اليمن.. وسوق المبادرات

> هاشم عبدالعزيز

> إنها مفارقة الأزمة اليمنية، في الأقوال، كان هناك زحمة مبادرات، لكن ليس هناك مبادرة يمكن بناء الحل عليها حتى الآن.
السؤال: في شأن ما يتردد عن إعلان المبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ عن مبادرة أممية شاملة لحل الأزمة اليمنية، هل تلحق سابقاتها بالفشل؟ أم سيكون حليفها النجاح؟ والأهم ما المبادرة التي انفجر الضجيج حولها؟ في هذا الشأن من المناسب القول إن زحمة المبادرات في شأن الأزمة اليمنية تبددت خلال السنوات الثلاث المنصرمة للأسباب الآتية:
أولاً: هناك مبادرات كانت بطبيعتها فاشلة، لعدم استيعابها متطلبات حل الأزمة.
ثانياً: هناك مبادرات أجهضت بمبادرات، وجاء هذا من جرّاء الانقسام الدولي الذي تغلّبت عليه حسابات المصالح الخاصة، ثم انتهت حيث بدأت من جرّاء الأزمة المتفجّرة بتداعياتها الكارثية على اليمنيين، وعلى أمن واستقرار هذه المنطقة الحيوية والاستراتيجية التي تهم مصالح وأمن عالمنا الدولي والإنساني بأسره.
وأظهرت النتائج أن السباق في تسويق المبادرات لا يصبّ في مجرى حل الأزمة ووضع نهاية للحرب التدميرية التي تعصف بالبلاد والعباد.
هنا يمكن القول إن الزخم الذي يصاحب عودة ولد الشيخ في تحركاته واتصالاته، يعود إلى تراجع لعبة استغلال الحرب لا في شأن اليمن فقط بل والمنطقة، وهذا التراجع من شأنه أن يفيد العمل الأممي المطلوب لإنقاذ اليمن من كارثية الأوضاع المتداعية والمأساة التي يعانيها السكان في أمنهم وأمانهم ومعيشتهم وأعمالهم وصحتهم.
لكن السؤال: هل هذا الزخم سيستمر؟
هنا لا بد من الإشارة إلى نماذج من التضاربات:
الأول إعلامي: وفي هذا الشأن بدت، ولأول مرة، التسريبات متناقضة وقراءتها من وسيطة إعلامية وأخرى مختلفة حول ما يسمّى بالمبادرة الأممية الشاملة.
لقد بدت بعض التداولات، لما تعتبره المبادرة، كما لو أنها فرصة انتقامية، وبدأ الغالب في التناولات يقوم على الأمنيات لا على الحقائق والمعلومات.
قد يعود هذا إلى رواسب الأزمة، لكن حملات من هذا القبيل لا تخدم المبادرة إن وجدت.
الثاني دبلوماسي: وجاء على لسان السفير الأمريكي في اليمن ماثيو تولير الذي قال: «إن أي حل للأزمة اليمنية يجب أن يكون مبنياً على ثلاثة أسس، تتمثل في وقف القتال وعدم إعاقة إيصال المساعدات الإنسانية العالقة، ومرحلة انتقالية تمثّل كل اليمنيين».
التصريح أثار تساؤلات: هل يرتبط ذلك بمسار المبادرة التي أعلن عنها المبعوث الأممي إلى اليمن؟ أم هي مبادرة على المبادرة، بهدف إحياء مبادرة وزير الخارجية الأمريكي السابق جون كيري؟
في أي حال ما هو جدير بالاهتمام، أن التحركات النشطة التي أعادت الأمل بدور دولي فعال لحل الأزمة اليمنية، قد تصير بجوانبها الدبلوماسية والإعلامية جعجعة صاخبة، ولكنها بغير نتيجة.
الحديث واسع عن المبادرة لا بإعلانها بل هناك تبرعات بمحاورها، غير أن المبادرة هي الوحيدة الغائبة عن مشهد التحركات والاتصالات والتصريحات الجارية.
إن التعامل مع النوايا على أنها خيارات وتوجّهات، لا يقدّم شيئاً بل هو أقرب إلى وضع العربة أمام الحصان.
في هذا الشأن كان المبعوث الأممي أعلن عن المبادرة الأممية الشاملة لحل الأزمة اليمنية، لكنه لم يعلن حتى الآن عن المبادرة بنصوصها وفصولها، ليتسنى بعد ذلك النظر إليها من حيث الأرضية التي استقامت عليها، وهي في شأن الأزمة اليمنية تتمثل بمخرجات مؤتمر الحوار الوطني، والمبادرة الخليجية، وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.
الحقيقة أمام ما يجري من تسويقات عن المبادرة الأممية الشاملة، هي أن المبادرات التي تلاحقت في الفترة الماضية سقطت بسبب عدم تجاوب الانقلابيين مع خيار السلام الذي يضع نهاية لحرب الدمار في البلاد، ولغياب التوافق والإرادة الدولية مواجهة هذه الكارثة التي سببها الانقلاب الأرعن على الشرعية الدستورية والعملية السياسية في الفترة الانتقالية، وعلى مخرجات مؤتمر الحوار الوطني والمبادرة الخليجية وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، وإن ما تسمى المبادرة الأممية الشاملة لم تولد بعد.
على هذا كان تصريح وزير الخارجية اليمني عبدالملك المخلافي الذي نفى وجود خطة واضحة لبدء العملية السياسية.
في انتظار ما ستأتي به الأيام في هذا الشأن، ثمة ما يمكن أن يقال.
نعم إن الحرب جريمة، ومواجهة أي حرب بهجوم السلام لا يمكن أن يفضي إلى النتيجة المرجوة دون الأخذ بالأسباب التي قادت إلى هكذا كارثة.
والمسألة هنا ما الأساس الذي يضمن عدم العودة إلى ذات الانقلاب الذي أصاب اليمن بمقتل، ويبقى الأمل الخروج من نفق الظلام إلى حياة العزة والكرامة والحرية وحقوق الإنسان.
* عن صحيفة (الخليج) الإماراتية

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى