طريق رهوة الفلاح (حمة) بيافع سرار .. إمكانيات شحيحة بإرادة تقهر الجبال.. مدير المشروع: تجاوزنا 70% من الصعوبات في ظل إمكانيات وجهود شحيحة

> رصد/ أحمد يسلم

> حمة، المنطقة التي تتاخم حدودها مع مديريات: خنفر بمحافظة أبين، من اتجاه مناطق شرية، ثم السيلة بالبيضاء، ولودر فسباح، ناهيك عن كونها تشكل المساحة الأكبر في مديرية يافع سرار والتي تقع إداريا في نطاقها.
من أعلام منطقة حمة الذين ذاع صيتهم ما قبل الاستقلال، الفقيد الشيخ والشاعر الحكيم صالح حسن الجلادي، إلى جانب الكثير من رجالها ممن برزوا في مؤسسات عسكرية ومدنية في دولة الجنوب.
فرضت على أهالي المنطقة ظروف حياتية صعبة جراء وعورة الطرق الموصلة إليها، وانقطاعها في مواسم الأمطار، ما استدعى الأمر إلى ضرورة شق طريق رهوة الفلاح (حمة) بالاعتماد على الأهالي أنفسهم وإمكانياتهم الشحيحة، والذين تسلحوا بإرادة فوﻻذية تقهر صخور الجبال في الزمن الصعب، وغياب الدولة، لكنها الإرادة التي تجاوزت المستحيل.
«الأيام» زارت المنطقة لتسليط الضوء على هذا المشروع الحيوي الذي يعتبر بمثابة الحلم الكبير الذي طالما انتظره الأهالي.
بدأت فكرة إنجاز مشروع طريق رهوة الفلاح (حمة) بفضل اهتمام وتفاعل الأهالي، عندما قاموا بإنشاء مجموعة (واتساب)، وتم بلورة الفكرة من خلال النزول الميداني والالتقاء بالمواطنين، وأسفرت عن انتخاب لجنة أهلية تم من خلالها جمع التبرعات من المغتربين من أبناء حمة.
يقول في هذا الصدد، مدير المشروع المنتخب من الأهالي، علي ناصر امحامدي: “إنه في 24/4/2006م كانت البداية الفعلية لتنفيذ المشروع عبر إحضار معدات وآليات الشق بالمقاولة، وبرغم صعوبة المهمة، وضعف الإمكانيات إلا أننا قبلنا بالتحدي، بعد أن فرضت علينا ظروف قاهرة عانيناها أثناء مواسم الأمطار وانقطاع الطريق لفترات تصل إلى ثلاثة أشهر من كُل سنة، وبسبب هذه الظروف الصعبة كانت تحدث قصص مأساوية لبعض المرضى والمتعسرات وصلت إلى الوفيات نتيجة الوسائل البدائية لنقل وإسعاف المرضى على (الجمال) وعلى الأكتاف لساعات طويلة”.
ويضيف: “هذه فقط نماذج عن حالات كثيرة تتكرر بشكل مستمر، ناهيك عن تأخر وصول المؤن والمواد الغذائية في موسم الأمطار، حيث يتوزع سكان حمة على امتداد يصل إلى 60 كم من عاصمة المديرية سرار، وهذا ما يعني مزيداً من المعاناة”.
*صعوبة المشروع
المشروع بحد ذاته عبارة عن طريق صخرية صلبة، وكان لابد عند بداية تنفيذه من القيام بعمل قطعيات في (رهوة الفلاح) بعمق 60 مترا من الجانبين، وهذا يعد بالنظر إلى الإمكانيات المتواضعة التي بدئ بها تنفيذ المشروع عملا جبارا”.
بعد شق الطريق
بعد شق الطريق

يوضح في هذا الإطار، مدير المشروع: “يمكننا القول بأننا تجاوزنا المرحلة الصعبة بنسبة 70 بالمائة من المسافة الصخرية البالغة خمسة كلم، وبتجاوز هذه المرحلة الصعبة نكون قد وصلنا إلى مرحلة لا رجعة فيها، ولا يزال العمل مستمرا على قدم وساق”.
وبشأن حجم موازنة المشروع، يلفت امحامدي إلى أن المبالغ التي بحوزتهم أصبحت على وشك النفاد، موضحاً: “مجموع ما صرفناه وفق آلية العمل المقرة بموجب سندات الصرف وتقارير الإنجاز بلغت 50 مليون ريال يمني، وهذا كله كان نتاج حملات التبرعات المقدمة من الداعمين من أبناء يافع والمغتربين، والذين نتوجه لهم بعظيم الشكر والامتنان لكل الإخوة من رجال المال والأعمال على دعمهم السخي وتفاعلهم مع معاناة أهلهم في حمة، فيافع تعيش حالة نشطة من أعمال شق الطرق وتوسعتها على نفقة أبنائها في ظل غياب الدولة”.
وأشار إلى أن ما يقارب خمسة ملايين ريال يمني هو ما تبقى لديهم فقط، وقال: “ما أحب التأكيد عليه هو أن آلية الصرف كانت في منتهى الدقة من خلال تعيين مشرف عمل للمشروع، واعتماد نظام احتساب لكل مائتي ساعة عمل، ورفع تقرير الانجاز إلى مدير المشروع، لتقوم بعدها اللجنة المالية بصرف المبلغ المحتسب بحسب تقرير الانجاز وفق عدد الساعات”.
*آليات ومعدات العمل
بخصوص صور الدعم والمساهمة المجتمعية، وحجم المعدات التي قدمت لإنجاز المشروع، يوضح مدير المشروع: “قوامها عدد اثنين بوكلينات، تراكتور، آلة حفر كمبريشن، جلبناها بالإيجار من أحد مقاولي القطاع الخاص”.
اثناء معاينة الطريق
اثناء معاينة الطريق

ويواصل حديثه: “طرق الدعم والمساهمة تجلت في صور عدة منها ما كان يأتي من كبار الداعمين في الخارج، ومن أشخاص من خارج أبناء حمة بالطبع، ومن كافة مديريات يافع الثمان”، مستطرداً: “حتى وصل الدعم من أحد التجار الصينين الذي قدم تبرعا للمشروع بما يعادل 200 ألف ريال يمني، ومواطن آخر باكستاني تبرع ما يعادل 30 ألف ريال يمني”.
وقال: “بالقدر الذي نثني فيه على كل الداعمين والمتبرعين وجهود لجان جمع التبرعات، كانت هناك صورا جسدت رغم بساطتها وقلة حجمها القول المأثور (الجود بذل الموجود) من فقراء ونساء ورجال كبار السن، أبوا إلا أن يساهموا في إنجاز وإنجاح هذا المشروع، منهم: الوالدة عافية الوزيري (80 عاماً)، والتي تبرعت بنصيبها من (شجرة علب) لبيعه والتبرع بثمنه للمشروع، كما أن إحداهن تبرعت بما تملك من جرامات من ذهب، وأخرى تبرعت بثمن (طلي)، قالت لزوجها بدلاً من كسوة العيد”.
ويضيف: “أما الوالد علي عقيل (60عاماً) برغم ظروفه الصعبة، فقد جاء متبرعاً بـ(غنمة) لكن بمجرد علم المواطن فضل أمين من دولة الكويت، تبرع نيابة عنه بمبلغ 100 ألف ريال تقديراً لشهامة الرجل، وهذه نماذج سردناها لتعكس مدى حب وتفاعل الناس البسطاء مع هذا المشروع الذي سينهي معاناتهم”.
*غياب الدور الحكومي
مثل ضخامة مثل هذه المشاريع التي ينبغي أن تقوم بها الدولة، نراها تتكلل بجهود ومساع وأموال الأهالي، فليس هناك أي دعم قدمه الجانب الحكومي في مشروع شق طريق رهوة الفلاح (حمة)، عدا ما قدمه مدير عام مديرية سرار، صالح قدار، من دعم بمبلغ مليون ريال قدمه بصفته الشخصية”.
قبل شق الطريق
قبل شق الطريق

يقول في هذا السياق، علي الحامدي: “إن هذا المشروع جرى التفكير في تنفيذه منذ سبعينات القرن الماضي، لكن هناك من رأى استحالة تنفيذه نظراً لكونه يحتاج لإمكانيات كبيرة”.
ويضيف موضحاً حول آلية تنفيذ المشاريع المنفذة من قبل الحكومة: “من خلال تجربتي العملية في إدارة المشروع الحكومي تبين لي أن هناك إهدار كبير للمال العام، وهناك مبالغة في حجم الأموال الممنوحة لتنفيذ المشاريع الحكومية، وهو ما يعكس حالة الفساد المالي والإداري الذي يعم البلاد”.
ويواصل قوله: “وبحسب إفادة مهندس مختص فإن ما تم إنجازه فقط في شق بوابة المشروع وحده الذي ينفذه بمنطقة “حمة” بلغ 20 مليون ريال، ولو كان هذا التمويل بدعم حكومي لبلغ حجمه خمسة أضعاف هذا المبلغ كأقل تقدير”.
*المشروع في مراحله الأخيرة
يعد المشروع بحد ذاته تحدياً في ظل غياب مساهمة الدولة، وهذا التحدي فرضته معاناة الأهالي في حمة ليعبر عن روح التعاون والتكافل الإنساني في إنجاز مشاريع ذات رصيد ضخم يحسب لأبناء يافع.
حيث إن المشروع سيفتح مجالاً واسعاً لإنشاء مشاريع كبيرة في مجال السدود، وحواجز المياه، كما أن إنجازه سيخدم في الأساس إنجاح فكرة مشروع سد بين الواديين، والذي سيوفر مخزونا مائيا ضامنا وكافيا لإمدادات المياه لمديريتي سرار ورصد يافع، بموجب ما تم إنجازه من دراسات وتصاميم هندسية.
ولاكتمال المشروع فإن ذلك يحتاج إلى مزيد من تضافر جهود جهات عدة، منها إسهامات الحكومة والسلطة المحلية في محافظة أبين.
ومن على منبر «الأيام» فإننا نوجه نداء لمحافظ محافظة أبين، اللواء أبوبكر حسين، لدعم المشروع حتى يبصر النور.
كما نشكر مهندس المشروع، صامد الوعلاني، وهو الرجل الذي شاركنا الهم والهمة، ووقف إلى جانب الأهالي في السراء والضراء منذ بدء تنفيذ هذا المشروع.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى