عدن على شفا كارثة.. آبار منطقة بئر أحمد الجوفية تقرع أجراس الخطر

> تقرير/ علي الصبيحي

> رغم أهمية المنطقة التاريخية الأثرية ودورها الحيوي في تغذية العاصمة عدن بالمياه النقية عبر حقول آبارها الـ45، تقبع منطقة بئر أحمد في خندق النسيان والحرمان من الخدمات منذ عشرات السنين، فالمنطقة القريبة من عدن تجاهلتها كل الحكومات خدميا منذ ما بعد الاستقلال حتى أوشكت اليوم على التسبب بكارثة بيئية ستحل على عدن جراء اختلاط مياه المجاري بمياه حقول الآبار.
إلى الشمال من العاصمة عدن تقع منطقة بئر أحمد التي لا يفصلها عن مركز العاصمة سوى 28 كيلومترا، وتتبع إداريا مديرية البريقة، وتبعد عنها بنحو 27 كيلو مترا، ويسكنها نحو 13098 نسمة بسبب تدفق عدد من الأسر إليها مؤخرا من مختلف المحافظات، أما السكان الأصليون فجلهم من سلالة قبيلة العقربي، أقدم سكان عدن وأول القبائل المالكة للأرض منذ أن انفصل زعيمها الشيخ مهدي عن سلطنة لحج عام 1770م، وأسس سلطنة مستقلة ما تزال بعض معالمها باقية حتى اليوم، وجعل عاصمتها بئر أحمد، وامتد نفوذها إلى شبه جزيرة البريقة.
*بؤس الواقع
أبرز ما يؤرق المواطن في منطقة بئر أحمد، ويمثل أعلى درجات المعاناة الممتدة لسنوات طويلة، حرمان المنطقة من المياه، لتسجل تلك الحالة إحدى أغرب صور المفارقات، إذ ان المنطقة التي تزود آبارها محافظة عدن بالمياه هي ذاتها محرومة منها، بحسب الوالد رضوان عبدالرحمن، أحد الشخصيات الاجتماعية في المنطقة، الذي أوضح قائلا: «45 بئرا في منطقة بئر أحمد تغذي مديريات عدن بالمياه باستثناء الشيخ عثمان، ونحن أبناء المنطقة بلا ماء! ومعاناتنا قديمة إلا أنها اشتدت منذ العام 2002م جراء التوسع العمراني ونكسة المشروع».

وأضاف الحاج رضوان: «حصلنا على قرض بخمسة ملايين ونصف المليون ريال، لتأهيل شبكة المياه، وللأسف فإنه بدل ما تتم التوسعة تم العمل باستخدام أنابيب (6 هنش) هي نفسها القديمة، وبهذا لم يستفد الأهالي من المشروع، ومن يومها ونحن في عناء، وسبق أن طرحنا هذه القضية أمام كل الجهات المسؤولة وحدث أن تطرقت لها أمام محافظ عدن السابق طه غانم بحضور مدراء العموم والمكاتب التنفيذية وصندوق التنمية الذي خاطبته شخصيا بصفته الممول للمشروع، وتساءلت حينها: لماذا لم يتم محاسبة المتلاعبين، خصوصا وأن مؤسسة المياه هي التي نفذت المشروع؟، ومن يومها لم نجد الإجابة، وبعدها تحصلنا على قرض آخر بقيمة 280 ألف دولار من الصليب الأحمر، لإنشاء شبكة جديدة، وهذا الآخر أيضا اختفى ولم نرَ له أثرا».
ولفت الوالد رضوان إلى أن «المياه لا تعرف طريقها إلى المنازل، وأن أهالي المنطقة تمر عليهم الساعات الطوال والأيام بلا ماء»، مناشدا الجهات المختصة «وضع الحلول العاجلة لقضية المياه، لاسيما وفصل الصيف على الأبواب».
تكدس القمامة
تكدس القمامة

*كارثة الصرف الصحي
انعدام شبكة الصرف الصحي لمنطقة بئر أحمد منذ ما بعد الاستقلال بات اليوم واحدا من أهم الأسباب لحدوث كارثة بيئية إنسانية ستحل بسكان محافظة عدن، نظرا لاختلاط مياه المجاري بمياه حقول آبار المياه الجوفية التي تغذي المحافظة، بحسب الوالد عبدالله عيدروس، الذي أهاب بكل الجهات المختصة تدارك خطورة الوضع قائلا: «حقول الآبار في خطر وتنتظر عدن كارثة بيئية، إن لم يتم تدارك الأمر، فالبيارات العشوائية التي يتم حفرها تصل إلى عمق عشرين مترا دون فتحات لتفادي عملية الفيضان والشفط، مما نتج عنها التقاء المجاري بالمياه الجوفية، ومنذ سنوات ونحن نناشد ونطرق أبواب المسؤولين والجهات المختصة، وشرحنا لهم الحال، وطالبنا بإنقاذ الحوض المائي النقي»، لافتا إلى أنه «تم اعتماد مشروع شبكة صرف صحي للمنطقة في العام 2013م إلا أنه تحول بقدرة قادر إلى مدينة إنماء السكنية».
طفح مياة الصرف الصحي
طفح مياة الصرف الصحي

*حبيسة التعثر
أما قطاعا التربية والصحة فالمنطقة خالية من مشاريعهما ولا يكاد يكون فيها مشروع صحي ولا مشروع تربوي، عدا مشروع توسعة الفصول الدراسية المتعثر منذ أكثر من خمس سنوات، كما أشار صالح سعيد، معلم في مدرسة بئر أحمد.
وأضاف صالح سعيد: «هذا مشروع توسعة لفصول دراسية متعثر منذ خمس سنوات تم اعتماده من البنك الدولي لامتصاص الكثافة الطلابية في المدارس التي تصل إلى 90 طالبا في الفصل الواحد، ومن يومها ونحن نناشد ولا حياة في من تنادي، في الوقت الذي تفتقر المدرسة للمياه ولأعمال صيانة دوراتها، وكل ما يبذل من جهود هي شخصية تقدمها اللجنة الأهلية خدمة للمنطقة».
*وهم الطريق
رئيس اللجنة الأهلية لمنطقة بئر أحمد طه ماطر أشار إلى أن «المنطقة تبعد عن خزانات المياه بنحو كيلومتر واحد وهي أرض زراعية تقدر بـ1500 فدان، وكانت في السابق تؤمن الخضار لعدن وبعض الفواكه كالبطيخ والشمام، لكنها الآن لم تعد كذلك لرفع الدعم الزراعي عنها».
أرض زراعية
أرض زراعية

ولفت ماطر إلى أن «الطريق الرئيسي للمنطقة قد تآكل وتسبب في الكثير من الحوادث المرورية»، موضحا بأن «مشروع إعادة طريق بئر أحمد، الذي بلغت كلفته 30 مليون ريال ودشنه مدير عام مديرية البريقة هاني اليزيدي وتناولته الصحف اليومية بعناوين بارزة، تم تأهيل كيلومترين منه فقط، تحديدا إلى نقطة الحرم الجامعي، بينما ظل بقية الطريق على حالته السابقة»، متسائلا «هل يعقل أن تبلغ تكلفة كيلومترين 30 ميلون ريال؟».
*الخاتمة
هنا بئر أحمد حيث بقايا ذكريات وأنات، لأناس نفوسهم كسيرة بواقعهم الذي يتشظى بمرارة الخذلان بعد أن فقدوا مقومات العيش الكريم وشاخت حياتهم بحثا عن شربة ماء، هي قريبة منهم لكنها بعيدة المنال، فهل يا ترى ستجد هذه المنطقة من يمسح عنها غبار السنين؟.
تقرير/ علي الصبيحي

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى