الثامن من مارس.. علامة مضيئة في تاريخ نضال المرأة من أجل السلام والتنمية والمساواة

> رضية شمشير علي

>
رضية شمشير
رضية شمشير
تهل الذكرى (108) للثامن من مارس يوم المرأة العالمي، هذا العام، في ظل احداث يشهدها العالم، تهدد السلم العالمي، جراء التسابق في استخدام السلاح النووي والتهديدات التي باتت كل الاطراف تعلنها صراحة، وكأن التاريخ يعيد نفسه، ولم تستفد الدول من نتائج الحربين الكونيتين الاولى والثانية، التي راح ضحيتها عشرات الملايين من الاطفال والنساء والشيوخ والشباب، هذه النتائج الكارثية ادت إلى جلوس الفرقاء على طاولة الحوار والبدء في تحديد ملامح الاهتمام بالانسان وحقوقه كمنظومة متكاملة تعنى بحقه في العيش بسلام وامان، وان يعنى به من حيث التعليم والعمل، الصحة والبيئة، وان تكون التنمية هي البوابة الرئيسية لتحقيق اهداف ومبادئ ميثاق الامم المتحدة التي تمت الموافقة عليه في سان فرانسيسكو عام 1945م. حيث جاء صدور الاعلان العالمي لحقوق الانسان في 15 ديسمبر 1948، ليرسي ثوابت ومبادئ بوصفها معياراً يمكن للحكومات ان تقيس به ما تحرزه من تقدم في مجال حماية حقوق الانسان.
كان لابد من هذه المقدمة وصولاً إلى تحديد ماذا يعني الاحتفاء بالثامن من مارس، يوم المرأة العالمي، والذي اصبح رمزاً يجسد نضالات المرأة في مواجهة المطالب الحقوقية كيوم عالمي يحتفى به تخليداً لنضالات المرأة عبر مسيرة طويلة من النضال الشاق، يوم ان سقطت العاملة الامريكية (فكتوريا) ومعها (250) عاملة في (8 مارس 1857) لدى اضراب عاملات مصنع الغزل والنسيج في مدينة شيكاغو بالولايات المتحدة الامريكية، مطالبات بحقوقهن ومساواتهن في الاجر مع الرجل.
وحين رفض اصحاب المصانع الراسماليون هذه المطالب عند اول مواجهة سلمية، خرجت جموع النساء العاملات في مظاهرة ضخمة، اجتاحت المدينة وارتفعت الاصوات المطالبة بالحقوق والمساواة في الاجور، تعرضت لقمع البوليس الامريكي، حيث سقطت العديد منهن برصاص البوليس معمدات مطالبهن بالدم، محققات الانتصار في اول خطوة لنضال المرأة في العالم.
ومنذ ذلك الحين تواصلت الجهود النسائية لتثبيت الحقوق الانسانية للمرأة، وشكل انعقاد اول مؤتمر نسائي عالمي في مدينة كوبنهاجن بحضور ومشاركة (100) عضوة يمثلن (16) دولة، عام 1915 الانطلاقة لدور النساء ونضالهن من اجل تحقيق السلام، وحق المرأة في التصويت حيث اقترحت المناضلة الالمانية البارزة (كلارازيتكن) اعتبار 8 مارس من كل عام يوماً عالمياً يخلد نضالات المرأة في العالم، واحتفل به لأول مرة في العام 1911 عندما اصبح شبح الحرب العالمية الاولى ماثلاً وجهت يومها النداء في يوم المرأة العالمي من مدينة (بازل) بالمانيا عام 1912 جاء فيه “لو اعلنت نساء العالم حرباً على الحرب لاصبح من المستحيل قيامها”.
ومع بلوغ الحرب العالمية الثانية ذروتها اجتمعت في باريس 1880 مندوبة، من 41 بلداً من كافة القارات يمثلن منظمات نسوية تأسست في غمرة النضال ضد الفاشية الهتلرية وبشاعة الحرب العالمية الثانية، لعبت المندوبات المشاركات في مؤتمر باريس (1 ديسمبر 1945) دورا في تأسيس اول اتحاد للنساء على صعيد العالم عرف بالاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي (اندع) انتخبت إلى رئاسته المناضلة الفرنسية (يوجين كوتون) حيث اقسمت المشاركات على: النضال من اجل السلام وإيقاف سباق التسلح وبشكل خاص التسلح الذري.
كان لابد من هذه الاطلالة التاريخية، لتتعرف الاجيال الشابة من النساء على الجهود التي بذلتها المرأة على الصعيد العالمي من اجل تحقيق السلام بعامة، والمرأة الجنوبية بشكل خاص من خلال اطارها، الاتحاد العام لنساء اليمن، كإطار جماهيري انيطت به مهام مواصلة النضال لمرحلة ما بعد التحرر الوطني ونيل الاستقلال في 30 نوفمبر 1967.
جاء القرار الجمهوري الصادر في 16 فبراير 1968 القاضي بتشكيل الاتحاد العام لنساء اليمن، كمنظمة جماهيرية تعنى بشؤون المرأة، واطار تنظيمي يوحد مختلف الانشطة والفعاليات، ومركز نشاطه في بدايات التأسيس بمحافظات: عدن، لحج وابين، لاسباب موضوعية تتعلق بمحدودية وسائل المواصلات الاتصال والتواصل مع بقية المحافظات الجنوبية، شبوة، حضرموت، والمهرة، بالاضافة إلى التركة الثقيلة التي واجهتها القيادة السياسية بعد الاستقلال، وبروز الصراع السياسي بين اطراف الحكم.
وبانعقاد المؤتمر الاول للاتحاد العام لنساء اليمن في يوليو 1974 بمدينة سيئون اتسع نشاط الاتحاد ليشمل المحافظات الجنوبية وليمتلك وثائقه من نظام اساسي وبرنامج عمل.
بانعقاد المؤتمر العالمي للمرأة في العاصمة المكسيكية «مكسيكو» عام 1975، تحت شعار: “مساواة .. تنمية.. سلام» سلطت الاضواء على جهود الاتحاد كمنظمة جماهيرية، تصدر المشهد النسائي كواحد من الاتحادات النسائية في المجموعة العربية، حيث اعتبر صدور «قانون الاسرة» يناير 1974 من المؤشرات الايجابية والاجراءات والتدابير المتخذة من قبل الدول، لصالح تقدم المرأة والاسرة في الوطن العربي.
8 مارس 1982 صدر قرار هيئة رئاسة مجلس الشعب الاعلى باعتبار 8 مارس عطلة رسمية لكل العاملين في مرافق الدولة، ولم يكن حكراً على المرأة الجنوبية.
كان يجري في هذا اليوم (الثامن من مارس) تكريم المرأة العاملة/ التربوية/ الامهات/ زوجات الشهداء، ولم يأت اصدار هذا القرار من فراغ، بقدر ما هو تكريم وتقدير للدور الذي اضطلعت به المرأة الجنوبية في تحمل اعباء المشاركة في الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية.
لعب الاتحاد العام النسائي الاول في اليمن بالجنوب دوراً لا يستهان به في اطار جهود العقد العالمي الاول للمرأة (1975 - 1985) وتطور ليصبح منظمة غير حكومية (Non-gernomental.org) منتقلاً بذلك الموقف الجديد إلى مصاف الوسيط، فكان له السبق في دفع الحكومة ممثلة برئاسة الجمهورية للتوقيع والمصادقة على الاتفاقية الدولية لازالة كافة اشكال التمييز ضد المرأة (السيداو) والتي جاء صدورها عام (1979) حيث تم التوقيع على الاتفاقية في ابريل 1984 والمصادقة عليها في يونيو 1984، من قبل جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية.
تشير مقدمة الاتفاقية إلى انه بعد فتح باب التوقيع في اول مارس 1980، اصبحت سارية المفعول، وخلال الفترة مارس - مايو 1987م كان 93 بلداً موقعاً ومصادقاً عليها واحتلت اربع دول عربية الصدارة في التوقيع على بنود الاتفاقية وهي:
1 - تونس 2 - مصر العربية 3 - اليمن الديمقراطية 4 - العراق.
كان لابد من الاشارة إلى هذه الحقيقة التاريخية، حيث جرى منذ توحيد الاتحادين في الجنوب والشمال، اقصاء وتهميش لدور الاتحاد العام لنساء اليمن في الجنوب، حتى انه كان يجري تناول الاتفاقية (السيداو) وكانها بفعل جهود الطيف السياسي الذي يمثله الحزب الحاكم وقطاعه النسائي.
شاءت الصدف ان اكون مشاركة في ورشة عمل عقدتها اللجنة الوطنية للمرأة بمحافظة عدن 2006م، كرست لتناول بنود الاتفاقية (السيداو) بحضور نائب رئيس اللجنة الوطنية الاخت العزيزة حورية مشهورة، وكان يجري الطرح ان الاتفاقية واحدة من المنجزات المحققة بعد مؤتمر المرأة المنعقد في بجين 1996م، وعملت على تصحيح ذلك الخطأ التاريخي.
من خلال وضع الاتفاقية المتضمنة الدول الموقعة فالتاريخ يظل ملك الاجيال، ولا يحق ان يصادر لصالح طرف قوى على طرف ضعيف.
تجدر الاشارة إلى ان اللجنة الوطنية للمرأة، التي تشكلت بعد انعقاد مؤتمر بيجين لعبت دورها في التعاطي مع مخرجات المؤتمر العالمي ومحاوره الـ(12) ذات الصلة بالمشاركة السياسية للمرأة، العنف ضد المرأة، تكافؤ الفرص اليوم، وهي تشكلت كإطار حكومي برئاسة الاستاذة القديرة امة العليم السوسوة.
أختتم بحقيقة تاريخية لا يمكن اغفالها، حيث تعاقب على قيادة الاتحاد العام لنساء اليمن في الجنوب قدرات وكفاءات تحملن عبئا بل اعباء كبيرة اثقلت كاهل البعض منهن والبعض منهن تحملن المسئولية لدورة انتخابية واحدة والبعض الاخر لدورتين انتخابيتين.. ارجو المعذرة اذا خانتني الذاكرة:
1 - فوزية محمد جعفر 2 - عائدة علي سعيد 3 - ثريا منقوش 4 - زهرة هبة الله 5 - خولة احمد شرف 6 - انيسة الصائغ 7 - د. اسمهان العلس 8 - شفيقة مرشد 9 - عيشة محسن قاسم 10 - فتحية محمد عبدالله 11 - فاطمة سعيد الحاج 12 - نور باعباد 13 - مريم عبدالسلام 14 - رجاء احمد سعيد 15 - ملكي عبدالله حسن 16 - وفاء احمد علي 17 - سعاد سعيد ثابت 18 - عيشة عبدالعزيز 19 - فوزية سيف ثابت 20 - انيسة عباس 21 - رضية شمشير علي.
اكرر، ارجو المعذرة اذا نسيت بعض الاسماء فالعتب على الذاكرة.
رضية شمشير علي
عضو هيئة رئاسة المؤتمر الوطني لشعب الجنوب
ناشطة سياسية وحقوقية

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى