صفحات من نضال المقاومة الجنوبية ضد المستعمر البريطاني (10) المناضل/ أنيس محمد جامع.. انضم إلى القطاع الفدائي بعدن، ونفذ العديد من العمليات ضد جنود الاحتلال.

> كتب/ علي راوح

> توطئة
عبر كل السنوات التي مرت منذ غزو المستعمر البريطاني للجنوب في 19 يناير 1839م، واصل شعبنا الجنوبي نضاله وكفاحه ضد الغزاة المستعمرين.. وهو كفاح ونضال شاق وطويل تكلل بنيل الحرية وتحقيق الاستقلال، وقيام الدولة الوطنية في الـ 30 من نوفمبر 1967م.
لكن ما تزال هناك صفحات منسية لملاحم بطولية قدمها الكثير من المناضلين بدءاً من يوم الـ 19 من يناير 1839م وحتى تحقيق الاستقلال والحرية لشعب الجنوب. هناك أبطال قدموا أرواحهم رخيصة من أجل الوطن ولم يكن هدفهم الكسب المادي أو الوصول إلى السلطة، بل ناضلوا وكافحوا من أجل هدف واحد، وهو تحرير الوطن ونيل الحرية لشعب الجنوب.
ذلكم هو الهدف السامي والغالي لكل الشرفاء.. أبطال يجب علينا ذكر مآثرهم وتوثيقها بأحرف من ذهب.
هناك رجال سطروا أروع ملاحم البطولة والفداء في سفر مسيرة النضال الوطني، الذي كان من ثمره تحقيق الاستقلال الوطني وجلاء الاستعمار البريطاني عن أرض الجنوب.

رجال قدموا أرواحهم فداء لوطنهم الجنوبي، ولم يكن لهم أية أهداف من مكاسب أو سلطة، بل كان هدفهم الوحيد الحرية الوطن واستقلاله ونيل كامل الحرية لشعبهم ووطنهم الجنوبي، وبعد الاستقلال المجيد في الـ 30 من نوفمبر 1967م نجد أن كثيرين من أولئك الأبطال الذين كان لهم بعد الله فضل في تحقيق هذا المنجز الكبير، نجد أن كثيرين منهم قد تواروا عن الأنظار وفضلوا أن يعيشوا حياة الفقر والبساطة، مؤمنين بأن ما قدموه من نضال وتضحيات كان واجباً عليهم نحو شعبهم ووطنهم الجنوبي.
*أنيس جامع.. عمليات فدائية جريئة
في هذه الحلقة من (صفحات نضال المقاومة الجنوبية ضد الاستعمار البريطاني) نستعرض المشوار النضالي لأحد المقاومين الجنوبيين الذين سطروا أروع ملاحم البطولة والفداء والذين فضلوا بعد الاستقلال التواري والاكتفاء بما قدموه باعتباره واجباً وطنياً قدموه نحو وطنهم، ذلكم هو:
المناضل أنيس محمد جامع حسن، بدأ أنيس مشواره النضالي منذ مطلع الستينات، وعند قيام ثورة 14 أكتوبر 1963م، انضم إلى القطاع الفدائي التابع لجبهة التحرير (FlOsy) وخاض العديد من المعارك البطولية ضد القوات البريطانية في مستعمرة عدن، وفي إحدى العمليات الفدائية التي نفذها أنيس مع عدد من رفاقه الفدائيين في مدينة المعلا، وكانت عملية جريئة نفذوها في وضح النهار، تعرض للإصابة البليغة في بطنه ورجله اليسرى، بينما استشهد في هذه العملية اثنان من رفاقه وهما: محمد أحمد السعدي، وأحمد مثنى ناجي، وقد أدت تلك الإصابة إلى إعاقة دائمة لرجله اليسرى.
*المشاركة في الدفاع عن ثورة سبتمبر
كان المناضل أنيس جامع من أوائل الجنوبيين الذين هبوا للدفاع عن ثورة 26 سبتمبر، هب وعدد من رفاقه في العمل النقابي، الذين كانوا من طلائع المناضلين أمثال: عبده خليل سليمان، عبدالقادر فروي، عبدالله الأصنج، محمد سالم باسندوة، حسن باوزير، عبدالله صالح البيضاني، وعلي حسين القاضي، واخرين، وجميعهم شاركوا وساهموا مساهمة فعالة في نصرة ثورة 26 سبتمبر، وكان لهم الأثر البالغ في التخطيط والتهيئة لقيام ثورة 14 أكتوبر، حيث تمت لقاءات موسعة لمعظم الشخصيات في كافة المناطق الجنوبية بهدف تنظيم العمل العسكري ضد المستعمر البريطاني في عدن وبقية مناطق الجنوب، ومن تلك الشخصيات: فضل الشاعري، عبدالله محفوظ، محمود الداعري، علي بن علي هادي، عبدالله علي عبيد، فيصل فقيه، أمين الأسودي، أحمد حنش، خالد مفلحي، محمد عبدالله اليافعي، صالح أحمد اليافعي، عادل مقيدح، حسين المجعلي، سالم زين، عوض حسن، علي محمد العبادي، عبدان بليل، علي السلامي، محمد علي جرجرة، علي عبدالله السكران، محمد الحرسي، يحيى محمد أحمد، وآخرون، وقد تمت تلك اللقاءات الموسعة التي جمعت هذه الشخصيات بالقيادة السبتمبرية في تعز، التي ضمت قيادات سياسية وعسكرية، وفي مقدمتهم المشير عبدالله السلال، حيث تم تنظيم العمل الفدائي والعسكري للقيادات الجنوبية، ومنهم المناضل أنيس جامع، وتم تدريبهم سريعاً وتوزيعهم إلى العديد من المناطق والجبهات، فيما تم إلحاق البعض من القيادات الجنوبية في دورات عسكرية في القاهرة وسوريا، فيما عاد البعض الآخر إلى الجنوب للتخطيط للعمل الفدائي ضد المستعمر البريطاني بعد انطلاق ثورة 14 أكتوبر 1963م.

*تفجير دبابة بريطانية
عاد المناضل أنيس جامع من تعز إلى عدن بعد أن تدرب على العديد من الأسلحة، ومنها القنابل والعبوات الناسفة، وشارك مشاركة فعالة، ونفذ العديد من العمليات الفدائية ضد القوات البريطانية، وخاصة في مدينة المعلا وكريتر، ومن تلك العمليات الفدائية التي نفذها مع عدد من رفاقه، كانت عملية في مدينة كريتر بالقرب من مبنى المالية في الشارع المتجه إلى العيدروس، حيث قام برمي قنبلة يدوية على إحدى الدبابات، وكان من الدقة أن سدد القنبلة إلى صدر إحدى الدبابات، وكان من الدقة أن سدد القنبلة إلى صدر الجندي الذي يعتلي فوهت الدباباة فانفجرت القنبلة داخل الدبابة وأدت إلى مقتل جميع الجنود الذين كانوا داخلها، واشتعال النار في الدبابة مما أدى إلى إعطابها بالكامل، وكانت العملية بتغطية عدد من رفاق الفدائي أنيس جامع، ومنهم فضل البيضاني، محمد قحطان، صادق الصلاحي، علي بن علي حنش، فاروق جوهري، محمد علي سالم، ويحيى العولقي.
مهاجمة دورية في وضح النهار
أما العملية الثانية التي اشترك فيها بمعية عدد من رفاقه الفدائيين وهي مهاجمة دورية عسكرية بريطانية وكانت هذه العملية عملية جريئة، إذ نفذوها في وضح النهار فتبادلوا إطلاق النار مع أفراد الدورية، ونظراً لعدم وجود تغطية له ولرفاقه فقد استشهد في هذه العملية رفيقان وهما: محمد أحمد السعدي، وأحمد مثنى ناجي، فيما تعرض أنيس لإصابة بالغة في البطن والرجل اليسرى، وعلى إثر هذه العملية تم اعتقاله ونقله إلى السجن البريطاني المسمى (K.B.H) المعروف حالياً بمستشفى عبود العسكري، وهناك التقى بعدد من الفدائيين، ومنهم عوض حسن الليوي، وسيف علي مقبل، وسعيد حمود الإبي، وخالد عبدالله صبري، وسعيد همدان، وآخرين.
وبعد جلاء المستعمر وتحقيق الاستقلال في 30 نوفمبر 1967م لم يجد الفدائي أنيس جامع أية عناية أو تكريم أو تعويض لإصابته التي لازمته حتى اليوم، شأنه في ذلك شأن العديد من المناضلين، الذين لم يجدوا أبسط الحقوق والرعاية، وفاءً لدورهم البطولي وللتضحيات التي قدموها لنصرة الثورة وتحقيق الاستقلال.
إنهم أبطال قدموا أرواحهم رخيصة من أجل وطنهم، مؤمنين بأن ما قدموه من نضال وتضحيات كان واجباً عليهم نحو شعبهم ووطنهم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى