حتى لا يسأم الحديديون من التحرير

> مراد السامعي

> لو استمتعت بمواجهة ضوء وصوت البرق لن تواجههما كثيراً، بينما لو ارتعبت منهما فسوف يطاردانك في كل مكان وكل لحظة.
الحديدة عروسة البحر الأحمر تزف نفسها بنفسها للأقوى، فهي مدينة هشة للغاية لا تتحمل الحصار ليوم واحد، تضاريسها سهلة، لن تكلف مسيرة نصف يوم راجلاً.
قبل أحداث ثورة 11 فبراير 2011م كان سكانها يعيشون على الكفاف، فهي مدينة غجرية كما يحب صديقي “علي” تسميتها. سكان هذه المدينة لا يبالون بالسياسة والحكم، لذا فهي المدينة الذهبية التي يتسلمها المنتصر على طبق من ذهب.
لا داعي للحشو العسكري فقط على أطراف المدينة، فمنذ بداية الزحف تجاه هذه المدينة اشتدت الحياة، فهذه المدينة تعيش منذ انقلاب 21 سبتمبر مجاعة مفرطة لن يستطيع وصفها سوى العاملين في مجال الإغاثة.
هناك خطوة واحدة ستمكن قوات الشرعية من السيطرة على المدينة دون أن تخسر الكثير ودون الحاجة لاستخدام (سياسة التجويع) التي يجيدها الحوثيون، وهي قطع خطوط الإمداد التي يستخدمها الحوثيون لتعزيز الجبهة. ليست هناك مقاومة صد كبيرة من قبل الحوثيين كما يتحدث الإعلام، لكن على ما يبدو إن إشارة الزحف لم تحن بعد.
في هذه الأثناء يعاني سكان المدينة الأمرّين، فمنذ وقت تغيرت لهجة العامة تجاه الجيش الوطني والمقاومة الشعبية.
عاشت المدينة ليالي مرعبة بصمتها، كان الناس يتوقعونها بالصمت الذي يسبق العاصفة بعد مقتل “صالح” تلتها عمليات نوعية للحوثيين تجاه قياداة المؤتمر في المدينة لم تسلم حتى هواتف العامة المحمولة من هذه العمليات الفجائية. يتناقل سكان المدينة تقدمات الجيش بشوق وهمس مبالغ فيه، خوفا من القبض عليهم بتهمة العمالة.
الحديديون هم الأشد فقراً والأقل تحملاً، ففي حين اُستخدم أسلوب الحصار بدلاً من الجدية في التحرير والزحف فهناك نتيجتان تلوحان في الأفق.
النتيجة الأولى: ستعلن الحديدة مدينة منكوبة بفعل المجاعة المفرطة التي ستشمل كل ساكنيها، وهو الأمر الذي سيزيد المسألة تعقيدا.
النتيجة الثانية: وهي من تبعات النتيجة الأولى، فستتولد ممانعة شديدة ومستميتة من قبل الحوثيين نتيجة ارتماء القادرين من الشباب والرجال وربما النساء في حضن الجماعة حتى يظلوا أحياء ولو لأيام، وسيقول قائل “لنمت وفي بطوننا شيء من الطعام أهون علينا من الموت جوعا ونحن نرى أهالينا يتضورن جوعا ولم نستطع فعل أي شيء، وبهذا سندفع عن أنفسنا سكرات الموت المجاعي”.
المسألة ليست صعبة، كما قلت سابقا، طرق الإمداد هي الأهم في هذه العملية، وسيسيرون بسلاسة نحو المدينة، وسترون كيف ستسلم المدينة نفسها طوعا كعروسة لسلطة الشرعية، وهذا كله قبل أن يسأم الحديديون من تحرير مدينتهم، وتتحول إلى جبهة مفتوحة كغيرها التي أصبحت أخبارها مملة وروتينية يتحاشى الواحد منا سماع أخبارها كجبهة (تعز) و(ميدي) و(نهم) وغيرها.
مراد السامعي

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى