أزمة سكن في عدن.. وأسعار الإيجارات تفوق قدرة المواطنين.. مواطنون: الأوضاع الاقتصادية وارتفاع الدولار جعلنا مهددين بالمبيت في الشارع

> تقرير/ مسعود المسعودي

> المواطن في عدن ومسلسل الأسعار الذي يحل على ساكني المدينة بشكل يومي، فمع ارتفاع أسعار المواد الغذائية والأدوية بسبب تدهور العملة المحلية أضحت شريحة كبيرة من المواطنين في مرمى ارتفاع آخر وهي إيجار المنازل.
يواجه الكثير من سكان العاصمة عدن والمستأجرين على وجه التحديد صعوبة بالغة في مسايرة الوضع الحالي في البلاد، فأصحاب الدخل المحدود والفقراء من قاطني المدينة ومع تأخر رواتبهم وجشع واستغلال بعض ملاك الشقق والمنازل لم يعد بمقدورهم الاستقرار والثبات في مساكنهم المستأجرة.
وللوقوف أمام مشكلة ارتفاع إيجارات السكن، وما قد يترتب عن ذلك من تهديد مباشر قد يعرض العشرات من الأسر والعائلات بالطرد إلى الشارع في ظل غياب قانون ينظم علاقة المؤجر والمستأجر بما يضمن حقوق الجانبين.
قامت «الأيام» باستطلاع آراء عدد من المواطنين والقانونيين لمعرفة على الحقوق والضمانات الملزمة، والتي تحمي حقوق المؤجرين من استغلال وجشع الملاك المؤجرين الذين لم يراعوا الظروف ليرفعوا أسعار إيجارات السكن.
*العقد أصل العلاقة
وللتعرف عن الثغرات الموجودة في قانون الإيجار، والضوابط التي تنظم علاقة المؤجر والمستأجر.
المحامي خالد السقاف
المحامي خالد السقاف

يقول القانوني خالد السقاف: “كانت العلاقة التي تنظم عملية إيجارات السكن قائمة على عقد مبرم بين الساكن والمؤجر، والتي بموجبها يتم تحديد حجم الإيجار ومدة السكن، ولا يحق للمؤجر أن يرفع قيمة الإيجار في ظل سريان العقد وعدم انقضاء مدته الزمنية المتفق عليها”.
ويضيف: “الأصل ما بين المالك والمستأجر العقد المبرم بينهما، وإذا العقد كانت مدته سارية بنفس المبلغ فلا يجوز زيادة سعر الإيجار إلا في حالة انتهاء العقد، فبعدها إما أن يطالبه بالإخلاء أو بزيادة سعر الإيجار وأن يتم ذلك بعقد جديد”.
*لا ضوابط قانونية
ويؤكد السقاف في هذا السياق عن “وجود ثغرات تقع على القانون اليمني، فهو عكس القانون المصري الذي يحدد ضوابط ثابتة، وبمدة إقامة طويلة، لا يمكن خلالها للمؤجر أن يقوم برفع سعر العقار دون اللائحة المحددة والواضحة في القانون”.
ويستطرد: “فالقانون المصري يحدد نطاق الارتفاعات في أسعار الإيجار، ومدة العقد، أما القانون اليمني لم يحدد مدة الإيجار ولم يحدد نطاق معين للأسعار، ما يجعل الوضع مناسبا للاستغلال والتلاعب الخاضع لمزاجية المؤجر”.
وقال: “الإيجار المتعارف عليه في بلادنا أصبح محددا بسنة واحدة، وهذه مشكلة قد يخسر المستأجر قيمة ديكور وأعمال ترميم، ومن ثم يأتي المالك عقب سنة المالك مطالباً المستأجر بالخروج”.
وطالب السقا ف “بضرورة وضع قانون ينظم موضوع إيجارات السكن، أسوة بالقانون المصري الذي يضمن حق الأضعف وهو المستأجر”.
*تفعيل القوانين الخاصة
يقول عدد من المحاميين والقانونيين في عدن، نحن اليوم نعيش في دولة لا يوجد فيها قانون ولا ضوابط تلزم المالك على التقيد بسعر محدد، ومدة زمنية معينة، مشيرين إلى أن الاستغلال أصبح هو السائد لدى الكثير من الملاك، وهذا ما يعتبر قصورا في وضع مواد القانون اليمني، ولا وجود لا أية حلول جادة لتفعيل هكذا قوانين من شأنها أن تقلص التلاعب بسعر الإيجار.

ولفتوا إلى أن القانون المدني هو من كان ينظم العلاقة بين المالك والمستأجر، أما القانون الحالي هو قانون (تنظيم العلاقة) وهو خاص بالإيجار، ولكنه لا يختلف عن القديم، وليس بمقدور هذا القانون ضبط استغلال الأسعار أيضاً.
*عاجزون عن سداد الإيجار
يقول عبدالرب اليافعي - مالك أحد العمائر- بمدينة المنصورة في عدن: “إن بعض السكان المؤجرين زادوا من مماطلتهم في تسديد الإيجار، والبعض عليه تراكمات بلغت لمدة ثلاثة أشهر متواصلة، لم يدفعها حتى الآن، ونحن نقدر أوضاعهم ولكن هذا الوضع أصبح يضرنا ويؤثر علينا”.
ويضيف: “أعلم بالوضع الذي نعيشه بالبلاد، لكننا نحن كمؤجرين متضررين أيضاً، فتشغيل محلاتي تعتمد على البترول، وارتفاع سعر صرف الدولار أثر كثيراً على متجري (السوبر ماركت)، ونحن نصادف مشاكل تدفعنا إلى رفع قيمة الإيجار”.
*الإيجار بالريال السعودي
يشير محمد جمعان، وهو أحد السماسرة (الدلالين) في حديثه عنه الارتفاعات بالنسبة للإيجارات، قائلاً: “ارتفاعات إيجار المساكن ارتفعت بشكل كبير جدا، وغيري معقول، ما ضاعف من معاناة المواطنين من أصحاب الدخل المحدود، ووصلت الإيجارات من 25 ألف ريال شهريا، إلى 35 ألف ريال شهريا، بصور غير مسبوقة”.
(الدلال)  محمد جمعان
(الدلال) محمد جمعان

وقال: “أغلب الإيجارات ارتفعت، من شقق، ومنازل شعبية، فبعض الشقق قفز إيجارها من 40 ألف ريال شهريا، إلى 60 ألف ريال شهريا، وبعض الملاك أصبحوا يأجرون منازلهم وعقاراتهم بالريال السعودي”.
ويضيف جمعان إلى جملة من أهم الأسباب التي تسببت برفع تكاليف الإيجار، قائلا: “وجود نازحين من مناطق مختلفة تسببت في شيوع أزمة سكن، علاوة على ارتفاع الدولار والذي ربطه ملاك العقارات والمحلات بعلاقة التأجير، ورفع أسهم إيجاراتهم”.
مع ان لم يستكمل ترميمها إلا أنها محجوزة
مع ان لم يستكمل ترميمها إلا أنها محجوزة

وواصل: “نلاحظ وجود أزمة سكن نتيجة هذه الأوضاع، فمع توافد مئات الأسر النازحة من المناطق المتضررة فإن بعضهم يضطر للبحث عن موقع سكن مهما يكن الثمن، وهذا ما دفع ملاك المساكن إلى رفع إيجاراتهم”.
*إيجارات بأسعار خيالية
وأما عن طلبات السكن والشروط المفروضة على المؤجرين، يقول أحد السماسرة العاملين في هذا المجال: “لدي عشرون زبونا لم نجد لهم أسعارا مناسبة، فأقل سعر للإيجار بـ50 ألف ريال شهريا، وهناك أسر قد لا تتمكن من الحصول على سكن بسعر يتماشى مع دخلها الشهري، قد تضطر للمبيت في الشارع، وهذا ما قد يحدث بالفعل خلال الفترة القادمة، في حالة استمرت الأوضاع الاقتصادية كما هي عليها الآن، وارتفاع سعر الدولار، وأسعار مختلف متطلبات الحياة المعيشية”.
وقالوا: “حتى قيمة سكن شقة مؤلفة من غرفة واحدة وحمام ومطبخ في مديرية الشيخ عثمان أصبح ملاكها يطالبون بـ50 ألف ريال لتأجيرها، وهذه الأجور لم تصل أبداً إلى هذا المستوى الكبير، وهذا ما يدعو الدولة ممثلة بجهات الاختصاص التدخل لإلزام ملاك العمائر والشقق إلى عدم استغلال الظروف، ومراعاة الوضع السيئ وظروف الناس المعيشية”.
*الشارع سكن أخير
يشكو المواطن سامي عبدالحافظ السقاف، وهو مستأجر من أبناء مدينة كريتر، قائلاً: “رغم أنني مستأجر منزل شعبي متواضع وصغير، إلا أنني أتكبد مخاسير مستلزمات مضاعفة من ارتفاع أسعار المواد الغذائية والأدوية”.
وقال: “فبالرغم من أنني مؤجر محل حلاقة صغير في مدينة كريتر، أعمل من خلاله لتأمين مصدر دخلي، إلا أن مالك المحل أقدم على رفع إيجار المحل من 30 ألف ريال شهري، إلى 35 ألف ريال شهري، دون أي وجه حق، تحت ذريعة ارتفاع الدولار”.
واختتم سامي قوله: “كنت أعتمد على تسيير عملي في المحل بشكل كلي على البترول، ولكن بعد أن ارتفع سعر اللتر، ورفع زيادة سعر تأجير المحل، فإنني أصبحت أواجه صعوبة في سداد الإيجار بعد تدني مستوى دخلي، وهو ما يجعلني وعائلتي معرضين لوضع خطير قد يجعلنا مرميين على قارعة الشارع”.
تقرير/ مسعود المسعودي

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى