي جعفر أمان، فقدما الاثنان مجموعة من الأغاني.
وخلال مسيرة فناني الشيخ عثمان الطويلة، برزت أغان وألحان وكلمات لشعراء، أتذكر منها الأغنية الدينية التي قدمها المرشدي، من كلمات عبدالله محمد حاتم (يا رسول الله).
وإن كان الحيز لا يسمح لنا باستعراض الكل، وحتى إن كان يسمح، فإن بوصلة الذاكرة والقلم تتجه بنا في كل حالة ونموذج راق، نريد أن نورده نحو المرشدي وبن سعد، بينما القائمة طويلة، تحتاج لمن يرسم عليها لوحة لألمع نجوم الغناء من أبناء الشيخ عثمان.
وإن كنت سأثبت لها أيضا حق إضفاء الفرح على وجوه شبابها بإيقاعات رقصة (الليوه) الشعبية، التي أوصلت رئيس فرقتها، بحب الجماهير، إلى عضوية مجلس الشعب، ولازلنا نتمتع بنجم (الليوه) (المزماز)، ويحق لنا أن ندعوها بـ“المدينة الراقصة”، فهي خير من احتفظت بهذه الرقصة، كتراث مميز لأبناء عدن، وإن كانت (الليوه) رقصة أفريقية دخيلة.
الشيخ عثمان يجب أن أعتذر لها، كوني تصديت لكتابة موضوع كهذا، ولم أوفها واحدا في المئة من حق إيراد المعلومات، حتى وإن كانت سطحية، فهي غنية بالعمق وبأصالة الإبداع.
ولكن عزائي وعذري أنني أحبها، وأحببت أن أعبر عن حبي لها بهذه المقالة المتواضعة، وأترحم على إحدى رائدات التعليم، وأكثرهن شهرة ومحبة في قلوب تلميذاتها، ابنة الشيخ عثمان زينب علي قاسم، رحمها الله وغفر لها، حتى لا يغني لي شقيقها النجم الراحل احمد علي قاسم (يالومتك)، وحتى لا ينتقدني صديقي وأستاذي الكاتب الأديب والقاص والشاعر والناقد الفني، مسؤول صفحة (الفن والفنانون) في صحيفة «الأيام» الغراء الأستاذ مختار مقطري، وهو أيضا من أبناء الشيخ عثمان، مدينة الكبار.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى