الدهر يومان

> عبدالقوي الأشول

>
عبدالقوي الأشول
عبدالقوي الأشول
كان لأحد الأشخاص خروف، أراد أن يذهب به إلى السوق لبيعه، ربط الكبش وتوجه به إلى السوق.. كان هناك أربعة لصوص يسعون لسرقة الكبش، فابتكروا طريقة ذكية للنيل من الرجل وأخذ الكبش، فتوزعوا في الطريق المؤدية إلى السوق.. الأول في بداية الطريق، والثاني في وسطها، والثالث قبل نهاية الطريق، بينما اللص الرابع وقف في نهاية تلك الطريق.
وحينما مر الرجل وكبشه في تلك الطريق، صادف اللص الأول في بداية الطريق، فسلم عليه، فرد اللص السلام وقال له: يا رجل، ما الذي يدعوك إلى أن تجرَّ كلباً؟! فأجابه الرجل: إن هذا كبش وليس كلبا، ومضى نحو السوق وكبشه وراءه.. ومر من أمام اللص الثاني في منتصف الطريق، فسلم عليه، وبعد أن رد اللص التحية، قال للرجل: وهذا الكلب الذي تجره خلفك، ماذا تريد به؟، فقال له: هذا كبش وليس كلبا، وانصرف.. وقبل وصول الرجل إلى السوق واجه رجلاً ثالثاً فألقى عليه التحية، فرد عليه السلام، وقال له حينها: لماذا تجر هذا الكلب خلفك؟!.. أصيب الرجل بالحيرة، وبدأ يراوده الشك بأنه فعلا يجر كلبا وليس كبشا.. فواصل طريقه نحو السوق، يملآنه الشك والحيرة.. فواجه نهاية الطريق رجلا رابعا، فسلم عليه الرجل كعادته، فرد ذلك الرجل عليه السلام، وأطلق الرجل (الرابع) بعدها ضحكة، وقال له: أستغرب مما يدعوك إلى أن تربط كلباً وتجره بعدك كل هذه المسافة !!.. عندها أيقن الرجل أنه فعلاً يجرّ كلباً، وقال له: لقد قمت هذا الصباح مسرعاً وفي عجلة من أمري، وبدلاً من أن أربط الكبش ربطت الكلب للأسف.. فأطلق سراح كبشه الذي شكل وليمة كبيرة للصوص الأربعة وذهب.
حكاية ظريفة للغاية، ربما تذكرنا بحالنا في البلدان العربية التي ترزح حاليا تحت وطأة المعاناة والألم.
فعلى مدى عقود خلت مورس ضدنا التضليل وقلب الحقائق، وأصبحنا جراء ذلك نشك في حقيقة ما نؤمن به، بحكم ذلك الحصار الإعلامي الذي يضعنا في مسارات يختارها الحاكم، حتى أن ذاكرتنا المثقوبة لم تعد تربط بين الأحداث، أو أنها لا تستطيع ذلك بحكم ما كان يحيط بواقعنا من تسويق للأنظمة التي تسيطر على كل مفاصل الحياة.
والثابت أن ذاكرة شعوبنا المثقوبة كانت وسيلة الأنظمة القمعية الاستبدادية في السيطرة علينا، وممارسة كل أساليب التضليل معنا على مدى عقود خلت، وأوصلتنا إلى فرض الحروب العبثية علينا، بكل ما تركت من مآسٍ وآلام عميقة في مجتمعاتنا.. فحين ننظر إلى صفحة الأيام الخوالي نجدها مليئة بالأخطاء والثغرات التي أعانت هؤلاء على فعل كل ما سلف.
وهي ذات التجربة أيضاً التي جعلت البعض يقتفي أثرها، باعتبارها حالة مثالية.. فالرئيس الأمريكي الحالي “ترامب” فاجأ العرب والمسلمين والعالم بقرار جعل القدس عاصمة لإسرائيل بعد 24 عاماً من ماراثون محادثات سلام وهمية. ومع بشاعة هذا القرار الذي تخطى المواثيق والقرارات الأممية الدولية بشأن القدس، وعلى ما فيه من تحدٍّ صارخ لمشاعر العرب والمسلمين والمسيحيين، إلا أن إدارة “ترامب” مازالت ترى فيه سبيلاً لتحقيق السلام.. لذا استخدمت حق “الفيتو” في مجلس الأمن، وهددت بقطع المساعدات المالية على من رفضوا القرار في الجمعية العامة للأمم المتحدة.
ما يعني أن حالنا في استقبال عام جديد - على الأقل في البلدان التي تقع تحت وطأة المعاناة - لا يحمل في أفقه إلا مزيداً من القهر والألم إزاء ما سلف.. هل يتم التشكيك بنا في هذا الجزء من العالم بأن هويتنا ليست عربية؟!.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى