وبعد 15 سنة.. وفي منتصف ليلة

> محمد حسين الدباء

> إبراهيم ناجي أحب بنت الجيران وهو ابن 16 سنة، وسافر ليدرس الطب وعند رجوعه كانت قد تزوجت، لكنه لم يستطع أن ينسى حبه لها، وبعد 15 سنة وفي منتصف ليلة من الليالي التقى برجل أربعيني يستغيث به لينقذ زوجته التي كانت في حالة ولادة عسيرة.
في بيت الرجل كانت الزوجة مُغطاة الوجه وكانت في حالة خطرة جدًّا وهو يحاول أن ينقذها، فجأة بدأت أنفاسها تقل وتغيب عن الوعي عندها طلب الطبيب “ناجي” منهم أن يكشفوا وجهها حتى تتنفس.. وكانت الصدمة...إنها حُب عمره التي لم ينسَها يومًا.
- “ناجي” ورغم مضى سنوات طوال على هذا الحب إلا أنه كان مرهف المشاعر فأجهش بالبكاء وهو ينتظر العملية، وسط ذهول المتواجدين ولا أحد يفهم مايحدث، بعد قليل رُزِقَتْ بمولودها وتعافت وأصبحت بخير، وخرج “ناجي” من بيت الرجل ورجع لبيته قبل مطلع الفجر وعلى باب بيته جلس وكتب “الأطلال”.
- يقول “ناجي” إنه في القصيدة بَدَّلَ بعض الأبيات لحاجة في نفسه منها مثلًا أنه كتب (يا فؤادي لا تسل أين الهوى) وفي الأصل (يا فؤادي رحم الله الهوى). وبعدها كتب “يا حبيبي كل شيء بقضاء.. ما بأيدينا خلقنا تعساء ربما تجمعنا أقدارنا.. ذات يوم بعد ما عز اللقاء”.
- ناجي بعد كل الحب هذا لم يكتف، فطلب من أم كلثوم أن تغني القصيدة، وغنت أم كلثوم “الأطلال” وقالت: “هل رأى الحب سكارى مثلنا”، التي هزت قلوب ملايين العشاق في العالم جيلًا بعد جيل بعد جيل، بينما لا أحد يعرف سر السحر في القصيدة والأغنية المستمدة من قصة حب مدهشة وواقعية.
قصيدة الأطلال
يا فؤادي لا تسل أين الهوى
كان صرحًا من خيالٍ فهوى
اسقني واشرب على أطلاله
وارْوِ عني طالما الدمعُ رَوَى
كيف ذاك الحُبّ أمسى خبرًا
وحديثًا من أحاديثِ الجَوَى
***
لستُ أنساكَ وقد أغريتني
بفمٍ عذبِ المناداة رقيقْ
ويدٍ تمتد نحوي كيدٍ
من خلال الموج مدت لغريق ْ
وبريقٍ يظمأ الساري له
أين في عينيك ذَيَّاكَ البريق ْ
***
يا حبيبًا زُرْتُ يومًا أيْكَهُ
طائرَ الشَّوْقِ أُغَنِّي ألَمي
لكَ إبطاءُ المُدِلِّ المُنْعِمِ
وتجَنِّي القادرِ المحتكمٍ
وحنيني لكَ يكْوِي أضلعي
والثواني جمراتٌ في دمي
***
أعْطِني حُرِّيَتي أطلقْ يَدَيّ
إنني أعطيتُ ما استبقيتُ شَيّْ
آهِ مِنْ قيدِكَ أدْمَى مِعْصَمِي
لِمَ أبقيهِ وما أبقى عَليّْ
ما احتفاظي بعهودٍ لم تصنها
وإلام الأسر والدنيا لديّْ
***
أين من عيني حبيبُ ساحرٌ
فيه نبل وجلال وحياءْ
واثق الخطوة يمشي ملكًا
ظالمُ الحسن شهي الكبرياءْ
عَبِقُ السِّحْرِ كأنفاسِ الربَى
ساهِمُ الطَّرْفِ كأحلام المساءْ
***
هَلْ رَأى الحُبّ سُكارَى مِثْلَنَا
كَمْ بَنَيْنَا مِنْ خيالٍ حولنا
ومشينا في طريقٍ مُقْمِرٍ
تثبُ الفَرْحَةُ فيه قبلنا
وضَحِكنا ضِحْكَ طفلين معًا
وعَدَوْنا فسبقنا ظِلَّنا
***
وانتبهنا بعد ما زال الرحيق
وأفقنا ليتَ أنَّا لا نفيق
يقظة طاحت بأحلام الكَرَى
وتولَّى الليلُ والليلُ صديق
وإذا النور نذيرٌ طالعٌ
وإذا الفجر مطلٌ كالحريق
وإذا الدنيا كما نعرفها
وإذا الأحباب كلٌّ في طريق
يا حبيبي كل شيء بقضاء
ما بأيدينا خلقنا تعساء
ربما تجمعنا أقدارنا
ذات يوم بعد ما عز اللقاء
فإذا أنكر خِلٌّ خِلَّهُ
وتلاقينا لقاء الغرباء
ومضى كُلٌّ إلى غايته
أ تقل شئنا فإن الحق شاء.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى