اللي مالوش خير في أبين مالوش خير في الجنوب!

> بدر قاسم محمد

> إلى يومنا هذا وألمانيا الاتحادية تمضي بمشروعها الاتحادي على أسس قانونية تراعي الحالة الاقتصادية المتدنية لدى الشعب في ألمانيا الشرقية، الحالة التي خلفها النظام الاشتراكي، حيث لم تترك قوانين ألمانيا الاتحادية أبواب الشراء والتملك - في شرقها - مشرعة أمام الرأسمال الغربي.. إلى أن تعمل، عبر برنامج اقتصادي، على رفع الحالة الاقتصادية للشرقيين، وذلك من خلال تدعيم وإيجاد رأس مال شرقي يخلق نوعا من التوازن والعدالة الاجتماعية بين الشعبين، الشرقي والغربي. وأغلب ظني أن هذا البرنامج الاقتصادي لدولة ألمانيا الاتحادية مازال ساريا أو ربما قد يكون شارف على الانتهاء.
على عكس هذا تماما كانت الوحدة السياسية اليمنية بين الجمهورية العربية اليمنية ذات النظام الرأسمالي، وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، ذات النظام الاشتراكي، حيث تم إقرار وحدة اندماجية على طريقة (سلق بيض) بين الدولتين والشعبين المختلفين اختلافا واضحا وصريحا في الجانب الاقتصادي.. فالرأسمالية الشمالية متفوقة على الاشتراكية الجنوبية في هذا الجانب، وبدون أدنى مراعاة للحالة الاقتصادية المتدنية للشعب في الجنوب سارت الوحدة اليمنية.
صحيح إن الخلاف السياسي كان الخبر العاجل لفشل مشروع الوحدة، إلا أنه بعد نشوب الحرب التي أسفرت عن هزيمة الجنوب ظل الاختلاف الاقتصادي هو الخبر الآجل وهو رأس الفشل الضمني والمستدام لمشروع وحدة الأمر الواقع التي أنتجتها الحرب فيما بعد.
ولهذا كان لابد من ميلاد حالة رفض جنوبية لهكذا وحدة سياسية، سواء حدث الخلاف السياسي وحدثت الحرب أو لم تحدث، لأن عدم تكافؤ الحالتين الاقتصاديتين لشعبي الدولتين سيفضي إلى عدم وجود عدالة اجتماعية..
وسنشهد (وقد شهدنا فعلا) تحول الشعب في الجنوب إلى مجاميع من الموظفين والأُجراء والحراس لرأسمال الشمال.
على ضوء ما تقدم، ولأن لنا من تجربة الوحدة الاندماجية اليمنية، التي ألحقت ضررا بالغا بالشعب الجنوبي، عظة وعبرة، جمعتني أنا ومجموعة من شباب محافظة أبين جلسة نقاش مستفيض تتمحور وتدور حول سؤال كنت قد طرحته عليهم بخصوص الصالح الاجتماعي لمحافظة أبين اليوم وهي مقبلة على مشروع الدولة الاتحادية من ستة أقاليم، إقبال بعجالة وبلا تروٍ، وعلى الصورة التي تحاول قيادة المحافظة أن تضع أبين فيها على صدارة مدشني العمل التنفيذي لمشروع اليمن الاتحادي، دون أن تدرس أبعاد وانعكاسات هكذا مشروع على المجتمع الأبيني!.
وسؤالي كان مفاده الآتي:
هل محافظة أبين (بشعبها ذي الحالة الاقتصادية المتدنية) وهي اليوم تساق وتحشر في الإقليم الذي يضم مراكز المال والأعمال من المحافظات الأخرى.. هل تستحضر وضعية الجنوب الاشتراكي المعدم الداخل في شراكة غير متوازنة مع الشمال الرأسمالي المترف.. وبالتالي سيقودنا هذا الانحشار الاتحادي الضيق في هكذا وضعية ـ بعيدا عن اتساع الجنوب الفضفاض ـ إلى اجترار أسباب المعاناة الجنوبية ذاتها من الوحدة الاندماجية التي كانت هي الأخرى على عجالة ودون تروٍ.. العجالة التي لم تضع في حسبانها حالة شعبها، الحالة الاقتصادية المعدمة؟
وهكذا ربما أقول مثلما جلست هناك قيادة الدولة الجنوبية ورجالاتهاعلى تلة النكبة الجنوبية.. ستجلس هنا قيادة محافظة أبين ورجالاتها على تلة النكبة الأبينية.
سؤال أخير: هل نظرت قيادات أبين ورجالاتها أو حتى فكروا بالموضوع الاتحادي من هذه الزاوية عوضا عن رقصهم الكرنفالي لمشروع الدولة الاتحادية؟.. لأن اللي مالوش خير في (أبين) من المؤكد أن مالوش خير في (الجنوب).
بدر قاسم محمد

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى