في ذكرى رحيل شهيد الوطن عمر الجاوي 23 ديسمبر 1994

> علي عبدالكريم

> في مثل هذا اليوم وقبل عشرين عاما، فقد الوطن وفقدنا كمواطنين معه قامة وهامة وطنية كبرى، تركت بصماتها الحية، وأسهمت في صناعة تاريخ الوطن بجزئه الخالي من الدماء والفساد.
في مثل هذا اليوم وضعتنا عناية السماء أمام امتحان عصيب وسوال أصعب.. وماذا بعد..؟!، هل انتهى المسار ورحل الذي كان علما يصول في الميدان؟.
لا نخفيكم، كان الأمر للوطن، للإنسان، صعبا.. كان الأمر محطة جديدة لرحلة آتية شاقة.. كان الظرف المستجد بعد الرحيل معقدا، وأصبح التحدي بالنسبة للإنسان الذي كان كان يثق بعمر ورسالته، ويثق بها ولها يطمئن ويستكين، يأمن، يطمئن.. تغمره مشاعر الصدق والحكمة والنزاهة، لدى شخصية وجدوها معبرة عن حقائق مشاعرهم ومصالحهم، وبالنسبة للتجمع كحزب صغير وليد في غابة وتوغل أحزاب السلطة والإمكانات.. وكان السؤال: وما العمل إذن؟.. كان ولا يزال الجواب حاضرا يقول: لا بديل أمام التجمعيين من مواصلة المسار في بحر متلاطم الموجات ليظل العمر الجاوي قيما وفكرا وسلوكا حيا يرفرف.. وطنا يعلو على الجراح.. إنسانا يبحث عن آيات الخروج من محطات العنف والاقتتال والصراع التي ظلت ولا تزال تدور في الخفاء خلف الكواليس، لتنفجر الصواعق في واقع الإنسان وحياته في شكل مواجهات وصراعات دامية، ووطن يتشظى، وإنسان يتلظى، وثقافة وطنية تموت.
اليوم ونحن نعيش المشهد الدامي والوطن تتقاذفه الأمواج العاتية والرياح القوية، نحيي - كمواطنين - ذكرى ذلك الرحيل، ونسأل ما العمل؟!
نعم، افتقدنا عمر، لكننا لا نزال نمتلك ناصية الفعل، الفكر الصحيح، عن حق الناس - كل الناس - في بلادنا اليمن.. حقهم بوطن حر وشعب سعيد..ويأتي السؤال، ولكن كيف وقد جربنا كل الوسائل، جربنا الحوار وانتقلنا بعده للقتال والاقتتال.. وسيقول لنا البعض: ولكن قولوا من كان سببا للذهاب إلى ساحات القتال عوضا عن الحوار.. وذلك صحيح، ولكن على ألا تظل المسألة هكذا إلى يوم الدين، فالكل مدعوون إلى وضع نهاية لهذه المأساة، وبدرجة أساسية، الطرف الذي انقلب على مخرجات الحوار، وزاد علينا الأمر، أيها الراحل الذي غادرتنا إننا بتنا بغابة يتبارى الكل فيها ليسوق تجارته، ولو على أجساد الجميع.
لا مفر ونحن نحيي هذه الذكرى من استعادة العقل ونفي مفاعيل العنف كافة أي كانت.. قوة المال، قوة السلاح، الاستقواء بالماضي التليد، أو بالمذهب المتفرد الفريد.. ولا نجد مندوحة لنكرر ونعيد القول والتأكيد عليه، ونحن نفتح كتاب قائد يكن له الجميع التقدير والثناء لتاريخه الوطني، إذ كان العقل رائده، والوطن بوصلته، والنزاهة والإيمان بالآخرين وسيلته.
لا نملك في مثل هذه اللحظات إلا أن نشدد على أهمية وضرورة الابتعاد عن تمزيق أواصر الوحدة الوطنية، وذلك لن يتعزز ويتأتى إلا باستكمال خارطة الطريق التي رسمها مؤتمر الحوار الوطني والابتعاد عن التمترسات وراء أي أجندات ضيقة، بحثا عن مشروعية استعادة الدولة الوطنية الحصن الضامن المحتكر لعناصر القوة وكافة أنواع الأسلحة، لتبقى تحت كنفها بعيدا عن أي قوى لا يحق لها تحت أي ذريعة الاحتفاظ بالسلاح خارج كنف الدولة.
وسيظل السؤال: ولكن كيف ذلك؟ نقول وعبر هذه المناسبة التي نحييها أحياء لذكرى إنسان له تاريخه ومكانته، قدير، ملهم، يكن له الجميع التقدير والاحترام.. نقول: لا بديل عن توسيع قاعدة للتحالف الوطني المتسع لكل القوى المؤمنة بمشروع الدولة الوطنية المختطفة سبيلا للخروج من مشروع الحرب الخاسرة، ولتطرح بعدها كل المشاريع المتداولة على طاولة الحوار بعيدا عن أي ابتزاز أو مغامرات أو تحالفات مشبوهة.
إنها محاولة لقراءة تاريخ مضى بآفاق مغايرة شكلا، ولكن يظل جوهره عند تلك المنطلقات والمحددات التي غالبا ما يناصرها أو يعارضها متى ما وجدها تتعارض مع مصلحة الوطن.
إنها لذكرى عزيزة تمثل وقفة تاريخية مسؤولة على الجميع.. فهل نكون على مستواها؟.. سؤال مطروح على الطريق.
علي عبدالكريم

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى