كيف قُتل صالح وأين ومن كان معه وكيف قضى ليلته الأخيــرة؟

> متابعة/ وهيب الحاجب

> قتل صالح وبقي الانقلاب يتمدد في اليمن على أيدي جماعة الحوثي المذهبية منفردة بعد أن كان صالح وحزبه وأنصاره يشكلون توازنا في معادلة الانقلاب.
الوضع في صنعاء لن يكون بعد اليوم إلا على كف عفريت، فقوات الحرس الجمهوري والمعسكرات الاحتياطية التي كان يدخرها صالح بالإضافة إلى الطوق القبلي الذي يناصره لن تكون لقمة سهلة للحوثيين ولن تكون في منأي عن مقتل صالح، وفقا لتصريحات ومواقف أولية من مناصري صالح عقب الاغتيال.
وأعلنت وزارة الداخلية اليمنية التي تخضع لسيطرة الحوثيين عصر أمس مقتل الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح.
وجاء في بيان للداخلية أنها تؤكد “انتهاء أزمة مليشيا الخيانة بإحكام السيطرة الكاملة على أوكارها وبسط الأمن في ربوع العاصمة صنعاء وضواحيها وجميع المحافظات الأخرى ومقتل زعيم الخيانة وعدد من عناصره”.
وتناقلت عدد من وسائل الإعلام صورا ومقاطع فيديو تظهر صالح بعد مقتله وهو مصاب بطلق في الرأس، إضافة إلى صورة لمقتل الأمين العام المساعد للمؤتمر ياسر العواضي.
مصادر أكدت أن “صالح خرج مع عارف الزوكا ومحمد عبدالله القوسي وياسر العواضي ومروا من شارع الستين جنوبا باتجاه طريق بلاد الروس سنحان، وفي قرية “ضبر خيرة” تعرضوا لكمين من عشرات الأطقم العسكرية أطلقت النار على موكب صالح ما أسفر عن مقتله وياسر العواضي وفرار عارف الزوكا باتجاه قرية الجحشي بسنحان، فيما ذكرت مصادر أخرى أن صالح ومرافقيه- وهم عدد من مسؤولي الحزب- كانوا متجهين إلى مأرب على متن مدرعة.
وذكر مصدر لـ«الأيام» أن صالح قتل إثر كمين نصبه الحوثيون في قرية الجحشي بمنطقة حزيز جنوب صنعاء، في حين نقل المصدر ذاته عن مصادر مؤتمرية أن كمينا نصبه الحوثيون وأنزلوا صالح من سيارته ثم قاموا بتصفيته برصاص في الرأس.
وفيما نشر الحوثيون صورا لجثماني صالح والعواضي لم تنشر أي من وسائل الإعلام صورا مماثلة لأمين عام الحزب عارف الزوكا الذي نقلت قناتا الجزيرة وسكاي نيوز أنه قتل إلى جانب صالح.
ونقلت وكالة رويترز عن مسؤول في حزب المؤتمر الشعبي العام أن علي عبدالله صالح قتل خارج صنعاء مع ياسر العواضي الأمين العام المساعد للحزب، فيما قالت مصادر في جماعة الحوثي إنه قتل بهجوم بالقذائف الصاروخية والرصاص على سيارته.
وأضافت المصادر الحوثية لرويترز إن مقاتلين أوقفوا سيارة صالح بإطلاق قذيفة صاروخية ثم أطلقوا عليه النار فقتلوه.
قناة العربية نقلت عن مصادر في حزب المؤتمر قولها إنه قتل في الاشتباكات الدائرة مع جماعة الحوثي في صنعاء.
مسؤول آخر بحزب المؤتمر قال إن الحوثيين أوقفوا موكب صالح في نقطة عسكرية جنوب صنعاء وطلبوا منه النزول من سيارته، فترجّل صالح من السيارة واقتاده مسلحو الحوثي إلى مكان خارج النقطة وأطلقوا عليه النار من سلاح آلي في الرأس.
وأظهر مقطع فيديو مسلحا حوثيا يخاطب جثمان صالح قائلا: “سيدي حسين يا صالح ما راح هدر”.
وشهد ليل أمس معارك ضارية بين قوات المؤتمر ومسلحي الحوثي في عدد من شوارع صنعاء وسط تكتيم إعلامي من جماعة الحوثي التي سيطرت على قناة اليمن اليوم الناطقة باسم حزب صالح وأوقفت مواقعه الإخبارية وسخّرت وسائل إعلامها لإصدار بيانات تطمينية للمواطنين بانتهاء العمليات وحسم الموقف عسكريا لصالح الحوثيين.
وذكر مصدر عسكري لـ«الأيام» أن معارك ليل الإثنين كانت معدة بخطط محكمة من جماعة الحوثي وأنها أغلقت كل وسائل إعلام المؤتمر للتغطية على معركة تنويها لاقتحام منازل صالح وتصفيته وعدد من أقاربه ورجاله العسكريين، مشيرا إلى مقتل نحو 60 في تلك المعارك التي انتهت بمقتل صالح، وفقا للمصدر.
وأفادت رواية أخرى تحدثت عن خروج صالح من صنعاء، حيث كان متواجداً أمس الأول في منزله بشارع صخر في حدة، برفقة عارف الزوكا وياسر العواضي، وأن هناك خطة أمنية معدة لحماية المنزل وتتمثل في عدد من الحوائط الأمنية الأمامية المحيطة بالمنطقة من رجال قبائل أبو شوارب وجليدان، بالإضافة إلى خطوط دفاع خلفية تتولى مهمة حراسة صالح والزوكا والعواضي.
وتشير هذه الرواية إلى أن الاشتباكات في محيط المنزل استمرت حتى صلاة المغرب، ثم فجأة انسحبت عدد من خطوط الدفاع الأمامية التابعة لجليدان وأبو شوارب دون أي مبرر، وتركت الحراسات المتبقية على أسوار المنزل وداخله في موقف حرج.
وأضافت أن الحوثيين كثفوا من هجومهم وضرباتهم على المنزل بشكل غير مسبوق واستخدموا مختلف أنواع الأسلحة، وسط استماتة قوات صالح والحيلولة دون وقوع صالح في الأسر.
ووفقا للرواية التي نقلتها مصادر بصنعاء أنه في ساعة متأخرة من مساء أمس خرج صالح على أفراد حراسته برفقة الزوكا والعواضي، وكان الثلاثة قد توشحوا بنادق آلية وجعب لحمل الذخيرة، وأخبر صالح الحراس أنه سيغادر المكان، وسيحاول تمويه مكان وجوده، فخرج هو ورفاقه، ولم تعرف حراسته أين ذهب، وقررت الحراسة فجر أمس تسليم الدار للحوثيين، بعد تمكن صالح من الفرار، فوقع في الكمين، غير أن هذه الرواية لم توضح إلى أين كانت وجهة صالح ورفاقه.
ويأتي مقتل صالح بعد أن انفجر الوضع عسكريا فجر السبت الماضي بين قوات المؤتمر الشعبي العام ومسلحي جماعة الحوثي، واستطاعت الجماعة السيطرة على أهم المواقع في صنعاء وتراجعت قوات صالح.
وكان الحوثيون أعلنوا أمس الأول انتهاء المعارك وحسم الموقف عسكريا لصالحهم بعد معارك خلفت 125 قتيلا وأكثر من 200 جريح ومئات الأسرى، وفقا لتقديرات الصليب الأحمر الدولي.
وكان صالح أعلن في كلمة له مساء أمس الأول فك الشراكة مع أنصار الله وإعلان انتفاضة شعبية ضد مليشيا الحوثي.
وعقب إعلان الداخلية مقتل صالح وجه رئيس المجلس السياسي الأعلى صالح الصماد الأجهزة الأمنية “بضبط كل من تسول له نفسه القيام بأي أعمال تخريبية أو الانتقام والتشفي ومحاسبة كل من تسول له نفسه اقتحام البيوت والممتلكات الخاصة والعامة لأي طرف كان خارج الدستور والقانون”، في تكهن واضح لتحركات انتقامية من قوات المؤتمر الشعبي العام.
وهدد الصماد أية ردود أفعال أو تحركات عسكرية من أنصار صالح قائلا: “وفي حال رصدت أي انتهاكات خارج القانون فسيتم التعامل بحزم مع مقترفيها ومن تواطأ معهم، وعلى الجهات الأمنية والقضائية اتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة لمثل هذه الحالات”.
ودعا رئيس المجلس السياسي إلى الاستمرار فيما أسماه بـ“هذا العمل الوطني وفي هذا الظرف الحساس لاستكمال العمل مع المؤسسة الأمنية والعسكرية والسلطة المحلية لتطبيع الحياة وتقديم العون العاجل والمساعدة والمواساة لكافة المواطنين المتضررين من هذه الأفعال الإجرامية”.
وقال البيان: “نؤكد للعالم أجمع ولأبناء شعبنا وكافة المنظمات والبعثات الدبلوماسية العاملة في بلادنا على انتهاء العملية الأمنية الخاطفة وتثبيت السلم والأمن ومعالجة الأضرار، مشيدين بالجهود الجبارة والاستثنائية للمؤسسة الأمنية والعسكرية التي أخمدت الفتنة وتعمل على تثبيت الأمن”.
وأضاف: “نشيد بدور أبناء القبائل اليمنية الأحرار الشرفاء الذين يعرفون دوماً أين يضعون أنفسهم مع الله والوطن وشعبهم، غير متناسين دور الأحرار والشرفاء من كوادر وقيادات المؤتمر الشعبي العام وهو الدور الأساسي والفعال في الحفاظ على الأمن والاستقرار وعدم الانجرار إلى الدعوات الهدامة التي أثارت الفتنة”.
وقال زعيم جماعة الحوثيين عبدالملك بدرالدين الحوثي في خطاب له مساء أمس إن جماعته “أسقطت المؤامرة التي كان ينفذها صالح ومليشياته”.
واعتبر الحوثي- في خطاب بثته قناة المسيرة التابعة للجماعة- مقتل صالح “جزاء لما فعل وعدم انصياعه لدعوات العقل”.
وأضاف: “إن موت صالح ليس موتا للجمهورية واليوم هو يوم سقوط مؤامرة الغدر والخيانة واليوم الأسود لقوى العدوان”.
وفي أول رد من أقارب صالح قال نجل شقيق الرئيس السابق علي عبدالله صالح توفيق صالح: “إن الكهنوت إلى زوال ولن تنطفئ الشرارة مهما عملوا فقد فُتحت عليهم أبواب جهنم والشعب لهم بالمرصاد من كل محافظات الجمهورية”.
وأكد في تغريدة له أن “الثورة مستمرة”، في إشارة إلى الانتفاضة ضد الحوثيين التي دعا لها صالح قبل مقتله بثلاثة أيام.
الرئيس عبدربه منصور هادي ألقى أمس خطابا عزّى فيه الشعب اليمني وحزب المؤتمر الشعبي العام بمقتل صالح واعتبره شهيدا، ودعا أنصار المؤتمر إلى الالتفاف وتوحيد الصف، في إشارة من حكومة الشرعية إلى رغبة بالتحالف مع أنصار المؤتمر لاستمرار الانتفاضة التي كان دعا إليها صالح ضد الحوثيين.
وحتى مساء أمس، شهدت صنعاء توترا عسكريا غير مسبوق لتتصاعد معه فرضيات اندلاع معارك يقودها أنصار صالح، حيث انتشرت عشرات الدبابات والمدرعات وقطعت الطرقات، في وقت تتداعى فيه القبائل الموالية لصالح بشأن اتخاذ موقف.
وأدخل فك الشراكة بين حليفي الانقلاب اليمن في مرحلة جديدة من الصراع بعد ثلاث سنوات حرب يقودها الشريكان ضد محافظات اليمن والجنوب، غير أن مقتل صالح وانتصار جماعة الحوثيين وسيطرتها على مناطق الشمال منفردة هو المرحلة الصعبة التي ستدخلها اليمن خلال الأيام القادمة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى