قاعدة الانطلاق الأولى لقتال الحوثيين في تعز يتجاهلها الإعلام .. الحوثيون يفاقمون الأزمة في ماوية والأهالي ينتظرون تحركا حاسما

> تقرير/ صلاح الجندي

> قبل عام ونصف في مديرية ماوية شرقي مدينة تعز، انطلقت مقاومة شعبية بأسلحة شخصية للسكان المحليين، لكن هذا التحرك الذي تنبه له التحالف العربي الذي تقوده السعودية، اخمد لاحقا، بعد أن حشد الحوثيون قوة ضخمة لاجتياح المديرية التي تجاهلها الإعلام آنذاك.
وتضرب في المديرية مأساة انسانية بالغة، لكنها تقابل بصمت مطبق ويقود الحوثيون سلسلة اجراءات، وصلت الى الحد الذي استقطعت فيه الجماعة يوما في الاسبوع دعما لما يسمى بـ(المجهود الحربي) بعد ان شاركت المواطن في آبار المياه التي تستخدم لري المزارع.
«الأيام» كانت هناك لنقل صورة عن الأهمية الاستراتيجية والاقتصادية للمديرية، والتركيز على الماساة الانسانية، هذا بالاضافة الى لقاء مع قائد الانطلاق الاول للمقاومة الشعبية في المديرية عبدالجبار الصراري الذي اجاب عن اسباب تغييب المديرية حتى اللحظة من المشاركة في كسر الحصار عن محافظة تعز.
*انطلاق المقاومة
تكتسب مديرية ماوية اهمية استراتيجية في تعز من حيث امتلاكها لحدود مع ثلاث محافظات، وهذه الاهمية كانت محل اهتمام الحوثيين الذين وضعوها ضمن اهدافهم بعد التقدم صوب تعز.
ولجأ الحوثيون لازاحة المدينة جانبا عن عملية الرافد الفعال لتحرير المحافظة، عبر بقاء المديرية تحت سيطرة رموز النظام القديم حيث تتواجد شخصيات محلية بارزة ومشايخ في المديرية وقادة في جهاز الأمن السياسي بالمحافظة.
وتعتبر ماوية إحدى مديريات ما يسمى بالحزام وطوق مدينة تعز، كما تمد المحافظة بعشرات الآلاف يوميا التي تجمع من ضرائب القات، كونها المديرية الأكثر زراعة للقات في محافظة تعز.
في 8/7/2015 بُعيد الإعلان عن تجميع وإعداد مجاميع مقاتلة أعلن في مهرجان جماهيري كبير عن ميلاد جبهة القتال الأولى في المدينة، وسميت قيادتها التي تقدمها مشايخ قبليون بارزون بقيادة الشيخ عبدالجبار مدهش الصراري والشيخ عاطف الكربي والشيخ عبدالله البطحي وآخرين.

أزاح هذا التاريخ عامل الخوف لدى السكان، وساهم بالتوازي في إرباك صفوف الحوثيين الذين كانوا يعدون العدة لاجتياح الضالع، ومناطق مجاورة في المحافظات الجنوبية والالتفاف على المقاومة من أبناء المحافظة باختراق مديرية الحشاء. كما أسهمت الجبهة التي صمدت أمام قوة الحوثيين الذين تدعمهم إيران في التخفيف من الحصار الذي أطبق على مدينة تعز، في خضم حصار آخر فرضته الجماعة المسلحة على المديرية التي كانت شهدت مواجهات دامية وتمكنت من تنفيذ 12 عملية نوعية وخاطفة كبدت مقاتلي الجماعة خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد.
وتمكنت المقاومة الشعبية من السيطرة على المجمع الحكومي وطردت عبدالجليل سرور مدير المديرية الذي كان عين من قبل اللواء 22 ميكا الذي يتبع الحوثيين، هذا بالإضافة إلى دماج البحر الذي كان مديرا لأمن المديرية.
لاحقا عين أحد ضباط المقاومة مديرا لأمن المديرية، وشكل هذا دافعا لخطوات أكثر جرأة في ذات الصدد، بعد أن كانت المدينة محصورة على نفوذ رجال النظام السابق. وقادت المقاومة عملية نفذها أحد رجالها وهو مجاهد الجندي الذي هاجم طقما عسكريا للحوثيين وحلفائهم وأحرقه في منطقة الجند.
حينها وجهت المقاومة الشعبية نداء إلى القيادة العسكرية في تعز لدعم الجبهة بالسلاح ووصلت المطالب إلى التحالف العسكري الذي تقوده السعودية، ودفعت بعض الأسلحة المتوسطة إلى المقاومة لكنها أتت بعد أن كسر الحوثيون كل جهود المقاومة وأحكموا سيطرتهم على المنافذ المؤدية إلى مداخل المديرية، وهذا دفع قيادة المقاومة إلى اتخاذ قرار بالتراجع حينها.
آنذاك كانت أبرز العوائق التي تقف أمام نجاح المقاومة تتمثل في عجز الأحزاب في العقود الماضية عن إحداث اختراق لمنظومة النفوذ والتسلط في المديرية، التي كانت تخضع لحزب المؤتمر الشعبي العام بأجنحته المختلفة، مع تواجد ملموس لعدد من الأحزاب داخلها، وكان لجميعها دور لا يخدم استمرار المقاومة في المديرية.
وتحولت بعض الأحزاب في الأثناء إلى عامل كبت وتدجين لأبناء المديرية، وتشارك جناح المؤتمر المحسوب على «صالح» آنذاك في صفقة تقاسم مع حزب الإصلاح للاتفاق مع الحوثيين بتجنيب المديرية الصراع.
ويقول عسكريون من المديرية لـ«الأيام» إن اللحظة الراهنة تبرز فرصة لتوجيه ضربة لقوات الحوثيين في أهم منطقة استراتيجية تفتح للحوثيين، حيث الشريان الحيوي المهم لمحافظة إب.
*فرض الاتاوات بالقوة
لجأ الحوثيون في الفترة الأخيرة إلى ممارسة ابتزاز مكثف على الأهالي والمواطنين في قرى وعزل ماوية، وأجبروهم على دفع الاتاوات أو كما تسميه الجماعة «الخُمس» بحجة حمايتهم والدفاع عن مدينتهم من الغزاة حسب قولهم، ويستخدمون القوة لكل من يخالف ابتزازهم.
وفرض الحوثيون جباية على أصحاب المزارع وأراضي القات التي تشتهر المديرية بزراعته وتصدره إلى أكثر من محافظة في اليمن.

والأهالي هناك بات معظمهم يعتمد على القات كدخل يومي ومركزي لهم، لكن الحوثيين فرضوا اتاوات على كل مالك أرض تزرع فيها القات، وفرضوا أتاوات على كل مالك بئر إرتوازية.
كما قامت المليشيات الانقلابية بمشاركة أصحاب الآبار الارتوازية بأن يكون المجهود الحربي بمقدار يوم في الأسبوع كأي شريك، ويقومون بأخذ على كل مالك حول قات «تلماً»، و«التلم» يصل قيمته إلى مبالغ كبيرة خاصة مع ارتفاع سعر القات المصاحب لموجة البرد الشديد، وكبر الوديان التي يتم زراعة القات فيها.
*تجنيد إجباري للأطفال والمهمشين
لم يكتف الحوثيون بابتزاز المواطنين ودفع الاتاوات والخمس، بل قادوا عمليات تجنيد إجبارية للأطفال والمهمشين، وأجبروا المواطنين على تجنيد أطفالهم لرفد جبهات القتال ضد القوات الحكومية.
وقالت مصادر خاصة لـ«الأيام» إن الحوثيين فرضوا على مشايخ وعقال المناطق والقرى في مديرية ماوية تجنيد الأطفال والشباب لدعم جبهات القتال، هذا بالإضافة إلى أن الجماعة عملت على تهديد الشخصيات الاجتماعية، وطلبت من كل شيخ 10 أفراد، خاصة بعد أن تقهقرت وتعرضت لخسائر بشرية كبيرة.
وقالت المصادر إن المليشيات تجند الأطفال بالقوة وكذلك المهمشين استغلالا لحاجتهم المادية، وإيهام الجميع بالتجنيد والأرقام العسكرية، وأنها ستدفع لهم رواتب شهرية، ثم تقوم بالدفع بهم لمعسكراتها التدريبية استعدادا لخوض المعارك في الجبهات.
*معاناة إنسانية بالغة
يعاني أبناء مديرية ماوية مثل أبناء أي مديرية أخرى من مديريات محافظة تعز في ظل ظروف الحرب وسيطرة المليشيات على مناطقهم، والتي تسببت في نزوح الكثير منهم إلى مناطق أخرى سواء في داخل المدينة أو خارجها.. ويعاني السكان المتواجدون في ماوية من عدم صرف رواتبهم وعدم وصول المواد الإغاثية إليهم.
حيث تقوم المليشيات الانقلابية بسرقة وبيع المواد الإغاثية الخاصة بالمديرية لإخضاع المواطنين لسياسة التجويع.

وفي تصريح خاص لـ«الأيام» قال مدير مديرية ماوية عبدالجبار الصراري إن الحوثيين قاموا بسرقة الإغاثة التابعة لأبناء المديرية، وقال إنه يقوم حاليا بالعمل الجاد على فرض وصول المواد الإغاثية إلى المواطنين عبر بعض المنظمات.
وتابع الصراري: «إن عبدالرقيب فتح وزير الإدارة المحلية، رئيس اللجنة العليا للإغاثة، وجه مؤسسات الإغاثة بالتعامل الجاد مع المواطنين، وكذلك النازحين في كل مكان».
وأردف الصراري: «يحاصر الحوثيون أبناء المديرية من التنقل إلى بقية المدن ويعملون على التجسس والمتابعة والملاحقة لهم، بالإضافة إلى أن هناك الكثير من الذين باتوا حوثيين أصبحوا يسرقون قضايا بعض التجار والمزارعين لابتزازهم بالأجرة وغيرها من القضايا».
«وصل بهم الحال إلى تجنيد الأطفال بالقوة، ويذهب بهم تحت حجة التجنيد والترقيم فقط، ويجندون المهمشين ويستخدمون معهم أساليب العصابات» قال الصراري مختتما حديثه.
*ماوية.. بوابة إب ومنفذ تعز
يتفق عسكريون في الجيش الوطني مع التصريح الذي أدلى به أعلاه مدير المديرية وقائد المقاومة في ماوية عبدالجبار الصراري، وهو أن عملية كسر الحصار عن محافظة تعز تكمن في ضرب الحوثي داخليا في المحافظة، وهذا - بحسب حديثهم - سيمكنهم من السيطرة على خطوط إمداده، وماوية هي أهم طريق إمداد للحوثيين الذين يستخدمونها لنقل مقاتليهم من إب وذمار إلى جبهات القتال في تعز وأخرى في الجنوب.
ويضيف هولاء بأن إعادة جبهة ماوية إلى المشهد يعد فتح جبهة خلفية للحوثيين تختصر مسافة المعارك وتكسر الحصار عن تعز، كونها تمثل طعنة في ظهر الحوثيين بالتوازي مع تأمينها للشريط الحدودي مع الجنوب، لاسيما وأنها ستشكل مع تقدم قوات الجيش الوطني في اللواء 35 مدرع في الصلو ودمنة خدير شهادة وفاة للتواجد الحوثي في مناطق جنوب شرق تعز.
وتنهي العمليات هناك احتكار قيادات الأحزاب التي عمدت إلى تشكيل اتفاق يناقض سلوك المقاومة الشعبية التي تتيح للمواطنين إمكانية الانتفاض على سلوك الحوثيين.
ووفقا لقائد المقاومة خلال حديثه لـ«الأيام» فإن احتمالية انطلاق المعارك مرتبط بدراسة وموافقة بين المقاومة الشعبية والجيش الوطني وقوات التحالف العربي في عدن.
تقرير/ صلاح الجندي

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى