«محمد علي باشراحيل.. مسيرته الصحفية والوطنية».. ندوة علمية ثانية في مركز عدن للدراسات والبحوث

> عدن «الأيام» رعد الريمي

> نظم مركز عدن للدراسات والبحوث التاريخية والنشر، أمس الأول، الندوة العلمية الثانية لعميد «الأيام» الفقيد المناضل محمد علي باشراحيل، تحت عنوان: (محمد علي باشراحيل.. مسيرته الصحفية والوطنية).
وألقيت في الندوة، التي عقدت بقاعة "شبام" في فندق "كورال" بالعاصمة عدن، العديد من الأطروحات والأوراق العلمية التي قدمها كبار الأكاديميين والباحثين والإعلاميين المشاركين.
وتناولت الأوراق المقدمة مسيرة عميد «الأيام» محمد علي باشراحيل وسيرته ومشواره في مجالي السياسة والصحافة، والتحديات التي واجهته إزاء نشاطه المؤسسي المتنوع.
كما تناولت شخصية عميد «الأيام» ومسيرته الإعلامية والمجتمعية والسياسية، وكيف أصبح أحد رموز الإعلام في الجنوب العربي وشبه الجزيرة العربية، "كونه رمزا من رموز عدن الوطنية والإعلامية والسياسية المدنية الحديثة في منتصف القرن الماضي".
عدد من الشخصيات البارزة المشاركون بالندوة
عدد من الشخصيات البارزة المشاركون بالندوة

وعبر تمام محمد علي باشراحيل - نجل الراحل - عن سعادته بهذه الندوة، التي أسست لفتح ملف التاريخ من الناحية الثقافية والوطنية في عدن خاصة والمنطقة وجنوب شبه الجزيرة العربية بشكل عام.
وقال: "لقد كانت مسيرة الوالد كفاحا بذاتها، وكانت طويلة برغم العراقيل التي واجهها، حيث تم إغلاق الصحيفة مرتين، وكذلك عرقلة عمل صحفه بعدم السماح لمهندسين بالحضور إلى عدن لإصلاح آلات الطباعة، الأمر الذي ألجأ الصحيفة للطباعة خارج مطابعها أكثر من مرة، إضافة إلى ما كان يتلقاه الوالد من تهديدات".
وأضاف: "كان الراحل الوالد محمد علي باشراحيل معلما ومدرسة صحفية تخرج فيها عدد كبير من الكتاب والصحفيين الذين عملوا في عدن وصنعاء ودول الخليج، ولايزال بعضهم يمارس عمله كصحفي، والذي تبقى منهم أعداد قليلة، ولكن الأساس الثابت في عمل الوالد هو سعيه لخلق ثقافة مدنية بحتة وصحافة حرة".
جانب من الحضور بالندوة
جانب من الحضور بالندوة

وقال د. علي صالح الخلاقي، في ورقته التي قدمها تحت عنوان (محمد علي باشراحيل.. وهوية الجنوب العربي): "إن الحديث عن باشراحيل هو في الحقيقة حديث عن مرحلة هامة في تاريخ شعبنا وبلادنا، حيث شارك فيه بشخصه وبقلمه وبفكره وصياغة ملامحه، وكان من الطلائع الرائدة لتلك المرحلة".
ولفت الخلاقي إلى أن "ذلك طالعناه في ضوء تصفحنا لافتتاحيات «الأيام» التي استعرضت مواقف ورؤى باشراحيل الواضحة من هوية الجنوب العربي، بما لا يتناقض مع مواقفه القومية العربية الوحدوية".
وأشار إلى أن "الراحل باشراحيل قارع بالحجج والبراهين المنطقية دعاة اليمننة السياسية التي برزت بشكل خاص بعد الإطاحة بنظام الإمامة في اليمن"، وقال: "في هذا المنحى نذكر بأن باشراحيل رحب بالثورة ضد نظام الإمامة، وكتب تحت عنوان "صرح الحرية" يقول: "عاش المواطن العربي في اليمن على مدى حقب التاريخ محروماً من أبسط مقومات الحياة... عاش وكأنه سلعة يتصرف بها مالكها.. عاش محروما من صفته الأساسية كإنسان. إن وجه التاريخ تغير اليوم، غير إدارته الشعب، وأصبح الشعب اليمني خدامه الأمناء المخلصين".
رئيس صحيفة «الأيام» الاستاذ تمام باشراحيل
رئيس صحيفة «الأيام» الاستاذ تمام باشراحيل

وتطرقت د. أسمهان العلس في ورقتها المعنونة بـ"محمد علي باشراحيل بين العدننة والعروبة"، إلى أن "العميد باشراحيل كانت تشغله قضايا العدننة والعروبة، بالإضافة إلى غيرها من القضايا، حيث كانت قضايا العدننة تمثل له هاجسا انعكس وترجم من قبله بواقعه، وقد طالع جمهور عريض من الناس وذلك من خلال كتابات العميد في هذا الجانب، حيث اقتصر تناول العميد لهذه القضايا ما يتصل منها بعدن".
أطروحة د. قاسم المحبشي، تناولت واقع الحداثة من نظر الراحل باشراحيل، الذي "استلهم واقع الحداثة بعقلانية ونقدية ووعي تاريخي مدني تكنوقراطي، مكنته من امتلاك مفاتيحها وتوظيفها في تأسيس مشروعه الوطني التحرري عبر مسار التنوير والتغيير المدني الليبرالي".

وحول رهانات الحداثة عند باشراحيل قال المحبشي: "يعد الراحل والمثقف باشراحيل واحداً من أبرز المثقفين الوطنيين الذين تصدروا مشكلة الحداثة الغربية، حيث كمن تصدره في تجربته الإعلامية التي نشأت في خضم الحياة اليومية المعاشة، حيث جعل من مهنة المتاعب (الصحافة) فعلا تنويريا وتغيرا ونضالا يمارسه في سبيل تنوير المجتمع والنهوض به وتحريره والارتقاء بحياة مجتمعه".
ونوه المحبشي إلى ظاهرة مؤسسة «الأيام» حيث قال: "ربما كان محمد علي باشراحيل يدرك الحكمة الإنجليزية التي تقول "نحن نشكل مؤسساتنا ثم تقوم هي بتشكيلنا"، والتي أبرزت أسس هذا التفكير الناجح (صحيفة «الأيام») التي تحضر اليوم بوصفها أهم مؤسسة إعلامية ثقافية في اليمن".
وختم بقوله: "أعتقد أن خير وسيلة لتكريم الأسلاف لا تكمن في الاحتفاظ برماد مواقدهم، بل في إذكاء الشعلة التي أوقدوها وجعلها متوهجة باستمرار، وإن ذلك لا يتم إلا باتخاذ موقف نقدي منهم ومن المجتمع الذي عاشوا فيه، ومن النصوص التي أبدعوا دراستها دراسة موضوعية محايدة بهدف معرفة الحقيقة على الدوام".

وركزت ورقة مدير مركز الدراسات الإنجليزية والترجمة بجامعة عدن د. مسعود عمشوش، على دور الراحل واهتمامه باللغة الإنجليزية، وقال: “في 29 أكتوبر من عام 1955 أصدر الإعلامي محمد علي باشراحيل صحيفته الأولى "الرقيب"، التي كانت تحرر باللغتين العربية والإنجليزية، وعلى الرغم من ظهور صحيفتين رسميتين تجمعان بين العربية والإنجليزية بعد "الرقيب"، فقد شعر محمد علي باشراحيل بأن عليه إصدار صحيفتين بلغة واحدة، لهذا اعتبارا من 7 أغسطس 1958م أصدر باشرحيل صحيفة «الأيام» باللغة العربية وصحيفة (The recorder) باللغة الإنجليزية".

وأضاف: "لقد حرص باشراحيل على أن لا يخضع أي من صحفه لأي ولاء حزبي، فهو لم يتردد في أن يجعل منها منبرا لجميع التيارات الوطنية على مستوى عدن والمحميات والوطن العربي بشكل عام، ولهذا كان من الطبيعي أن يتناول محمد علي باشراحيل في افتتاحية صحفه مختلف القضايا والأحداث السياسية التي يتم تداولها ومناقشتها في عدن ومحطيها، وكانت تلك الافتتاحيات تعبر عن الموقف العام لقراء الصحيفة في عدن، والتي طرح فيها رئيس التحرير بشكل واضح موقفه من الاستعمار البريطاني في ذلك الوقت، بالإضافة إلى القضايا الاجتماعية والاقتصادية والتعليمية”.

ومن منطلق التنوع والاهتمام بالقضايا جاءت أطروحة د. أسماء ريمي، وقالت: "اهتمت صحيفة «الأيام» بالمرأة، وأسهمت في صناعة وعي مجتمعي، وقد كان لمحمد علي باشراحيل دور ومواقف وطنية من خلال ما كان يتناوله في صحيفة «الأيام» من قضايا وهموم سياسية وكذا قضايا المرأة".
وأضافت: "وفي 29 سبتمبر 1959 (العدد 351) كتب باشراحيل تحت عنوان "لنتحرى الحقائق" مقالا دافع فيه عن مجلة "فتاة شمسان" وهي مجلة شهرية تقوم بتحريرها سيدة عربية من مواليد عدن، وهي أول امرأة تقدم على مزاولة العمل الصحفي، وهي ماهية نجيب".
ونوهت بدور الراحل باشراحيل وقالت:"لم تقتصر اهتمامات باشراحيل على المرأة وتحرير المرأة وحقها في الحياة، بل إنه ناقش العديد من القضايا الأخرى التي تهم المجتمع والمرأة، والدليل على ذلك افتتاحيات الصحيفة التي كانت تعبر عن اهتمامات الراحل".
وأضافت: "ومن خلال استعراضنا لبعض افتتاحيات الصحيفة التي تناول فيها رئيس التحرير حق المرأة في المشاركة المجتمعية وتحررها، وضرورة منح المرأة المشاركة في انتخابات المجلس التشريعي وغيرها من المطالب التي صبت في صالح المرأة".
وكما هو مقر في الأذهان، فالراحل كانت مشاركاته في كل ما يتصل بعدن وقضايا الوطن العربي، وحول هذه المشاركة قالت الباحثة أفراح سالم حسين الحميقاني: "إن تجربة الراحل باشراحيل حول مؤتمر لندن الدستوري الأول الذي عقد في يوليو 1944م والذي اشتركت فيه حكومة الاتحاد وحكومة عدن فقد وصف الراحل باشراحيل هذا المؤتمر بـ(مؤتمر المتاعب) وكانت وجهة نظره فيه بأن على الجنوب العربي التنبه للنوايا غير الحسنة التي قد تحصل من جمهورية اليمن".
وأضافت: "إن الراحل باشراحيل تنبه لذلك من خلال تصريحات السيد العيني، وهو الممثل الدائم لجمهورية اليمن في الأمم المتحدة الذي يدعو شعب الجنوبي العربي بـ(جنوب يمني محتل)، وهذه لفظة غير مقبولة في منظومة الأمم المتحدة، وهي تخفي دلالات تؤدي إلى التبعية وادعاءات الضم التي تميز بها عهد الأئمة في اليمن، كما كانوا عليه من أحلام لمد سيطرتهم وسلطانهم إلى الجنوب العربي، وأن ذلك يعد انتكاسا لموقف الثورة المشرف في سبتمبر 1962 من أماني الجنوب العربي وشعبه للحرية والاستقلال، جاء ذلك في الكلمات الافتتاحية لعام 1965م".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى