المشاكل الناجمة عن رؤية المحضون

> د. عوض مبارك بن شحنه المحامي

> إن أهم مشاكل الحضانة هي رؤية المحضون، لأن أغلب مشاكل رؤية المحضونين ليست ثابتة ولا جامدة، وإنما هي متحركة في أثرها وتأثيرها بحسب الظروف التطورات، لذلك لابد من عين فاحصة تلمح أبناءها وتدرك دور الأسباب الجديدة والمتجددة.
ومن المسائل التي تخضع للقانون واجب التطبيق لتنظيم الحضانة حق والد المحضون أو العاصب في رؤية المحضون وزيارته، إذ يتفرع عن الالتزام بالحضانة أن تمكن الحاضنة الأب أو من ينوب عنه من رؤية المحضون باعتباره حقاً طبيعياً له وباعتباره أيضاً أمراً ضرورياً لمتابعة المحضون.
وإذا كان فقهاؤنا لم ينصوا على تنظيم معين لرؤية كل من الأبوين للطفل، فما ذلك إلا اعتماد على ما زرعه الإسلام في نفوس المؤمنين من رحمة ومودة تجعل الأب يعطف على طفله والأم لا تقطع صلتها بصغيرها بشكل يؤمِّن مصلحة الأطراف الثلاثة.. أما وقد تغيرت النفوس والأخلاق وأصبح كل من الأبوين غير آمن من إضرار الآخر به ويمنع طفله من رؤيته، فلابد من وضع قواعد زاجرة منظمة تضمن مصلحة الصغير أولاً وقبل كل شيء.
أما فيما يتعلق بانتقال المحضون من دولة إلى أخرى فإننا نرى أنه لا يجوز الانتقال بالمحضون من دولة إلى أخرى، وذلك للضرر الذي يصيب المحضون.. ومع ذلك فعلى الرغم من صدور العديد من الأحكام فإن ذلك لم يمنع من وقوع كثير من حالات السفر بالمحضون بقصد نقله أو اختطافه سواء قبل أو بعد صدور حكم من جهة القضاء بشأن من له الحضانة. ولا شك أن لمثل هذا التنقل آثاره في التكوين الاجتماعي والثقافي للطفل، حيث تتهدده تغيرات كثيرة في الظروف المحيطة به.. ولذا تسعى التشريعات الوطنية والاتفاقيات الدولية إلى تطبيق الاستقرار للطفل في أثناء فترة حضانته وإعادته إلى بيته وموطنه، وذلك بالتعاون مع السلطات القضائية في الدول المختلفة.
ولعل أكبر مآسي الطلاق هو انتشار ظاهرة مقايضة الأطفال بالطلاق أو بحقوق ما بعد الطلاف كالمتعة والحضانة.. وأصبح من الطبيعي أن تحدث تنازلات ومقايضات يصبح الأطفال بعدها ورقة للضغط على الطرف الآخر أو مجرد وسيلة للابتزاز دون مراعاة لمشاعرهم وكرامتهم، بل دون أي اعتبار لإنسانيتهم.
فرؤية الصغير من المسائل المهمة التي تظهر بعد افتراق الأبوين، وهي أول مشكلة يلاقيها المحضون وهو في ظل تنازع والديه، الذي يسعى كل منهما - بشتى الوسائل - إلى الظفر بحضانته، ويحرص على أن يتخذ طفله وسيلة للإضرار بالآخر وإيذائه، مما يعرضه لكثير من الانعكاسات التربوية والنفسية، وقد يؤول به الأمر إلى الانصراف.
فرؤية المحضون في الظروف العادية واجبة على الأبوين والجدين وذوي الأرحام، وتعتبر من الحقوق القوية.. فلا يجوز حرمان صاحب الحق في الرؤية، منها. وهذا الواجب هو احترام هذا الحق من نطاق الحدود الموسومة له.
فكثير من القوانين أعطت الأبوين كليهما حق زيارة ولدهما حتى لا يصاب الأخير باضطراب خلقي وعاطفي ونفسي إذا انتقل المحضون من أحد أبويه إلى الآخر، إذا لم يكن قد ألفه من قبل. كما أعطت القوانين محارم المحضون الحق بزيارته والاطمئنان عليه، وذلك من باب موجبات صلة الرحم، والقاضي هو من يحدد الكيفية وموعد الزيارة زماناً ومكاناً، سواء كان المحضون في يد أحد الأبوين أو كان في يد غير الأبوين.
والزيارة يجب أن تكون محدودة بحدود معينة ومحكومة بآداب يجب مراعاتها، فيتعين أن تكون الزيارة في أوقات متباعدة بحيث لا تكون كل يوم ولا تتكرر إلا كل عدة أيام.
ويلتزم الأب بإعادة المحضون إلى أمه بعد رؤيته حتى يبيت عندها.. فالمحضون لا يبيت إلا عند أمه بعد فراغ وليّه من رؤيته، موافقين بذلك ما نص عليه فقهاء المالكية والحنابلة.
وختاما.. نقول إن حق رؤية المحضون وزيارته مقرر للحاضن والمحارم أيضا كي تدوم الألفة والصلة بين الأرحام.. ولكن الوسيلة التي يتحقق بها ذلك تختلف باختلاف الأشخاص وظروف كل من الحاضن وغير الحاضن، فقد تكون رؤية المحضون سببا من أسباب عودة الألفة وجمع الشمل مرة أخرى.
كما إن رؤية المحضون، عند التنازع والتجافي، قد تكون صعبة التحقيق، كما يحدث كثيراً.. فيجب أن تتم بصورة لا إفراط فيها ولا تفريط، وبطريقة تريح كل من الحاضن وغيره.
د. عوض مبارك بن شحنه المحامي

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى