رقصة (الدحيف) في (شقرة) التاريخ والأصالة

> غلام علي

>
غلام  علي
غلام علي
الفردوس.. شقرة التاريخ والأصالة..موطن الحب والجمال وتفريخ المبدعين ورجالات السياسة والثقافة والفنون، حاضرة السلطنة الفضلية وعاصمتها الأولى، تطل على البحر العربي في الجزء الجنوبي الغربي للجزيرة العربية، وتبعد عن عدن العاصمة بحوالي 140 كم شرقا.
تتكسر الأمواج تحت قدميها، وهي تحتضن البحر في عشق سرمدي، مدا وجزرا، وتغتسل صباحا ومساء.. حتى إذا ما دنا الليل.. تتوسد كثبانها الرملية وشواطئها الخلابة الساحرة، زهوا وكبرياء.. وسحرا بعبق التاريخ، يفوح شذاه من أعالي سفوح مناراتها الاسترشادية للسفن العملاقة العابرة للقارات، على قمم الجبل الأسود والمراقشة شرقا، وامتدادا حتى حيود القدم وجبال الرملة غربا.. وكأنها حماية ربانية تحمي ظهرها من الشمال، وتعصمها من صراع الأخوة الأعداء، حيث تعتبر من أهم الموانئ والرئة التي تتنفس بها عدن العاصمة أمنا وسلاما.
تشتهر شقرة بكثير من الرقصات الفلكلورية، ومن أهمها على الإطلاق رقصة (الدحيف)، وهو الاسم المرادف لها.. وكذلك السمرة الساحلية (سالم خير) والمياحة والرزحة، أي (الشرح الدرجة)، بالإضافة إلى الشرح البدوي، وهو يشبه إلى حد ما الشرح الشبواني.
أبوبكر باسحيم
أبوبكر باسحيم

وتبدأ رقصة (الدحيف) عادة، ما بعد منتصف الليل، ولها طقوس ومزايا آية في الجمال والروعة.. وتتخللها المساجلات الشعرية بين فحول وجهابذة الشعر، ويتم فيها استعراض العضلات وملكات الشعر، و تتفوق عند بلوغ الذروة والسخونة، أكثر مما كان يتبارز به جرير والفرزدق، وشعراء المعلقات والجلسات العباسية، على ضفاف الرافدين.. مصحوبة بالزغاريد الجميلة، وترديد الدان، وشذى الأنفاس تنضح عطرا وبخورا وعنبرا وعودا، من كل حدب وصوب.. حتى إذا ما حان وقت (الكسرة) أي بدء الرقصة، يصطف صفان من النسوة والرجال، في خطين متوازيين.. يتوسطهما عازفا الطبل.. أحدهما يسمى (الكابر) وهو صاحب الطبل الكبير، والآخر يسمى (الهاجر) أي الرداد، ولكل منهما لغة خاصة به (تك) و (دم) لا يجيدها أو يفهمها إلا العازف الماهر والمتمكن.
للمرأة مشاركة وحضور في الرقص الشعبي
للمرأة مشاركة وحضور في الرقص الشعبي

وحتى لا ننسى في هذه العجالة.. عند أداء رقصة (الدحيف) تتخللها صولوهات، أي رقص فردي، وغالبا ما تعبر عن حياة الصياد وجهاده وصراعه في البحر لتوفير لقمة العيش.
وهي حركات وإيماءات تعبيرية، منها رمي الشباك والتجديف وتوجيه الشراع، لتحديد مسار السير، حتى إذا ما جاءت الرياح بما تشتهيه أو بما لا تشتهيه هذه السفن، تكون قد ارتسمت خارطة الطريق وتم الإبحار صوب المرافئ الدافئة.
ومن أشهر شعراء (الدحيف)، الشاعر أبوبكر باسحيم، عميد شعراء (الدحيف)، ومن شعره:
بلادي وباكل من حجار الجبل
وبشرب من البحر ما بفارقش يا بلادي
ولو عطوني السعودية واربع دول
ما هي بعيني كما شقره وقاسم عبادي
ومن شعره أيضا في تقلبات الدهر:
ومن بصرني من الحبان جنب وحد
مالي أرى الوقت عياب والحبان
صبحوا شواني
ألا يا سقا يوم كان الوجه كاذي وند
كله يدور لي وكله يباني.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى