يناير.. ومازال الجرح نازفاً

> عبدالقوي الأشول

>
عبدالقوي الأشول
عبدالقوي الأشول
إنها جرحنا النازف ومأساتنا العميقة التي ارتكبناها بحق الوطن وأنفسنا.
إنها محور معاناتنا بما تكشفت عنها من تبعيات مروعة ومريرة، أو هكذا تترك بعض الأخطاء والمنزلقات الحادة تأثيرها الواسع في محيطنا الاجتماعي. لقد مثلت محطة يناير المشؤوم منعطفاً سياسياً في حياة شعبنا الجنوبي، تصدعت إثرها عوامل لحمتنا الاجتماعية، حتى بتنا هشيماً تذروه الرياح.. فيالها من ندبة سوداء في حياتنا.. إذ لم تكن العقود التي أعقبت بشاعة تلك الفاجعة التي ارتكبت بحق أنفسنا إلا محطات ودروب العذابات والإخفاقات والآلام.
لقد نزفت إثر تلك المحطة الحياتية دماؤنا، وتنوعت عذاباتنا.. مضت بنا السنون من السيئ إلى الأسوأ، فجرحنا المفتوح لم يندمل بعد، ودماء خيرة شبابنا تنزف على مدى عقود خلت.
فهل وحدتنا المأساة؟ وهل اتعظنا مما حدث؟ أم أننا ذاهبون إلى تكرار ماضينا بصورة أخرى؟. هل تجاوزنا الماضي عبر محطة التصالح والتسامح؟ أم أننا نخوض في جوف وديان عميقة ولا أفق يلوح لنهاية سيرنا؟
حقيقة لا يمكن إنكار ما حققه التصالح والتسامح على هذا الصعيد من تجاوزات جزئية للماضي، ويمكن قراءة ذلك من مسيرة عطاء الثورة الجنوبية وصور الملاحم الكفاحية لأبناء الجنوب عبر مقاومته البطلة وذلكم الحضور الشعبي المنقطع النظير في مسيراتنا السلمية التي كانت تعبيرا عن الإرادة الجنوبية.
لقد هب أبناء الجنوب كافة كالإعصار في الدفاع عن الأرض والعرض، ذلك ما يعني أن هذا الشعب العظيم دائماً يتجاوز ماضيه بكل آلامه وأخطائه.
ومع كل ما سلف نشير - بشيء من الوجع - إلى تلك الثغرات التي مازالت تنتقص من هذا التلاحم الوطني..
أعني أن مسيرة التصالح والتسامح لم تكلل بعطاء تلك الرموز الوطنية السياسية الجنوبية التي يفترض أن تسعى وبكل قوة ومن منظور وطني للعمل على بلسمة جراح الماضي، ورسم طريق جديد تجاه شعبنا عبر حالة توافقية تؤدي إلى توحيد رؤانا تجاه الوضع القائم، وبما يحقق الانتصار لقضية شعبنا العادلة، آخذين في الاعتبار أننا أمام منعطفات جداً هامة ترتبط بتحقيق الاستحقاقات لقضيتنا العادلة. فالثابت أن غياب التوافق الجنوبي في هذه الأوقات المفصلية سيعصف بآمال وتطلعات وتضحيات هذا الشعب العظيم.
بل إن مستقبل أجيالنا مرهون بما يحققه الآباء من تجاوز للماضي، ورسم خارطة أمل جديدة لشعب طال أمد معاناته، وتنوعت صروف مآسيه .. جراء غياب الحكمة لدى رموزه الوطنية السياسية والاجتماعية. واقع يتناقض دون ريب مع ما عرف به الجنوب في تاريخه.
ومما لا شك فيه أن التمترس خلف المناطقية المقيتة هو الداء العضال الذي نعاني منه، وهذا ما هو قائم اليوم للأسف، رغم أن ناتج ذلك لا تبلغ بأي من الأطراف غايته. وهنا مكمن الخلل الفاضح المعيق لتقدمنا على صعيد قضيتنا الأساسية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى