مأساة عدن إلى متى ؟!

> مازن الشحيري

>
مازن الشحيري
مازن الشحيري
مرت خمس سنوات وأكثر على الحريق الذي التهم منزلي في مدينة التواهي، حيث كان مسقط رأسي، خمس سنوات انقضت منذ ذلك التاريخ، كانت فيها أحداث عاصفة، عصفت بالبلاد برمتها، وأتذكر هنا المعاناة التي مررت بها، وعدم قيام الدولة بواجبها تجاه الكارثة التي وقعت علينا.
على الرغم من وجود أناس شرفاء، لا نستطيع إنكار موقفهم معنا ولهم منا ألف تحية، ولكن الجهات ذات الاختصاص وصاحبة القرار في ذلك الوقت كانت تتعامل معنا بأسلوب التجاهل، ولا حياة لمن تنادي، ورغم نزول لجان تلو لجان وتقارير تلو تقارير ولكن للأسف الشديد تنصل المسئولون عن كل الوعود التي وعدو بها، علما بأن هناك ميزانية موجودة للمحافظة تسمى “بند الكوارث”، وتوجد به مئات الملايين تذهب إلى جيوب الفاسدين فى زمن المحافظ الإصلاحي وحيد رشيد، الذي رفض وتنصل حتى من تعليماته التي كتبها، وذلك بسبب أنني كنت أرفع علم الجنوب فوق بيتي قبل وبعد الحريق وأنني حراكي، كما قال لي أحد المسؤلين فى ذالك الوقت، وكل المستندات لازالت معي، وكان عزانا الوحيد أننا في الجنوب، نقع تحت ما يسمى بالاحتلال، وإلى آخره من الأسباب التى كنا نتحجج ونصبر أنفسنا بها، والقصة تطول ولا يتسع المجال لسردها بتفاصيلها هنا.
وليست هذه القصة هي المهمة التي من أجلها أكتب مقالي هذا، ولكن قمت بذكر هذه القصة اليوم لتسليط الضوء على المشكلة الأهم التى أصبحت مشكلة يغفل عنها الكثير، وقد تكون مشكلة منسية فى ظل تجاهل الكل لها، وانشغالهم بأمور أخرى، والمشكلة هي المأساة الإنسانية للأسر التي مازالت نازحة خارج بيوتها جراء الحرب التى دمرت بيوتهم.
فالآن وبعد الحرب الطاحنة التى قامت بعدن ووجود آلاف من البيوت المدمرة بسبب تلك الحرب وتشرد آلاف من الأسر منذ سنوات، وكما أوضحت بحسب تجربتي السابقة، أعتقد أنني أشعر بما يشعرون به أولئك الناس من قهر في كل المستويات، وربما أن مأساتهم تفوق بكثير التجربة التى مررت بها، وخصوصا فى ظل الظروف الاقتصادية الراهنة التي لا تخفى على أحد، والتى تشكل عبئا إضافيا على عاتق الجميع، وأخص بالذكر أولئك الذين دمرت بيوتهم بشكل كامل ولم يجدوا أي شيء غير الوعود فقط.
فإلى متى سوف تستمر معاناة أولئك الناس من الأطفال والنساء والشيوخ المشردين؟ وإلى متى سوف نستمر بالنظر إليهم، وكأنهم ليسوا أصحاب حق فى هذه البلاد؟ بل وننظر إليهم بأنهم يريدون صدقة أو إحسانا من أحد وليس حقا من أبسط حقوقهم.. إلى متى سوف نستمر فقط بالمشاهدة إلى معاناتهم؟ فوالله إذا لم ننصر المظلومين في هذه البلاد، وهم كثير، وبكل ما أوتينا من قوة فلن ينصرنا الله أبدا، فإلى متى...؟!.
فوالله هناك أسر دمرت بيوتها وشردت، واستشهد أحد أفرادها وجرح الآخر، لكن أيضا لا حياة لمن تنادي، فى ظل صمت وتجاهل كبير من كل جهات الاختصاص، وكأن الأمر لا يعنيهم من قريب أو بعيد، وحتى عندما سمعنا ببداية مرحلة الإعمار، وما يسمى بالمرحلة الأولى، وكانت بمنطقة التواهي، استبشر الناس خيرا بهذا النبأ، وللأسف صدمنا بأنه تم تجاهل كل المساكن التى دمرت دمارا شاملا، واكتفوا بترميم عدد من البيوت التى فقدت بعض النوافذ أو الأبواب وبعض الترميمات البسيطة جدا، متجاهلين مأساة أصحاب البيوت المدمرة التى كان المفروض أن تكون لها الأولوية القصوى لهم، فتم تجاهلهم.
وبكلمة مختصرة نستطيع أن نقول عن هذا التجاهل إنها وقاحة، فلم يُقدم لهم حتى مبلغ إيجار كأقل تقدير ليساعدهم حتى يتم حل مشكلتهم، فكثير من الناس هم من البسطاء الذين لا يستطيعون أن يوصلوا صوتهم لأحد، غير رب العباد، فقد وكلوا أمرهم إليه سبحانه، فهو حسبهم ونعم الوكيل، وسوف ينتقم من الظالمين ولو بعد حين، إن كان من المسئولين الفاسدين أو من كل من يستطيع عمل شيء ولم يفعل لنصرة إخوانه المظلومين.
وباعتقادي آن الأوان لرفع الظلم عن أهل عدن بشكل عام، والأولوية للجرحى وأسر الشهداء والأسر المدمرة بيوتهم والذين لولاهم ولولا تضحيات أبنائهم لما انتصرت عدن، فقد أصبحوا الآن عنوانا لمأساة عدن!!.
ولا أنسى أن أشكر كل من قدم العون لتلك الأسر من رجال عدن والجنوب المخلصين، ونسأل الله أن يعينهم كما أعانوا أهلهم وإخوانهم المنكوبين.
وفى الأخير أقول إن عزاءنا كان فى السابق أننا كنا محتلين وذنبنا أننا نطالب باستعادة دولتنا، فيا ترى، ما هو عزاؤنا الآن؟! هل لازلنا محتلين وذنبنا أننا دافعنا عن بلادنا أو أن هناك أمرا آخر!.
إذا كل مسؤول من آلاف المسؤولين المنتشرين هذه الأيام تنازل عن شاص واحد مما يمتلك فقط، لتم حل مشكلة إعمار كل البيوت التى دمرتها الحرب، والحلول كثيرة ولا حصر لها إذا كان لايزال هناك أناس وطنيون.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى