آلام النصوص

> عمر محمد العمودي

> بعد شرود طويل تلتقط أنفاسك وتنهض لتلم شتاتك، تستسلم للكآبة التي تسيطر عليك من الداخل غير آبه للصوت الذي يتردد في عقلك: ماذا فعل هذا النّص بي؟
تتنقل بين النصوص، نص ينتهي قبل أن يجتمع الحبيب مع محبوبه، ونص تغيب عنه القُبل وتحضر فيه الطعنات التي تشعر بألمها، ونص يعيدك للكآبة، وتجد نفسك في نص يشبهك ولا تشعر بالألفة، وكثير من النصوص التي تعبر داخلك وبعضها يستقر ولايتحرك أو يتزعزع، ويبقى ذلك الصوت يتردد في عقلك: لماذا هؤلاء تركوا لنا آلامهم فقط ؟
جدياً أسأل، هل نحن بعد تلك النصوص التي مرت بنا أصبحنا لا نشعر إلا بالألم، أم أننا لا نجد المتعة إلا بتلك الكتابات التي توخز ضمائرنا، أم أنهم من يكتبون لم يجدوا في حياتهم غير الألم؟
يتألم فيصيغ جملة، يقرأها غريب بعد مائة عام فيجدها تشبهه، يحتضنها لتلتصق به، ترى دموعه تملأ عينيه فتغلقها ليس لمنعها بل لتركها تنهمر، لاتفارقه بعد ذلك حتى تتركه طريحاً وكلما حاول النهوض احتضنته مرة أخرى.
دوستوفيسكي حالت بينه وبين الإعدام لحظة، بوشكين أراد الانتقام لشرفه فمات مقتولاً إثر مبارزة، وتولستوي قضى نحبه كحفنة من عظام على رصيف محطة مهجورة بعد أن تخلى عن ثروته وعارض الكنيسة وزهد في العالم، وليرمنتوف ضاع في مبارزة، وتشيخوف نهش الدرن رئتيه، وجوركي أطلق على نفسه الرصاص في شبابه ليوقف تدمير البؤساء لأنفسهم، لا أعلم بمقدار الألم الذي واجهه هؤلاء لكنني متأكد بأن ما تفعله النصوص التي يتركها مثل هؤلاء بنا كل يوم لا تقل ألماً عما فعلته بهم.
عمر محمد العمودي

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى