هاجس الأمن

> جلال عبده محسن

>
جلال عبده محسن
جلال عبده محسن
إنه المسلسل الدرامي الأطول زمنيا على الإطلاق في تاريخ الدراما البشرية منذ أن شاءت حكمة الله سبحانه وتعالى أن تجعل من الأرض محور الحياة الإنسانية في هذا النسق الكوني العظيم. إنه هاجس الأمن والشعور القديم للإنسان ذاته، وجد معه لمواجهة حالة الخوف الذي يتعرض له، وكان من الطبيعي حماية نفسه من شتى أنواع المخاطر البيئية والبشرية التي يتعرض لها، وأصبح الاحتياج الأمني ضرورة يشمل كل ما يتعلق بالإنسان من أمن جسده إلى أمن كيانه وحرياته وحقوقه، كما يشكل ركنا أساسيا من أركان وجوده الإنساني والاجتماعي.
والاختلالات الأمنية والاغتيالات المنظمة التي تشهدها مدينة عدن وإن كانت مصنفة مجازا ضمن المناطق "المحررة" إلا أنها في واقع الأمر ضمن المناطق “المقهقرة” أمنيا في ظل انقسام أمني واضح، حيث لا يكاد يمر يوم تقريبا إلا ونسمع عن تلك العمليات الإجرامية التي تستهدف حياة إنسان وحرمانه نعمة الوجود والعيش على هذه البسيطة كما أرادها رب العالمين وحكمته من خلق الإنسان على هذه الحياة للقيام بعبادة الله سبحانه وتعالى أولا وحكمته في إعمار هذه الأرض وصنع الحضارات عليها، والتي تتطلب الكد والكدح والعمل الدؤوب والمتواصل ثانيا، لا أن يتم سلبها من قبل إنسان آخر عن طريق القتل وإزهاق الأرواح وسفك الدماء وترويع الآمنين.
عدن وبعد مرور ثلاث سنوات من عملية التحرير تبقى المسألة الأمنية فيها من أهم القضايا العالقة والأكثر تعقيدا أمام تصاعد عملية العنف والجريمة المنظمة وتسييس العمل الأمني. والأمر هنا لا يخفي التساؤلات الكثيرة التي تبقى عالقة في أذهان الكثيرين دون إجابات واضحة على الرغم من أهميتها لوحدة القرار الأمني، ولازالت الأمور معقدة ومتداخلة يختلط فيها الحابل بالنابل وتتعدد معها الأهداف والمقاصد.
ولأننا أمام ظاهرة إجرامية منبوذة فإن ذلك يتطلب منا وفقا للمنطق الاعتيادي أن نكون أمام مفترق طرق إما أن نكون أطرافا أمنية فاعلة ومسئولة عما يجري، نتحمل فيها المسئولية الوطنية والأمنية والدينية والأخلاقية، أو ترك الأمر لمن هو قادر على تحملها ولا يحق لأي طرف تحميل مسئولية هذه الفوضى وهذا الفلتان الأمني للطرف الآخر وإعفاء نفسه من المسئولية بحجة هذا الانقسام، فالمسئولية تظل مشتركة لا محالة طالما لم يعف هذا الطرف من ذاك نفسه من المنصب أولا براءة للذمة.
ولأن النتيجة تلي السبب دائما ولا تتقدم عليه، فإن السبب سيبقى على حاله طالما حاجز الصمت لم يكسر بعد!.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى