السعي وراء السلطة

> أحمد عبدربه علوي

>
أحمد عبدربه علوي
أحمد عبدربه علوي
يبدو أن الجنوبيين مكتوب عليهم أن يشيلوا الهم في حياتهم للأبد، حتى اللقمة التي يجرون بالليل والنهار لكي يوفروها لأسرهم لا تأتي إلا بشق الأنفس، ارتفاع الأسعار التي يصرخ منها المواطن الجنوبي والتي بسببها ارتفعت أسعار اللحمة في القرى والمدن إلى أربعة آلاف ريال للكيلو الواحد، وكيلو السمك (الديرك) إلى خمسة آلاف ريال، وكيلو السمك (السخلة) إلى أربعة آلاف وخمسمائة ريال، ناهيك عن بقية الخضار والفواكه وغيرها من المواد الغذائية التي ارتفعت أسعارها بشكل جنوني.
وقد أعلنت الكثير من العائلات مقاطعة اللحمة في حملة أسموها "بلاها لحمة"، وفي هذه الحالة كيف نعيش؟! هل أصبحت المشكلة مستعصية ليس لها حل؟ وهل نترك الأمر للتجار الجشعين ليبيعوا ويشتروا فينا؟ والحكومة كعادتها مشغولة بنفسها وأمورها (أذن من طين وأخرى من عجين).
لك الله أيها المواطن الجنوبي الغلبان.. ما أعجب هذه الحياة التي لايدوم لها حال.. ما أغرب أطوارها.. ما أكثر ما تصدمنا وتصرعنا تحت عجلات الزمن.. ما أكثر ما تجهض أحلامنا وتغتال آمالنا.. ما أقسى شراستها وحدتها.. ما أبشع وجهها القبيح.. ما أعنف عواصف الحياة عندما تقتلع من أعماقنا جذور الأمان.
وماذا نقول عن الذين يحاربون من أجل الشعب، هل يفعلون ذلك من أجل الشعب، أم من أجلهم هم أنفسهم؟ هل إنها مسألة فقراء وإصلاحات، أم مسألة صراع على السلطة؟ ثم ما الذي يجعل الفرد متعلقاً بالسلطة وساعياً وراء النفوذ وحب التحكم وإصدار الأوامر؟
السؤال يجيب عن نفسه طبعاً، لأن السلطة تعطي الشعور بالمجد والعظمة والترفع عن باقي الناس، بما معناه (المصابون بمرض جنون العظمة) وتعطي فرصة اختيار أحد المصيرَين اللذين لا ثالث لهما: إما أن يكون المرء طاغية يجعل الناس يطيعونه ويمجدونه ويعيش مكرماً، ومن ثم يرمون به من فوق كرسي السلطة إلى القبر. أو أن يكون خاضعاً ذليلاً يزرع والآخرون يحصدون ويأكلون.
النفس البشرية تحب دائماً الشعور بالعظمة والترفع، وهذا ما يعطيها الشعور بالسعادة إلى حد النشوة، هذا ما جعل ويجعل البعض من المصابين بمرض (جنون العظمة) من قادة العرب والمسئولين من ذوي العيار الثقيل أن يهتفوا لأنفسهم مع الجماهير المحتشدة أثناء استقبالهم، وهذا ما يجعل بعض المعلقين عن الأحداث في بعض الدول أن رئيسهم أو مسئولهم يعشق الوصول إلى رأس السلطة حتى ولو كان يعرف أن ذلك سيكلفه حياته عاجلاً أم آجلا.ً
هناك المستفيدون من الأقرباء والأصدقاء والزملاء في الأحزاب أو منظمات المجتمع السياسية يُعتمد عليها لقيادة تجمعاتهم وتأمين ديمومتها واستمرارها عبر تبدل الظروف والموازين المحلية والإقليمية والدولية، وهذه المجاميع لا أُفق لها غير هذا الدور الذي تلعبه، وربما تعرف مصيرها في النهاية، ولا تطلب من جماهيرها إلا أن تضيء شموعاً، تقديراً واحتراماً لنضالها، وحب السلطة والسيطرة والشعور بالعظمة والتعالي، كل هذا له أسبابه النفسية في طيّات الطبيعة الإنسانية، وهو نوع من مقاومة الموت للبقاء في حياة الجماهير، وهو محاولة للخلود والوصول إلى ما لا نهاية في هذه الحياة الفانية.
أخيراً كل الذين يفعلون الأفعال الخيرة أو الشريرة يفعلونها لكي يقاوموا الموت وليبقوا خالدين، على الأقل، في ذاكرة الناس، ولمدة أطول في ذاكرة التاريخ.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى