20 فبراير.. خروج هادي من معتقل مليشيات صنعاء إلى عدن

> المحامي يحيى غالب الشعيبي

> عودة الرئيس هادي إلى عدن في 20 فبراير عام 2015 بعد تمكنه من الإفلات من قبضة مليشيات الحوثي والوصول إلى عدن كان منعطفا سياسيا بارزا ذلك اليوم.
للتذكير يا سيادة الرئيس عند عودتك ذلك اليوم بأمن وأمان لم يكن معك ألوية رئاسة ولا مهران ولاحيدان ولا علي محسن نائبك، ولا بن دغر رئيس حكومتك، ولم يقاتل معك حزب الإصلاح في دار الرئاسة بصنعاء وأنت محاصر، ولم يرافقك بألويته وجيشه.. بل كانت قناة الجزيرة وقنوات حزب الإصلاح ومحمد جميح وإعلاميو الإخوان المسلمين يوثقون جريمتك بإدخال الحوثيين صنعاء، حسب زعمهم، ويوثقون بقناة الجزيرة جريمة اغتيالك للقشيبي وتسليم محمد ناصر السلاح للحوثيين.. ولم يكن معك أحد، وكان رهان الحوثي وعفاش أنك ستواجه معارضة قوية في عدن والجنوب وموجة رفض شعبي بحكم الخصومة السياسية، وكان رهانهم كبيرا جدا على ذلك.
لكن خاب ظنهم، كان هناك حاضن شعبي واعٍ، وكانت ساحة العروض في عدن تكتظ بالمخيمات من أرجاء الجنوب.. كان هناك مناخ مهيأ ملائم (مناخ التصالح والتسامح) وأجواء نقية قبل التلوث البيئي السياسي وتدوير نفايات الفساد.. لم تكن لديك كتائب عسكرية ولا دبابات ولا مصفحات، كانت الطريق إليك سالكة إلى قصر معاشيق بهدوء، وأجزم القول إن تلك الفترة هي أجمل أيام حياتك.
نعم، عشت أجمل أيام حياتك قبل الحرب في عدن وبعد تحرير عدن، عندما كان قبل الحرب شعب الجنوب متعاطفا معك بقوة ضد منظومة الشمال، وبعد الحرب عندما كانت أيضا المقاومة الجنوبية الأصيلة وقوات التحالف والإمارات بالذات أذرعك وسياجك المنيع.
نعم.. سيادة الرئيس أكرر القول إنك عشت أياما ذهبية، راضيا تمام الرضى حينها، وكان رضى متبادلا من الناس ناحيتك والآمال عليك كانت كبيرة.. تذكر كيف كان التعاطف الشعبي عندما تم قصفك بطيران صنعاء في معاشيق.. كيف شعرنا بنخوة وغيرة وحمية جنوبية عليك، الكل استنكر القصف، وزاد التعاطف معك.
السؤال ماذا حصل بعد ذلك؟ بتقديري حصل اختراق.. التف حولك النفعيون مِن مَن كانوا ضدك، عرفوا أن خزائن المال بيدك، وكان أغلبهم يظن أن الحوثيين سينتصرون، ولكنهم بفهلوتهم تداركوا الأمر وعرفوا اللعبة.. وسارع حزب الإصلاح لتأييد عاصفة الحزم بالرياض، وتوغل بمركز قرارك لتفكيك عناصر النصر بالجنوب، وتم إجبارك على تجريد نفسك ومغادرة مربع حركتك وأمنك وأمانك، مغادرة مربع المقاومة الجنوبية الأصيلة ومربع سياج دولة الإمارات العربية الحامي والمدافع عنك.. ليس مغادرة عادية بل شن حرب ضروس من قبلك على نفسك بإقالة قيادات المقاومة والحراك الجنوبي وأيضا تشغيل ماكنة الضخ الإعلامي والسياسي لمنظومة حزب الإصلاح الإعلامية، ودورا تحريضيا ضد دولة الإمارات العربية المتحدة التي حظيت برعايتها وحماية أبنائها.. كان الضباط والجنود الإماراتيون ينذهل منهم كل زائريك في عدن من اليقظة والاهتمام والحرص الأمني.
كانت (اباتشي) الإمارات تظلك من السماء وأنت تسير على رمل ساحل أبين الناعم وتشم نسيم الهواء، وكانت فرق المشاة ترافقك وتحيطك بأمنها وحمايتها الصادقة والحريصة.
اليوم وبعد ثلاث سنوات من خروجك من صنعاء، بوجهة نظري، بإمكانك تقييم هذه المرحلة، تذكر من كانوا معك ورافقوك الأيام العجاف قبل الحرب وأثناءها، وتذكر كم أبقيت من هؤلاء وكم عزلت منهم؟ أعتقد فرصة للتأمل والمراجعة للذات، فأنت بني آدم لست معصوما من الخطأ، وليس عيبا مراجعة الأخطاء.
لأبد من السؤال الذاتي الداخلي مع النفس.. ما هو سبب ما جرى؟ ماذا تحقق بعد انقلابك ضد نفسك وتخليك عن عناصر وأعمدة النصر؟ ويتكرر السؤال ما هو رأي العالم اليوم والإقليم ووجهات نظرهم عن الأداء السياسي للشرعية وعن فساد الحكومة؟ وكيف الأوضاع في الجنوب (الفقر والجوع والحرمان والفساد) وفوق ذلك فريق افتعال وإشعال الأزمات يشتغل ضدك بذكاء تحت ذريعة حمايتك، لأنك مستهدف، والعكس صحيح، فأنت مستهدف من فريق إشعال الأزمات وتنظيم الإخوان المسلمين الذي قرر محاصرتك وإغلاق الدائرة بإحكام عليك، وتقيدت حركتك مرتين.. الأولى على يد الحوثيين بشكل قسري، والثانية على يد حزب الإصلاح بقناعتك.. ويواصل حصاره عليك لمواجهتك وصدامك بشعب الجنوب.
المحامي يحيى غالب الشعيبي

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى