منظمات المجتمع المدني في العاصمة عـدن (3 – 1) تعددت المسميات.. وتنوعت المشاريع.. والنتيجة غير مقنعة !!

> تحقيق/ وئـام نجيب

> شهدت العاصمة عدن انتشارا كبيرا في مسميات منظمات ومؤسسات المجتمع المدني، خاصة ما بعد فترة التحرير من ميلشيا الحوثي وصالح، بيد أن أنشطة المجتمعات والمنظمات المدنية ظلت تراوح حالة ما بين الجمود والنشاط المحدود.
بخلاف الجهود والطاقات الفردية التي بذلها الشباب في مجالات مدنية مختلفة من خلال إنشاء المبادرات الطوعية التي لامست جوانب إيجابية، استطاعت أن توفر الغطاء لعمل المنظمات المدنية الرسمية، خصوصاً أن أدوار الشباب الطوعية تجلت بدور حيوي أثناء فترة الحرب.
ولكن تبقى الأسئلة حول ماهية الأنشطة الفعلية لتلك المنظمات المدنية والمؤسسات الأهلية الرسمية، والمعوقات التي تعترض مهامها، وهل استطاعت وبرغم كثرة مسمياتها وتنوع أنشطتها القيام بدورها على أكمل وجه حول ما يناط بها من مسؤوليات مدنية، وما مستوى الحصيلة والمخرجات المجدية التي قدمتها خدمة للصالح العام، أم أن تلك المنظمات مازالت مجرد مسميات شكلية.. لا أكثر ؟!.
«الأيام» قامت بزيارة ميدانية للتعرف أكثر عن واقع منظمات ومؤسسات المجتمع المدني، وما قدمته لصالح هذ المدينة بحسب آراء ووجهات نظر مختصين وأكاديميين ونشطاء مدنيين.
*غياب جهات الاختصاص
يشير رئيس اتحاد منظمات المجتمع المدني في العاصمة عدن، ماجد الشاجري، إلى المعوقات التي تعتري عمل منظمات ومؤسسات المجتمع المدني، قائلاً: “تتمثل أبرز المعوقات في عدم توفر المال كإيجار مقرات لعمل المنظمات المحلية العاملة اليوم على الساحة، فهي تعمل بجهود ذاتية بحتة، وتواجه صعوبة كبيرة عند تنفيذ مشاريعها وبرامجها، وهي إشكالية تواجهها نتيجة التداخل الحاصل في عملها، وغياب الجانب التخصصي، ما جعل عملها يتحول إلى أشبه بـ(الفوضى)، وذلك يعود إلى غياب دور جهات الاختصاص الرسمية ممثلة بوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل التي لم تقم بدورها المطلوب في هذا الاتجاه”.
وبشأن الجهود الفاعلة التي قدمتها منظمات المجتمع المدني مقارنة بإمكانياتها الضعيفة، يضيف الشاجري: “قدمت المنظمات خدمات إنسانية كبيرة أثناء فترة الحرب في المجال الإغاثي والإيوائي، واستمرت المنظمات بعد انتهاء الحرب في تطبيع الحياة العامة في العاصمة عدن من خلال مساعدة السلطات المحلية والأمنية في جهودها الرامية إلى إعادة الحياة إلى وضعها الطبيعي، وحاليا تعمل عدد من المنظمات بمعية جهود شباب نشطاء على تنظيم الفعاليات التوعوية لمواجهة ظاهرة حمل السلاح في مدينة عدن”.
مبادرة قامت بها إحدى مؤسسات المجتمع المدني لإحدى رياض الاطفال
مبادرة قامت بها إحدى مؤسسات المجتمع المدني لإحدى رياض الاطفال

يختتم الشاجري بقوله: “ما هو لافت اليوم أن ارتفاع قيمة الدولار أثر وبشكل سلبي على أداء المنظمات، حيث إن عددا من المنظمات المحلية في طريقها لإغلاق مقراتها، وتجميد الكثير من الأنشطة والبرامج بسبب عدم قدرتها على الإيفاء بالتزاماتها تجاه المجتمع”.
*أنشطة مختلفة الأهداف
من جانبه يشير المحامي والمستشار القانوني، زاهر صالح الجنيد، إلى أن “ما تقدمه منظمات ومؤسسات المجتمع المدني متنوع ويختلف باختلاف الأهداف التي تسعى هذه المنظمات إلى تحقيقها، فعدد منها يقدم خدمات إغاثية، والآخر يقدم خدمات حقوقية، وبعضها خيرية”.
ويضيف: “وأيّ كانت هذه الخدمات التي تقوم بها هذه المنظمات المحلية فإنها تصب في خدمة المجتمع، حتى وإن كانت قليلة مقارنة إلى كمية الاحتياج المجتمعي”.
أما بشأن ما يتعلق بالإشكاليات والمعوقات التي تواجه عمل المنظمات المحلية، فقال: “هناك جهات تحاول السيطرة على توجهات أعضاء المؤسسات المدنية، بهدف استغلال وظائفها وصبغها بصبغة سياسية أو حزبية أو دينية، مقابل توفير لها الدعم المادي ورفد مشاريعها”.
ويواصل: “لهذا نرى أن العديد من منظمات المجتمع المدني ترفض الانصياع لأجندة هذه الجهات، ما أدى إلى توقف نشاطها باستثناء عدد من المنظمات والمؤسسات المحلية التي لديها علاقات قوية مع منظمات دولية”، ويضيف مستطرداً: “وهنا تكمن الإشكالية في أن بعض المنظمات الدولية لا تتعامل إلا مع مؤسسات محلية محددة، وتقوم بعملية إقصاء واضح لمنظمات محلية أخرى”.
*مدى تأثير ارتفاع الدولار
وبشأن تأثير ارتفاع سعر صرف الدولار على نشاط المنظمات المحلية، وتأثيره على مصادر التمويل والدعم، يقول زاهر: “هذا التأثير ضعيف، لأن أي مشروع تتبناه أي منظمة محلية بدعم من جهة حكومية، أو منظمة دولية، سيكون قائما على دراسة للمخاطر وتنبئ للاحتمالات التي قد يتعرض لها المشروع أثناء التنفيذ، وبالتالي تستطيع المنظمات المحلية تفادي هذا التأثير، ناهيك عن أن أي منظمة محلية تقوم بالاشتراك أو بتنفيذ أي مشروع مدعوم من مانح دولي، تسعى إلى تنفيذه بأقل العروض الممكنة لتتمكن من الاستفادة المادية من وراء المشروع، بإدخال ما تبقى من قيمتها في حسابها الخاص”.
ويكمل حديثه: “يعتمد نجاح هذه المنظمات في مدى قدرتها الواعية على أداء مهامها، وهناك منظمات نجحت وأخرى فشلت، خاصة وأن الكثير من المنظمات المحلية تقوم بتنفيذ مشاريع ليس من صميم أهدافها التي أنشئت لأجلها، بالتالي فإن عملها يصبح عشوائياً وعبثياً لا يحقق الغاية المرجوة”.
ويشير زاهر إلى أن “بقاء منظمات ومؤسسات المجتمع المدني بعيدة عن التأثير في صنع القرار المحلي، ومن الإسهام في إرساء السلم الاجتماعي، يعد فشلاً ذريعاً لأنشطة تلك المنظمات، فالمهمة الرئيسية لها هي الضغط على صناع القرار للجنوح إلى السلام، وليس البحث عن دعم للمشاريع، والتكسب من ورائها”.

*رديف المؤسسات الخدماتية
من جهة أخرى يقول لـ«الأيام» المدرب الوطني لبرنامج إدارة الحالة، ماهر شير علي، “تعد منظمات ومؤسسات المجتمع المدني في تعريفها العام بمثابة الرديف للمؤسسات الخدماتية، فهي تعمل على تغطية جانب كبير من القصور الذي يحدث في تنفيذ البرامج الخاصة بالحكومة، وتحاول تسليط جهودها في معالجة المشاكل التي تعجز عن حلها في بعض الأحيان”.
ويضيف: “منظمات وجمعيات المجتمع المدني تأخذ على عاتقها تنفيذ المشاريع تحت إشراف المنظمات الدولية المانحة، وفي ظل الظروف التي يعاني منها المجتمع اليمني، وظروف المناطق المحررة، نجد أن منظمات المجتمع المدني تساعد الدولة في محاولة تقييم الأضرار الناجمة عن الاقتتال الداخلي”.
*منظمات منحازة لأطر سياسية
ينوه شير إلى أنه لابد من المنظمات الأهلية أن تقف على مسافة واحدة مع جميع الأُطر والكيانات السياسية، حتى تستطيع أن تقوم بواجبها بشكل أوسع، لا أن ترضخ لها، وقال: “ما نجده هو أن بعض المنظمات تقوم بالانحياز إلى جانب كيان سياسي معين، وهذا الانحياز يفقدها إمكانية الوصول بخدمة إنسانية بحثة لصالح مختلف شرائح المجتمع، كما يضع نشاطها في إطار محدود، يعيق حركتها، ويحد من إمكانياتها”.
وبشأن ارتفاع الدولار وتأثيره على نشاط المنظمات المدنية، قال: “هذا يعد شأنا داخليا يعتمد على حسابات مصرفية لا تمس الخدمات التي تقدمها هذه المنظمات بشكل مباشر، ولكنه قد يعمل تأثيره على تفاقم بعض المشاكل الميدانية التي تواجه المنظمات كارتفاع معدلات الفقر”.
منظمات مرخصة.. ولكن !!
يردف شير بقوله: “هناك منظمات عديدة عملت على تقييد اسمها في وزارة الشئون الاجتماعية والعمل، للحصول على تراخيص فقط، هناك منظمات فئوية كالحضرمية واليعقوبية، وهذه تُعنى بسكان مناطق معينة، علاوة على أنه توجد منظمات وجمعيات عامة مستمرة حتى اليوم لكونها لم توجه أهدافها تجاه خدمة أهداف حزب معين، ولا ترتبط بأيدولوجية محددة، ويتسم نشاطها بالشفافية والمهنية”.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى