وضع جامعة عدن.. كلية الهندسة أنموذجاً ! (6)

> قسم التحقيقات / جهاد محسن

> يقاس مستوى تقدم ورقي شعوب العالم من خلال التطورات الحاصلة في مختلف مجالات العلوم والتكنولوجيا، والانتاج الصناعي والزراعي، وتوفر هذه التطورات الكادر البشري المؤهل والمتخرج من الجامعات المختلفة لقيادة هذه الدول.
وللسيطرة على مقدرات أي شعب والتحكم بمصيره تلجأ النخب الحاكمة، والأنظمة الشمولية المستبدة، إلى تعطيل عملية التطور العلمي، وعرقلة التعليم العام والجامعي، لتجهيل شعوبها حتى يسهل التحكم بها، ومنع الفكر الحر للتطور، وتجميد الطاقات الشبابية الواعدة، ومحاولاتها للانعتاق والسير نحو المستقبل، وعدم إفساح المجال للعقول للتحرر من الماضي والتقدم لمواكبة التطورات الحاضرة في الدول والمجتمعات المتقدمة.
تطرقنا في خمسة فصول متتالية إلى جانب من التجاوزات والخروقات الإدارية والمالية في كلية الهندسة - جامعة عدن، وإلى ما تضمنه تقرير اللجنة المكلفة من قبل مكتب مكافحة الفساد لإصلاح الجهاز الإداري للدولة، من نقاط أكدت فيه هذه الاختلالات والتجاوزات، كواحد من النماذج الدالة على مسببات تدهور العملية الأكاديمية، وتراجع مستوى التعليم والتحصيل الجامعي، بموجب ما توافر لـ«الأيام» من مصادر ومعلومات حملتها رزمة من الوثائق والمستندات التي تحتفظ الصحيفة بها.
في هذا العدد نتطرق إلى عدد من نقاط الاخفاقات والتجاوزات التي رافقت المناقصة الخاصة بتأثيث وتوريد وتشغيل مختبرات وورش كلية الهندسة (CONTRACT No.AU/idb/2/2014).
مكامن العيوب والخلل
تم الاتفاق بين الجمهورية اليمنية وبنك التعاون الإسلامي بشأن تأثيث المختبرات وتوريد الأجهزة ومعدات التشغيل والتدريب لمبنى كلية الهندسة الجديد في مدينة الشعب، حيث تم إرساء المناقصة على إحدى الشركات من محافظة تعز للعمل بهذه المناقصة والتي بلغت قيمتها (11.960.467) دولارا أمريكيا.
وقد جرى إعداد قائمة الطلبات من أجهزة ومعدات من كافة الأقسام العلمية في كلية الهندسة بناء على احتياجاتها، ووردت هذه الأجهزة والمعدات من خلال الشركة المتفق معها، ولتنفيذ بنود الاتفاق تم تشكيل لجان استلام لمعدات مختبرات وورش كلية الهندسة حسب قرار رئيس الجامعة السابق د. عبدالعزيز بن حبتور، في 17 مارس 2015م. (تحتفظ «الأيام» بنسخة من القرار).
وفي ضوء ذلك قامت اللجان بالاستلام دون مراعاة الكثير من الشروط، ودون المرور بالخطوات التي ينبغي اتخاذها عادة في مثل هذه الحالات، حيث سبق وقدم بعض رؤساء الأقسام والدكاترة في المختبرات المعنية ملاحظات فنية بشأنها، لكنه تم دون أن تؤخذ بعين الاعتبار لأهم ما ورد فيها من حيث الأسعار العالية لتلك الأجهزة الموردة، وعن مستوى جودتها ومواصفاتها.
فالمعدات والأجهزة التي تم إحضارها لم تتوفر فيها الوثائق والكتالوجات الفنية المناسبة للتدريب الخاص بالفنيين، أو قطع الغيار، وغيرها من الاشتراطات التي أقرت ضمن محضر الاجتماع الذي عقد لهذا الغرض.
احد الاجهزة والمعدات مرمية في ساحة كلية الهندسة
احد الاجهزة والمعدات مرمية في ساحة كلية الهندسة

حيث يلاحظ في القرارات التي وثقت في محضر أحد اجتماعات اللجنة النقابية لموظفي كلية الهندسة المنعقدة في العام 2016م، ما ورد في (النقطة الثانية) التي أكدت فيها على ضرورة توفر الشروط التالية بالنسبة للأجهزة المستلمة، وهي:
1 - أن يتضمن أمر الشراء المرفوع من جامعة عدن إلى الشركة التي رسا عليها العطاء، مواصفات الأجهزة والمعدات التي طلبت من قبل الكلية ومقارنتها مع المواد الموجودة حالياً، والتي تم توريدها من قبل الشركة.
2 - التأكيد على ضرورة توفير قطع الغيار للأجهزة الجديدة، ولمدة عامين من بعد الاستلام.
3 - أن يتم توفير الكتالوجات الخاصة بشأنها من أجل (الصيانة + القطع الداخلية لكل آلة).
4 - توفير عملية التأهيل والتدريب لعملية تشغيل الأجهزة، وصيانتها.
وذلك وفق ما جاء في القانون رقم (23) لعام 2007م، من المادتين 245 - 246 في (الفرع الرابع) الخاص لمثل تلك الحالات، لكن ما حدث للأسف بأنه لم يتم العمل وفق القانون، والاستجابة لمطالبات اللجنة النقابية.
*ملاحظات بشأن المناقصة
تتلخص الملاحظات التي نوجزها في هذا السياق بشأن الخروقات التي أخلت بالنقاط الواردة في شروط المحضر، بأنه لم يكن يتوفر فيها وبشكل رسمي دليل التشغيل والصيانة للأجهزة، وتجاوزت النقطة الخاصة بضرورة توفر دليل لإجراء التجارب، وطلب قطع الغيار للصيانة، حيث أن الأجهزة التي وردت هي لطلاب (البكالوريوس) في كلية الهندسة، وكان يفترض أثناء جلبها أن يتم تعيين فنيين بمستوى تأهيل عال يؤهلهم لتشغيل وفهم الأجهزة والمعدات الحديثة، ولديهم القدرة على التعامل باللغة الانكليزية ليتم من خلالها التعامل مع مصطلحات التشغيل والعمل والتدريب.
وقد كان يجري في السابق ضمن مشروع الهندسة البحرية، تأهيل الكوادر الفنية للمختبرات، بإرسالهم إلى الخارج لصقل مهاراتهم وفق خطة سنوية واضحة، وهو ما لم تقم به إدارة الكلية والمعنيون في الجامعة في تنفيذ الخطة السابقة.
معدات مازالت تنتظر من ينتشلها
معدات مازالت تنتظر من ينتشلها

خلال العام المنصرم تم تعيين بعض المتقاعدين الجدد للعمل في هذه المختبرات، وهم من خريجي الكلية والفنيين السابقين ممن لا يملكون مؤهلات بالتعامل مع اللغة الانكليزية، ولهذا فإن عملية توريد المعدات والأجهزة الجديدة تمت دون تفكير صحيح يراعي الاحتياجات المهمة في توفير الطاقم الفني المناسب لتدريب بعض الفنيين على التعامل مع المعدات الجديدة.
والأمر أيضاً ينطبق على المدرسين المشرفين الذين لم يتم تدريبهم على استخدام هذه المختبرات، ومثالاً على ذلك هناك بعض المختبرات في قسم (الهندسة المدنية) لازالت كما هي لم تشغل أو تستخدم للتدريب، وهذا ما يضع السؤال حول ما فائدة توريد أجهزة وابقائها في مكانها دون استخدامها، أو الاستفادة منها ؟، في ظل وجود فنيين معنيين لا يعرفون كيفية تشغيلها والتعامل معها، أو استخدام مصطلحاتها المدونة باللغة الانكليزية، وإدارة الكلية تعلم بذلك، ولكنها لم تعمل شيئاً حتى الآن.
وهناك ملاحظات أخرى في قسم (تكنولوجيا المعلومات) و(هندسة الكمبيوتر) و(وقسم المعمار) والتي وصلت إليها أجهزة حاسوب لا تتناسب والمواصفات المطلوبة، ومازالت عدة شكاوى ترفع بهذا الخصوص.
شروط إلزام الشركة الموردة
في 13 أكتوبر 2016م قام رئيس الجامعة الحالي د. الخضر لصور بعقد اجتماع مع عمادة كلية الهندسة والوحدة التنفيذية لمشروع الكلية، (تحتفظ «الأيام» بنسخة من المحضر)، للوقوف أمام مستوى تنفيذ مشروع كلية الهندسة من التجهيزات والأثاث والأجهزة والمعدات المختبرية، وأكد الاجتماع على:
أولاً: تلتزم الشركة بإصلاح الاتلاف والعيوب الموجودة في بعض الأثاث والتجهيزات، وغيره.
ثانياً: ما يتعلق بالتجهيزات المختبرية.
1 - تكلف عمادة الكلية برفع تقرير تفصيلي يتضمن كل النواقص والملاحظات بكل أصناف المناقصة لكل الأقسام.
2 - عملية التركيب والتدريب تقع على عاتق الشركة بموجب العقد المبرم، وتتحمل المسؤولية الكاملة عن أي خلل.
3 - تلتزم الشركة بتوريد ما تبقى من أجهزة وتركيبها خلال فترة لا تتجاوز ما هو موضح في محضر الاجتماع.
لكن.. ما حدث أن كثيرا من هذه الأمور ظلت على حالها، رغم التأكيدات على وجود العيوب والنواقص التي لم تكتمل.
ويلاحظ أيضاً أن المعدات والتجهيزات التي وصلت إلى كلية الهندسة لم تتضمن أية أجهزة لمشروع قسم (الهندسة البحرية) الجديد، أو توفير معدات خراطة لورش الخراطة في الكلية، إلى جانب عدم توفير المعدات والأجهزة الخاصة بم ختبر الاهتزازات الميكانيكية، كما ان هناك أجهزة تم توريدها وهي ليست مطلوبة وضرورية، ولا ندري ما سبب عدم توريدها، حيث أن هذه المختبرات ما زالت تفتقد لأجهزة ومعدات حديثة للتدريب.
(تحتفظ «الأيام» بنسخ من الدليل الخاص بتلك المعدات والأجهزة).

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى