اللواء «تركي».. محافظ للأطياف كافة في لحج

> عيدروس زكي

>
عيدروس زكي
عيدروس زكي
الرئيس عبدربه منصور هادي يُعرَف بقِلَّة كلامه وكثرة عمله، وإذا تَكلَّم وباقتضاب، فيكون ذلك الحديث البَدَوي الدَّارِج البسيط جداً، غير المُصطَنَع واللَّا مُتَكَلِّف، الخارج بعفوية كاملة من مُهَج قلبه.. الرئيس الإنسان.. الإنسان، عركته الحياة السياسية والسِّلك العسكري لأعوام طوال، فهو يدرك تماماً عواقب ما يتخذها من قرارات مصيرية، تصب في مجملها لمصلحة وطنه ومنفعة شعبه، نلقاه مُحِبَّاً حتى لمن أساء إليه مُسَامِحَاً له وكأن شيئاً لم يبدر منه في حقه، وهنا سرعان ما نجد أصالة «ابن البادية» تَتَجَلَّى مُتعَاظِمَة في الرئيس «هادي»، ورغم كل مآسي الظُلم والغُربَة والتَّشرِيد التي لحقت به هو شخصياً ومَنْ معه مِنْ رفاق دربه الوطني الأطايب، وذلك في واحدة من أقسى منعطفات حياته النضالية الأزلية وأشدها إيلاماً، غير أنه لم يحمل في فؤاده الأبيض على أبناء جلدته في «الجنوب» الضغينة تَمَوجَات العهود البائدة، مُجَسِّدَاً بذلك الحكمة في أسمى معانيها وأبهاها.
شاءت الأقدار الإلهية أن تُهَروِل إليه السُلطَة «آمنة» ومقاليدها تَتَشَبَّث فيه وهو ليس لها راغب، عند إجماع القوى السياسية «سُلطَة ـ مُعارَضَة»، على انتخابه رئيساً للجمهورية في الـ21 من فبراير 2012 م، وبحنكته المعهودة خدم الرجل «القضية الجنوبية» وحَقَّق لها مكاسب سياسية مهمة ضخمة مرتفعة السقف، انتزعت عن طريقه الاعتراف الدولي للقضية من خلال العامل الفَعَّال لمؤتمر الحوار الوطني الشَّامِل، الذي قبله سبقه العامل المؤثر للوحة البذل بالأنفس الجنوبية الزكية البريئة وعطاءاتها التي سقطت مضرجة بدمائها مستشهدة في تظاهرات جذوة الكفاح الوطني للحراك الجنوبي ولهبه المُتأجِّج منذ انطلاقته ـ سِلْمَاً ـ في العام 2007 م، وتَكَلَّل مرادفاً لهما أيضاً العامل الفاعل المُتَمَثِّل في التضحيات الجسام للشهداء والجرحى والقادة الميدانيين في ساحات الوغى من أبناء «الجنوب» الذين قَاوَمُوا بأبدانهم النحيلة ببسالة في حرب الغزو العسكري «الحوثي»، في العام 2015 م، الذي تَعَرَّض له «الجنوب» فاستدعى الرئيس عبدربه منصور هادي أشقاءه العرب لمساندة بلده في الحفاظ على الشرعية الدستورية للجمهورية ورئيسها المُنتَخَب من شعبه، وكان لها ذلك المَدَد السياسي العسكري الديبلوماسي الإنساني العربي السخي، دعماً للمقاومة الجنوبية الفتية، عندما تَكَوَّنَت عنه بوتقة «التحالف العربي» وإطلاقه عمليتَي «عاصفة الحزم» و«إعادة الأمل»، حتى تحقق النصر المؤزر لـ«الجنوب» بطرد من ثرى أراضيه الطاهرة آخر جندي محتل «حوثي».
ها نحن نجد الرئيس «هادي» كما هو ديدنه، يَشمَخ بنظراته الثَّاقِبَة لعلياء الأمور وفداحة ما يحدث لبلد هو مسؤول منه وهو ولي أمره الشرعي الأمين، ومن المستحيل أن يبقى مُتَفَرِّجَاً على كل هذه «النَّرجَسِيَّة»، التي تحصل، وارتأى حتمية أن يكون لصدى الجماهير الموجوعة، رَجْعُه الإيجابي لديه، بتحويله الألم إلى أمل، بإزاحته عن كواهل رعيته في لحج، غمام ظلام «مزاجية» رَزَحَت على صدورها ردحاً من الزمان، وأثَّرَت سلباً على مصائر أقوامها، حتى فهم الرئيس «هادي» ما الذي يريده أبناؤه في «لحج»، على طريقة المثل الشعبي الشهير القائل: «ما يفهم رَطْنِي إلَّا ولد بَطنِي»، فالرئيس اتخذ من أجلهم ـ أخيراً ـ في يوم الأحد الموافق 24 ديسمبر 2017 م، قراره الرَّشِيد، الذي انتظرته الأُمَّة اللَّحجِيَّة بفارغ الصبر طويلاً، والذي حمل تَسَلسُلَاً الرقم (85) للعام 2017 م، وقضى بتعيين اللِّواء الركن أحمد عبد الله تُركي، محافظاً لمحافظة لحج، قائداً للواء (17) مشاة، فعلى هذا القرار تَعقِد محافظة لحج مرادها، وفيه وَجَدَت ضالتها المنشودة التي بحثت عنه مديداً، فالمحافظ «تُركي» هو «رجل المرحلة»، وهو الحاكم الجَلِد الصَّلب لها، الذي تَمَرَّغ جسده الأسمر بأتربة صحارى «الصَّبَيحَة» الشَّاسعة، وأوار سواحلها العريضة وأغبرة جبالها الشَّاقَة، وعلى سحنته الصَّلدَة آثار جبهات حرب الدفاع عن وطنه، وسيظل واجب ذوده عن بلده هو شغله الشَّاغل الصداري الأول، فالآن.. الآن تهنأ لحج بمحافظها الجديد، الذي لم يأتِ من أماكن «البهرجة» ومواقع «الهرجلة»، بل جاء من ميادين البطولة والشرف والفداء والتواضع ونكران الذات، منذ أول وهلة التحاقه بعمله العسكري القيادي بالجنوب في العام 1976م، حتى اليوم، وتنتصب أمام عَينَي المحافظ «تُركي» الحصيفتين المَهَمَّات الجِسَام للصَّد العسكري المنيع، لكل ما يُهَدِّد أي شبر من أراضي «لحج الجنوب»، والأخذ بأيادي أبناء لحج، مُثَلَّث الخير السَّرمَدِي «الحَوطَة وتُبَن والصَّبَيحَة» ـ تحديداً ـ الذين تلاحقهم عمداً شتى صنوف القهر والإقصاء والاستهداف، في مختلف المجالات لشيء واحد فقط لم يكن لهم أي ذنب فيه، هو حملهم مشاعل الوعي والعلم والتنوير والتثوير والمدنية، لما حباهم بها الله سبحانه من أنعُم في جغرافية مواقع مدنهم الاستراتيجية المُلَاصِقَة لعاصمة «الجنوب عدن» الأبية ـ المظلومة دائماً هي الأخرى ـ «لحج» المُحتَضِنَة لفلذة كبدها المضيق البحري العالمي الأَشْهَر «باب المندب»، الذي يُسِيل لُعابَات دول العالم بأَسْرِه.
ثَمَّة ملفات جَمَّة كبرى، من المرتقب أن يقف إزاءها المحافظ «تُركي»، الذي يُعَد هدية ثمينة نفيسة من الرئيس «هادي» إلى مواطني لحج، بشخصيته الفريدة التي لا تحمل عُقَد الماضي على أي أحد، فهو محافظ لأطياف السياسة الجامعة كافة في لحج، وشخصه ليس حكراً على فئةٍ معينة أو فصيلٍ ما مثل دونه من المسؤولين القياديين، والرجل نفسه ذاق مرارات الجور والإبعاد والتهميش، وهو من المؤكد لن يكون إلَّا من المُنصِفِين للمظلومين.. إذ تصطف قبالته ملفات الخدمات الحتمية للمواطن البسيط.. في طليعتها: ملف كهرباء عاصمة المحافظة التاريخية مدينة «الحَوطَة» وماء شرب سكانها النقي.. وملف إعادة الإعمار لمساكن المواطنين المُدَمَّرَة بفعل حرب العام 2015م، وتعويضهم مالياً ـ عدلاً ـ في تَضَرُرَات منازلهم الخاصة وبعث عليهم روح الطمأنينة في هذا الشأن معنوياً، وإضافة إلى الملف ذاته أسماء المواطنين الذين تَأذَّت بيوتهم جزئياً ولم يشملهم نزول مهندسي مكتب وزارة الأشغال العامة والطرق بمحافظة لحج، وتوثيق مديات التعويضات لهم من الجهات المعنية بالمكتب في هذا النطاق.. وملف ترداد بناء مؤسسات الدولة مُجَدَّدَاً لمعاودة مزاولة نشاطات أعمالها من أعقار ديار مباني المكاتب الحكومية تلك عينها.. وملف التنمية الشَّاملة للمحافظة وكيفية استغلال طبيعتها الزراعية السمكية الصناعية المتميزة للاستثمار الأمثل، والنهوض بتحسين جودة مستويات نتاجاتها المتعددة، بتشجيع المزارعين والصيادين والأيادي العاملة الماهرة، ارتقاءً بالاقتصاد الوطني ورفعته بالمحافظة.. وملف الاستثمار العام الأفضل القويم لمقومات الجذب المختلفة التي تَتَمَتَّع بها المحافظة بتفعيل الأدوار المناطة بفرع الهيئة العامة للاستثمار بمحافظة لحج والغرفة التجارية والصناعية بالمحافظة.. وملف استيعاب شباب لحج المُعَطَّلُون عن العمل وتأهيلهم إليه وتحفيزهم على الشّغل في كل قطاعات الدولة.. ونشد على الأيادي البيضاء لقيادة السلطة المحلية الجديدة بلحج، للاهتمام بعاصمة المحافظة «الحوطة»، فهي المركز الأساس الذي يجمع كل سكان مديريات المحافظة ومناطقها النائية ويحملهم في بوتقته المحروسة بالله تعالى، فهي التي تفيد الجميع بخيراتها من دون استفادتها هي منهم.. فيطل أمامنا دوماً وأبداً برأسه ملف المظهر الجمالي الحضاري لـ«لحج الخضيرة»، أي حاضرتها «الحوطة» التي كان الشُعراء مُتَيَّمُون عشقاً حد الصَّبَابَة، ويَتَغَنَّى بـ«لَحجِهَا» الفنانون رقةً بأصواتهم الهزارية على مر حِقَب أزمنتها الأثيرة، ولم تعد هي كذلك نتيجة العسف المقصود الذي مورس في حقها في كل الفترات السياسية المُتعاقِبَة الماضية، وحان الوقت اليوم لإعادة الاعتبار إليها، ويَتوَسَّم في هذه الأثناء أبناؤها الأخيار الخير كله، في محافظها المحبوب اللِّواء الركن أحمد عبد الله تُركي.. وفي خاتمة تناولنا هذا نتمنى للمحافظ من الله عزَّ وجل النَّجاح المبارك كله والتوفيق الميمون التَّام.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى