وحدة القوى الجنوبية هي الخيار الأعقل

> عبدالكريم سالم السعدي

>
عبدالكريم السعدي
عبدالكريم السعدي
«خيط شعاع
يكاد يظهر في الأفق
سيكون أول فجرنا
سيكون خطوتنا
إذا نحن خطونا
لصباح نشتهيه
منذ آلاف السنين»
الإمعان في الخطأ لن يقود إلا إلى المزيد من الانقسام والتشظي والتباعد والاحتقان. ومن الحكمة والفطنة أن تشكل الظواهر السلبية لاحتفالية ثورة أكتوبر هذا العام جرس إنذار لكل عقلاء الجنوب، بحيث يعملون على تلافي التصعيد باتجاه الانقسام، ويضعون حلولاً لكيفية إدارة أزمة الجنوب الحالية، والتي أظهرها جلياً حشد شارع مدرم في المعلا، وحشد ساحة الحرية في خورمكسر..
مَن ينظر إلى ما حدث على الواقع من زاوية أيّ الحشود أكبر، وأيّ الأطراف استطاع جمع الأكثر، فهو إنما يعبر عن قصر نظر، وعن تعصب أعمى لفريق من الفرق المتبارية، ولا يعبر عن انتماء لوطن ما زال محتلاً، وهو في أشد الحاجة إلى التقارب والالتقاء ولو على أساس القواسم المشتركة.
المتابع للحشود التنافسية بين الأطراف في الداخل الجنوبي سيلاحظ حالة العزوف عن الحضور في كلا الساحتين، وهذا مؤشر يتطلب التوقف أمامه، وهو يؤكد أن المجتمع الجنوبي يرفض الانقسام، وبالتالي فالكثير من القوى والشخصيات الوطنية والاجتماعية وشرائح واسعة من الجنوبيين، قد آثرت عدم المشاركة مكرهة حتى لا تسهم - بشكل أو بآخر - في حالة التنافس هذه، التي لا تحكمها أي معايير وطنية، والتي تقود إلى إعادة واستحضار الجانب السيئ والمظلم من التاريخ الجنوبي، الذي يأمل أبناء الجنوب تجاوزه والخروج من نفقه المظلم.
لا شك في أن الإقليم والعالم يراقبنا، وهذه المرة ليس عن بعد، فهو اليوم يشاركنا الوطن النازف، بل ويصنع مصيرنا فيه، وبالتالي فلن تنطلي عليه خطب صناعة الإجماع المزيف. كما أن الداخل الجنوبي بات يستشعر خطورة ما وصل إليه ساسته، فهناك موجة من عدم الرضا لما آلت إليه حالة التشظي والانقسام الجنوبي، الذي باتت أطرافه - وبوضوح - تكرس كل جهدها للحرب الداخلية غير المجدية وغير الوطنية، متناسية معركتها الرئيسية وعدوها الذي ما زال يفرض سيطرته على بعض مناطق الجنوب حتى اللحظة. الأمر الذي يضعنا جميعاً أمام مسؤولياتنا التاريخية في الوقوف أمام الأطراف المتصارعة، ومطالبتها بالتنازل لبعضها والابتعاد عن النزعة التسلطية الإقصائية، والكف عن هذه الأفعال التي لا تخدم الجنوب وقضيته، والتي تظهرنا أمام شعبنا والإقليم والعالم بأننا مازلنا دون سن الرشد السياسي الذي يؤهلنا لإقامة دولة تلتزم بالمواثيق وتحترم حرية الرأي وتقبل بالشراكة.
تاريخنا الجنوبي بمنعطفاته يؤكد أن انتصارنا لن يكون إلا بوحدتنا، ووحدتنا لن تتحقق إلا بالقبول ببعضنا على أساس التوافق والقواسم المشتركة، وليس بالضرورة أن يكون التوافق شاملاً، ولكننا نحتاج على الأقل إلى قدر معقول من التوافق، يرافقه خطاب معتدل يدعو إلى التسامح والوحدة الجنوبية، ويبقي الأبواب مشرّعة للالتحاق دون خطوط حمراء ولا مربعات محرمة ولا شخوص مقدسة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى