وداعاً راقية.. تظلين راقية في سيرة عطاء دائم وباقٍ في ذاكرة عدن

> رضية شمشير

>
رضية شمشير
رضية شمشير
رزئت عدن بمصاب جلل مع الساعة الاخيرة من العام 2017 واطلالة العام الجديد 2018، في الوقت الذي كان الجميع عبر رسائل التواصل الاجتماعي بأشكاله المختلفة، يودعون بعضهم، ينكتون على عامهم الذي ولى، وعامهم القادم بما يحمله من مفاجآت.. الخ، حتى يتغير الموقف إلى ذهول وصمت لهول الفاجعة بنبأ رحيل القامة القانونية والشخصية النسائية البارزة (المحامية راقية عبدالقادر سالم حميدان) تغيرت بوصلة التواصل الاجتماعي من فرح إلى حزن عميق عبر عنه البعض والبعض الاخر انسحب من التواصل دلالة على عظم المصاب الجلل.
راقية حميدان هامة قانونية لها بصماتها المشهود لها في قضايا الدفاع عن الانسان، فالمتهم بريء حتى تثبت ادانته، ولا صوت يعلو فوق صوت الحق، فهي اتخذت المحاماة مهنة في ظل واقع تدركه تمام الادراك، وانها باختيارها هذه المهنة ستكون عرضة لكثير من اساليب الضغط والابتزاز.
تشاهدها وهي تدلف بوابة محكمة عدن بابتسامة ودودة، ونكتة خفيفة، تطلقها على اول عابر من امامها، لتبدأ بعدها كلمة العتاب، مع موكلتها او موكلها، عن تقصير وارد في التحقيق والبيانات التي تتطلب التوضيح، فهي كانت حريصة كل الحرص للمثول امام القاضي بملف لا تشوبه شائبة.
عندما تم ترشيحها ضمن 1000 امرأة من اجل جائزة نوبل للسلام 2005 لم يأت هذا الاختيار من فراغ، فهي شخصية نسائية دأبت على المطالبة بحقوق النساء، والتصدي لمحاولات تهميش دورهن، وضرورة تعزيز دورهن في المجتمع، والاعتراف بهن كصانعات سلام، وما اشبه الليلة بالبارحة، وما احوجنا اللحظة لـ“راقية” في واقع مؤلم نعيشه نحن النساء جراء الحرب الكارثية التي اندلعت بمارس 2015، ولا زالت تداعياتها تأكل الاخضر واليابس، نلمس انهيار وضياع الوطن جنوباً وشمالاً.
آن الاوان ان يكون تحقيق السلام رمز نضال المرأة في عدن والجنوب، لتحقيق تنمية مستدامة، ووطن امن ومستقر يكون هدفه التعليم وبناء الدولة المدنية التي تقوم على الحق في التعليم، الصحة، العمل، السكن والامن والامان.
لازالت الذاكرة تحمل الكثير من المواقف لهذه الإنسانة، الموقف الذي دأبت ان يكون جل وقتها ملكا للاخرين، العام 2000 تشكلت لجنة شعبية برئاسة المحامي القدير بدر باسنيد، كانت ابرز مطالبها تخفيض تعرفة الماء والكهرباء، ما ان انهت اللجنة اجتماعها، حتى كان محضر النيابة العامة يدق بالساعة الثانية عشرة مساء باب الشقة ليسلمني استدعاء النيابة العامة، مع تواصل رنين الهاتف الارضي، انها “راقية حميدان” تطلب من الاسرة عدم استلامي للاستدعاء فهو مخالف للقانون، ولا يجوز طرق الابواب بعد منتصف الليل،.
اليوم هناك الكثير من المخالفات القانونية، يا راحلة عن دنيانا، تمارس على مرأى ومسمع من البشر، ولا من يقول كلمة الحق !! ولا من يوقف الباطل.
العام 2013، دخلت الغرفة رقم (1) القضية الجنوبية، بعد جلسة الافتتاح الرسمية لمؤتمر الحوار وسألتني كيف الحال؟ أجبت: كما ترين! قالت كم عدد الجنوبيات؟. أجبت واحدة. وكم عدد الشماليات؟ قلت ثلاث. اجابت: الكفة غير عادلة وغير متكافئة، لابد من اضافة عنصر نسائي جنوبي.. ثم عقبت: اللجنة الفنية هي التي تتحمل المسئولية، فهي وضعت النظام الاساسي للمؤتمر، وكان الهدف القضية الجنوبية، فالمناصفة غير واردة في هذه القاعة، الله يكون في العون.
فعلاً، الجنوب كان المستهدف واتمنى ان تكون رسالة “راقية حميدان” قد وصلت!!.
وداعاً اختنا راقية، نامي قريرة العين.. رحل عنا من الاحباب والاهل والاصدقاء كثيرون، غيبتهم الاقدار، ولكنهم يظلون في الذاكرة باقين، وفي القلب محفوظين.
انتم السابقون ونحن اللاحقون، انها سنة الحياة نهاية الهية كان قدر راقية حميدان، فهي من مواليد 21 ديسمبر 1947، ورحلت في ديسمبر 2017.
وكأنها تتغنى بأغنية فيروز “زوروني كل سنة مرة”.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى