الصين تجازف ببقاء «الإمبراطور شي» على رأس السلطة مدى الحياة

> بكين «الأيام» ا.ف.ب

> صفق نحو ثلاثة الاف نائب صيني بحرارة أمس عند بدء الجلسة السنوية للجمعية الوطنية الشعبية تأييدا للتعديل الدستوري الذي سيمنح الرئيس شي جينبينغ ولاية غير محدودة على أمل تحويل هذا العملاق الاسيوي الى قوة عظمى عالمية.
افتتحت الجلسة العامة للجمعية الوطنية الشعبية (البرلمان) اعمالها لاسبوعين بحضور كامل الاعضاء ومن المقرر ان تعزز سلطات شي في مبادرة غير مسبوقة منذ عهد مؤسس النظام ماو تسي تونغ.
واستمع شي دون رد فعل في كرسيه داخل قصر الشعب الضخم للنواب الـ2980 وهم يصفقون بقوة عند تلاوة مشروع تعديل دستوري يلغي مهلة ولايتين رئاسيتين، على ان يتم اقراره أمس الأول.
وكان رئيس الحكومة لي كيكيانغ كشف قبلا هدف النمو الاقتصادي "بنحو 6,5 %” للعام 2018 اي نفس معدل العام السابق لكن أقل من اجمالي الناتج الداخلي في 2017 (+6,9 %).
كما حذر لي حكومة جزيرة تايوان التي خرجت عن سيطرة بكين في 1949 بلت الصين لن "تتسامح ابدا مع اي محاولة أو عمل انفصالي".
*رقابة على الإنترنت
وكانت فكرة ان يظل شي (64 عاما) الذي تولى منصبه في 2013، رئيسا مدى الحياة السائدة في كل الاوساط. اذ يمكن ان يظل على رأس السلطة الى ما بعد نهاية ولايته الثانية في 2023.
تقول تشو فينغ النائبة من شنغهاي لوكالة فرانس برس "ادعمه وأؤيد التعديل الدستوري"، بينما علقت لي شوتشيان النائبة من اقليم يونان (جنوب غرب) انه "فعلا رجل عظيم وقائد يكترث للناس العاديين وآمل أن يظل في السلطة”.
وكان تشانغ يسوي المتحدث باسم الجمعية الوطنية تشانغ يسوي قال ان الامر يتعلق ببساطة بدمج مهام الرئيس مع دوره كامين عام للحزب الشيوعي ورئيس للجنة العسكرية وكلاهما لا حدود له.
ومن المقرر ان يتبنى البرلمان من جهة اخرى تعديلات لادراج اسم شي في الدستور وتشكيل هيئة وطنية جديدة لمكافحة الفساد.
واثار احتمال “رئيس مدى الحياة” استنكارا على شبكات التواصل الاجتماعي واستغراب او حتى انتقادات سارعت الرقابة الى حذفها مع حظرها لكلمات مثل “امبراطور” و”لست موافقا”.
الا ان التعديل المقترح الاثنين يؤكد انه تمت “استشارة اراء في القاعدة الشعبية” وان “الشعب واعضاء الحزب ومسؤولين من مختلف المناطق” دعوا جميعا "بالاجماع" الى الغاء القيود على الولاية الرئاسية.
*"الخليفة المناسب"
يشكل بقاء شي في الحكم بعد 2023 دعما لطموحه بجعل البلاد قوة عظمى ذات نفوذ وفي الوقت نفسه، ازالة كل المسؤولين الفاسدين ومعارضيه داخل الحزب الشيوعي.
يقول هوا بو المعلق السياسي في بكين لوكالة فرانس برس ان شي ورث “فوضى” قبل خمس سنوات وعمل على “ازالة كل التهديدات ازاء الحزب والدولة، وللتمكن من ذلك لا تكفيه ولايتان رئاسيتان”.
اما اذا تنحى شي عن الحكم في 2023، “فمن المرجح ان تعود السلطات الى نفس المجموعات الفاسدة والنخب، وستضيع كل جهود السنوات الاخيرة”، مضيفا ان “شي بحاجة الى الوقت لانتقاء الخليفة المناسب وتدريبه.
لكن يمكن ان يعبر بعض النواب عن عدم ارتياحهم من خلال الامتناع عن التصويت او معارضة تعيين حلفاء لشي في بعض المناصب.
يقول ويلي لام الخبير السياسي في هونغ كونغ “هناك معارضة داخل النظام لكننا لا نعلم بها بسبب الرقابة"، مضيفا ان "البعض يعتبرون ان ذلك اهانة ويشكل تجاوزا للحدود وان شي قام بانقلاب على الحزب".
ويجازف الحزب الشيوعي الصيني إذ يمنح الرئيس شي جينبينغ الحق في البقاء رئيسا مدى الحياة بان يتخلى عن نموذج خلافة يضمن الاستقرار في البلاد منذ ثلاثين عاما.
منذ توليه الرئاسة في 2013، تمكن شي من استبعاد أبرز معارضيه ليمسك بزمام السلطة بشكل كامل. وبعد ان كان من المقرر ان يتنحى عن منصبه عند انتهاء ولايته الرئاسية الثانية من خمس سنوات في 2023، دعا الحزب الشيوعي الى الغاء هذه القاعدة الدستورية.
تقول خبيرة الشؤون الصينية سيمون فان نيونهويزن من سيندي ان “الهدف من تحديد ولايتين هو ضمان نوع من الاستقرار. واذا ظل شي في منصبه لأكثر من عشر سنوات فانه سيكون بالتأكيد موضوع تدقيق أكبر من قبل النخب السياسية والشعب”.
ويعيد مشروع اصلاح الدستور الذي أُعلن الاحد النظر في مبدأ “الادارة الجماعية” التي فرضها القائد السابق دينغ شياوبينغ في ثمانينات القرن الماضي لتفادي بقاء زعيم في السلطة دون منازع على غرار مؤسس النظام ماو تسي تونغ.
وحكم سلفا شي هو جينتاو (2003 - 2013) وجيانغ زيمين (1993 - 2003) تباعا لولايتين من خمس سنوات. وفي كل مرة كانت العملية الانتقالية تتم بهدوء وفي تلك الاثناء كانت الصين تتحول إلى القوة الاقتصادية الثانية في العالم.
*"تراجع كارثي"
الا ان شي (64 عاما) يبدي ميلا تسلطيا أكثر من سلفيه، فقد شدد القمع على المجتمع المدني وباشر حملة واسعة لمكافحة الارهاب ونجح في ادراج “فكره حول الاشتراكية على الطريقة الصينية في العهد الجديد” في ميثاق الحزب وهو شرف خصص حتى الان لماو تسي تونغ وحده وهو حي.
ويمكن ان يتوصل شي في حال بقائه الى ما بعد 2023 الى تحقيق برنامجه من أجل الصين و“النهضة” التي يسعى اليها بحيث تتحول البلاد الى دولة متطورة ومزدهرة لها نفوذ دولي وجيش قوي.
ويعقد البرلمان الصيني الذي يتبع الحزب الحاكم بشكل تام جلسته السنوية اعتبارا من الخامس من مارس المقبل ومن المتوقع أن يمنح شي ولاية رئاسية ثانية من خمس سنوات ويلغي مهلة العشر سنوات كحد أقصى على رأس السلطة.
يقول جوناثان ساليفان الباحث لدى جامعة نوتنغهام في بريطانيا ان “تحديد عدد للولايات الرئاسية كان يضمن انتقال السلطة عبر المؤسسات وتفادي ان يميل الحزب الشيوعي الى انظمة قمعية او تراجعا كارثيا”، مضيفا ان "الغاء أي حدود يمكن ان يشكل مخاطر على الاستقرار على المدى البعيد”.
أما سام كراين خبير التاريخ الصيني في معهد وليامز في الولايات المتحدة فلا يتوقع اي اصلاحات اقتصادية أو سياسية في المستقبل، ويقول "أعتقد ان الاولوية ستكون لمواصلة قمع المجتمع المدني بحسب الخط السياسي الذي يلتزمه منذ العام 2012".
*رقابة
تقول سوزان شيرك اختصاصية الشؤون الصينية لدى جامعة كاليفورنيا في سان دييغو “احد المخاطر امام (شي جينبينغ) هو ان يتخذ قرارات سيئة وان يحيط نفسه بمتملقين لا يجرؤون على مناقضته”.
وفي تعليق ساخر على تويتر أعلن الناشط جوشوا وونغ احد الوجوه الشابة للتظاهرات المؤيدة للدبلوماسية في هونغ كونغ في خريف 2014، حلول “عهد الامبراطور شي".
كانت ردود الفعل متفاوتة على موقع “ويبو” الصيني للتواصل الاجتماعي اذ اشاد بعض المستخدمين بـ"حدث تاريخي" بينما انتقده آخرون وكتب أحد المستخدمين "الان لدي فعلا الانطباع بالعيش في كوريا الشمالية".. الا ان الرقابة حذفت التعليقات السلبية سريعا، وحجبت صور الدب ويني شخصية الرسوم المتحركة التي غالبا ما يتم تشبيه شي بها بسبب قامته.
كما أن استحواذ الرئيس على مقاليد السلطة يمكن ان يصطدم بمعارضة داخلية في الحزب الحاكم الذي يخضع لحملة مكثفة لمكافحة الفساد اطاحت اكثر من مليون مسؤول فيه.
واختتمت شيرك بالقول ان “المخاطر بالنسبة له هي نوع من تمرد داخل النخب السياسية لانها ستكون في موقع متزعزع بعد هذا الاصلاح الذي سيحرمها من اي تقاسم فعلي للسلطة”.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى