المرقش الأصغر وفاطمة وجاريتها

> محمد حسين الدباء

> كان مرقش الأصغر ربيعة بن سفيان بن سعد بن مالك بن ضبيعة من أجمل الناس وجها وأحسنهم شعرا، وهو صاحب فاطمة بنت المنذر، كانت لها جارية يقال لها هند بنت عجلان، أعجبت بالمرقش واتصل بها، ورأته فاطمة فأعجبت به أيضا، واحتالت حتى أوصلته إليها الجارية، فلبث بذلك حينا، وكان لمرقش صديق اسمه عمرو بن جناب بن عوف بن مالك، عاهده أن لا يتكاذبا، وكانا شديدي الشبه، غير أن ابن جناب كان كثير شعر البدن، فألح على مرقش حتى أخبره الخبر، فقال: لا أرضى عنك ولا أكلمك أبدا حتى تدخلني إليها، وحلف له على ذلك، ففعل، ودله على وساطة بنت عجلان ورسم له الأمر.
وأدخلت الجارية عمرا على فاطمة، فلما أرادها أنكرت شعره، فدفعت في صدره، ودعت ابنة عجلان فذهبت به، فلما رآه مرقش قد أسرع الكرة عرف أنه قد افتضح، فعض على إبهامه فقطعها أسفا، وهام على وجهه حياء.
أَلاَ يَا أسْلَمِي لاَ صُرْمَ لي اليومَ فاطِمَا
ولا أَبَداً مادَامَ وَصْلُكِ دَائِمَا
رمَتْكَ ابْنَةُ البَكْرِيِّ عَنْ فَرْعِ ضَالَةٍ
وهُنَّ بِنا خُوصٌ يُخَلْنَ نَعائِمَا
تَرَاءَتْ لَنا يومَ الرَّحِيل بِوَارِدٍ
وعَذْبِ الثَّنايا لم يَكُنْ مُتَرَاكِمَا
سَقاهُ حَبِي المُزْنِ في مُتَهلِّلٍ
منَ الشَّمسِ رَوَّاهُ رَباباً سَوَاجِمَا
أَرَتْكَ بِذَاتِ الضَّالِ منها مَعاصِمَا
وخَدًّا أَسِيلاً كالوَذِيلَةِ ناعِما
صحَا قَلْبُهُ عنها عَلَى أَنَّ ذِكْرَةً
إِذَا خَطَرَتْ دارتْ به الأَرضُ قائِمَا
تبَصَّرْ خَلِيلي هل تَرَى مِنْ ظَعَائِنٍ
خَرَجْنَ سِرَاعاً واقْتَعَدْنَ المَفائِمَا
تَحَمَّلْنَ مِنْ جَوِّ الوَريعَةِ بَعْدَ ما
تَعالَى النَّهارُ واجْتَزَعَنْ الصَّرَائِمَا
تَحَلَّيْنَ ياقُوتاً وشَذْراً وصِيغَةً
وجَزْعاً ظَفارِيًّا ودُرًّا تَوَائِمَا
أَلاَ يَا آسْلَمي ثمَّ اعْلَمي أَنَّ حاجَتِي
إِليكِ، فَرُدِّي مِنْ نَوَالِكِ فاطِمَا
أَفاطِمَ لَوْ أَنَّ النِّسَاءَ بِبَلْدَةٍ
وأَنْتِ بأُخْرَى لاَتَّبَعْتُكِ هائِمَا
متَى ما يَشَأْ ذُو الوُدِّ يَصْرِمْ خَلِيلَهُ
ويَعْبَدْ عليهِ لاَ مَحَالَةَ ظالِمَا
وآلَى جَنابٌ حِلْفةً فأَطعْتَهُ
فَنفْسكَ وَلِّ اللَّوْمَ إِنْ كُنْتَ لاَئِمَا
كأَنَّ عليه تاجَ آلِ مُحَرِّقٍ
بِأَنْ ضَر مَوْلاَهُ وأَصْبَحَ سَالِمَا
فمن يَلْقَ خَيْراً يَحْمَدِ النَّاسُ أَمْرَهُ
ومن يَغْوِ لا يَعْدَمْ على الغَيِّ لاَئِمَا
أَلَمْ تَرَ أَنَّ المَرْءَ يَجْذِمُ كفَّهُ
ويَجْشَمُ مِنْ لَوْمِ الصَّدِيقِ المَجاشِمَا
أَمِنْ حُلُمٍ أَصْبَحْتَ تَنْكُتُ واجِمَا
وقَد تَعتَرِي الأَحلامُ مَنْ كان نائِمَا
وقيل إن والد الأميرة فاطمة بسياج من حرس لا يسمحون لرجل أن يدخل المكان، غير أن المرقِّش كان يُحمل لها كل ليلة على ظهر جاريتها، لكن أحد الحراس انتبه إلى أن آثار قدمي الجارية كانت تغوص عميقا في الرمل حين تدخل المضارب، ولم تكن كذلك حين تخرج، وبهذا اكتشفت الحقيقة الأمر فهام على وجهه حياء.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى