شرارة الحرب العالمية الثالثة

> م. مناف اليافعي

> لا يختلف اثنان بأننا نعيش أحداثا مشابهة لتلك الأحداث التي عاشها العالم في فترة الحرب الباردة بين أميركا والاتحاد السوفيتي، والتي لو حدثت حرب حقيقية حينها ستكون حربا نووية وستأكل الأخضر واليابس. وقد لا أكون مبالغا إذا ما قلت بأننا على شفير حرب عالمية ثالثة تلوح في الأفق، وقد تكون الأحداث في سوريا وملف إيران النووي الشرارتين اللتين ستشعلان هذه الحرب.
سعى الرئيس الروسي منذ صعوده إلى سدة الحكم في الكرملين إلى إعادة روسيا إلى الواجهة الدولية، وكانت من ضمن الأهداف التي رسمها الرئيس الروسي على الأمد البعيد هو إنشاء عالم متعدد الأقطاب ورفض سياسة القطب الواحد "أحادية القطب" إشارة إلى أمريكا.. وكانت أولى الخطوات التي أقدم عليها إنشاء مجموعة البريكس الاقتصادية والتي تضم كل من البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، بالإضافة إلى إنشاء بنك شنغهاي ورفض التعامل بالدولار كعملة عالمية.. وصولا إلى العام 2011، وتزامنا مع ثورات الربيع العربي والتي أعادت روسيا إلى الواجهة الدولية مرة أخرى من بوابة سوريا، حيث منعت أي تدخل غربي في سوريا واستخدمت "الفيتو" أكثر من سبع مرات.. وكان استخدام روسيا لحق النقض يحدث في بعض الأحيان بالتعاون مع الصين الحليف الاستراتيجي لها.
كل هذه المؤشرات كانت تنذر بتفجير صراع غربي روسي مسرحه سوريا، ولا يمكن لنا أن نتناسى الثورة الملونة في أوكرانيا والتي أطاحت بالرئيس الأوكراني فيكتور يانكوفيتش الموالي لروسيا، وهو ما جعل روسيا تأخذ موقفا صارما تجلى في ضم شبه جزيرة الغرم الى السيادة الروسية ودعم الأقاليم الشرقية من أوكرانيا والتي تمثل مصدر دخل قومي لأوكرانيا كونها تحوي معظم المصانع.
مع صعود الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى سدة الحكم في الولايات المتحدة الأمريكية كانت بوادر انفراجة تلوح في الأفق خصوصا مع دعم روسيا لحملته الانتخابية، ولكن سرعان ما خالف ترامب أهداف حملته الانتخابية وبدأ بمواجهة روسيا على كل الصعد، وكانت سوريا هي مسرح تلك المواجهة، وتجلى ذلك التصعيد مع توجيه أمريكا ضربات صاروخية إلى إحدى القواعد السورية وتحديدا قاعدة الشعيرات الجوية في فجر السابع من أبريل من العام الماضي، تبعه قصف أمريكي لقوات روسية وسورية حاولت الاقتراب من القوات الأمريكية في قاعدة التنف نتج عنه مقتل عشرات الجنود الروس والسوريين وحلفائهم، وكان الرد الروسي حاضرا بقوة مع تصدي قوات الدفاع الجوي السوري للطائرات الإسرائيلية التي دخلت أجواء سوريا، وتمكنت المضادات السورية من إسقاط طائرة إسرائيلية من طراز "إف 16"، وهو ما أنذر بنشوب حرب واسعة بين أمريكا وحلفائها من جهة وروسيا وحلفائها من جهة أخرى.
واليوم ومع أحداث الغوطة الشرقية يبدو أن الوضع قابل للانفجار أكثر من أي وقت مضى، خصوصا مع تهديد مندوبة أمريكا في مجلس الأمن نيكي هيلي بتوجيه ضربات لسوريا إذا ما ثبت استخدامها للكيماوي، وهو ما استدعى ردا روسيا حازما بالرد على أي ضربة أمريكية قد تعرض الجنود الروس للخطر.
من وجهة نظري المتواضعة فإن شرارة الحرب ستحدث تزامنا مع فترة حدوث كأس العالم، وقد تكون الشرارة الأخرى لتلك الحرب هي الملف النووي الإيراني كون ترامب قد هدد بالتخلي عن الاتفاق النووي مع إيران في شهر مايو القادم، وظهرت تجليات ذلك الموقف مع تخلي الرئيس الأمريكي عن وزير خارجيته ريكس تيلرسون والذي كان رافضا لموقف ترامب من الاتفاق النووي مع إيران.
والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة: هل سيتخلى ترامب عن الاتفاق النووي مع إيران بالفعل؟ وهل سيلحق ذلك توجيه ضربة نووية أمريكية لإيران، وهو ما ينذر بحرب إقليمية شاملة ستكون مسرحها منطقة الخليج العربي وسوريا؟، وقد لا نكون نحن في اليمن في مأمن منها من وجهة نظري.. ولا أستبعد توجيه ضربة أمريكية إسرائيلية لإيران تزامنا مع مونديال روسيا، كون إسرائيل قد سبق لها ضرب لبنان مرتين، وكانت كلا المرتين بالتزامن مع مونديالي كأس العالم الأولى كانت في العام 1982 في مونديال أسبانيا والثانية كانت في العام 2006 خلال فترة كأس العالم والذي استضافته ألمانيا حينها..
والمفارقة أن المنتخب الإيطالي كان البطل لكلا المونديالين، واليوم هي الغائب الأكبر عن مونديال روسيا.. فهل ستوجه أمريكا ضربة لإيران وحلفائها في سوريا تزامنا مع مونديال روسيا فتكون بذلك قد ضربت أكثر من عصفور بحجر، فهي تكون قد ضربت إيران وحلفائها من جهة ومن جهة أخرى ستكون قد وجهت ضربة لروسيا ومونديالها، وإلى جانب ذلك فإن روسيا ستكون محايدة إلى حد كبير كونها مشغولة بالمونديال، ومن الصعوبة بمكان أن تخوض حربا وهي تستضيف أهم عرس عالمي على وجه المعمورة.. فالأيام القادمة مليئة بالمفاجآت دون أدنى شك.
م. مناف اليافعي

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى