> يمكنك أن تقرأ التاريخ من هذه العملة أو تلك، فكثيراً ما ارتبطت العملة بتاريخ الشعوب وحضارتها، فالحضارة اليونانية القديمة مثلاً هي من الحضارات التي جسدتها عملة تلك الأزمان الضاربة في القدم من خلال تلك العملات المعدنية التي وصل سعرها في بعض مزادات العالم إلى ملايين الدولارات، وقد تميزت بالاتقان بما في ذلك شكل الرسومات الرائعة على وجه تلك العملات التي يعود تاريخها إلى ما قبل خمسمائة عام قبل الميلاد.. وهكذا الحال بالنسبة للحضارات الأخرى بما فيها العربية التي يتقدم عملتها الدينار الذهبي الإسلامي.
ثم إن لكل شعب من الشعوب عملته في مختلف حقب التاريخ، وكثيراً ما تعكس شكل الحضارة وربما سعة العيش، فهي تحاكي طبيعة الأزمنة التي ضربت فيها هذه العملة أو تلك، ورغم أن تاريخ العملة في شعوبنا لم يستقر على حال، إلا أنه يعكس في نهاية المطاف طبيعة الحياة الاقتصادية على وجه التحديد.
وحتى لا نذهب بعيداً نعود إلى حال عملتنا اليوم على ما فيها من بؤس المنظر ورخص القيمة، ناهيك عن خامتها شديدة الوهن، هذه العملة غير المستقرة على حال التي تزري جراء التعامل، هي قطعاً في أسوأ حالتها، فما يطبع منها هي فئة الألف ريال والخمسمائة على الأقل خلال السنوات الماضية، وهو ما جعل مشكلتها تكمن في أنها عملة مقطوعة من الصرف، إن جاز التعبير، لأنه من غير الممكن أن يستمر التداول بهاتين الفئتين دون أن تكون هناك عملات من الفئات المختلفة التي تساعد على تداولها في السوق ما جعل مشكلتها الراهنة تبدو صعبة بحكم غياب التوازن في طبع عملات من كافة الفئات وفق دراسة مالية، كما هو معهود.
فأزمة الصرف هي السائدة في السوق إلى درجة أن البعض اختار مكملات من الشوكولاتة ونحوها عوضاً عن الصرف.. مشكلة كهذه لابد أن تلفت الجهات المعنية كي تسارع بطبع عملات من الفئات المختلفة، وكذلك لفت الانتباه إلى طبع فئة الألف الريال الجديدة المقاربة في حجمها وشكلها لفئة الخمسمائة ريال، وهو ما يسبب مشكلة في تداولها، حيث تتشابه الإبل ويحدث الخلط، وهذا يمكن تجنبه أيضا.
ندرك أن عملتنا على قدر من الوهن والضعف، وهي دون شك تجسد واقعنا الحياتي الراهن بكل مشكلاته وتعقيداته. ومع ذلك لابد من استيفاء شروط تداول العملة في السوق عبر فئاتها المتنوعة التي تسهل معاملات الناس اليومية على الأقل من أجل انسيابية التسوق والمعاملات بما لدينا من عملة القيمة المتراجعة بوجل شديد أمام العملات الأخرى.