العمل المدني طريقنا إلى الخلاص

> باسم فضل الشعبي

>
باسم فضل الشعبي
باسم فضل الشعبي
في زمن البندقية، والمدرعة، والكلاشنكوف، أصبح العمل المدني ضربا من المستحيل، بل إن هناك من لم يعد يصدق، أو يؤمن، بأن العمل المدني يمكن أن يحدث أي تأثير في مجتمع أصبح مدججا بالسلاح والعنف، بمن فيهم أطفالنا أمل الغد، الذين أصبحوا يتأثرون سلبا بما يحدث من حولهم، وما تضخه إليهم شاشات الفضائيات.
لليائسين، والمحبطين، أقول: ألم تكن ثوراتنا ضد الظلم، والاستبداد، منذ 2007 وما بعدها مرورا بـ2011 ثورات مدنية، سلمية، قمة في التضحية، والأخلاق، والبذل؟ ألم تستطع تلك الصدور العارية، والدماء الزكية، أن تسقط الاستبداد، والاستعمار الداخلي، الذي جثم على صدورنا عقدين أو ثلاثة ونيف من الزمن؟، ألم يشهد لنا العالم بأن ما حدث في بلدنا أشبه بمعجزة سماوية.. بلد مدجج بالسلاح، ولديه موروث ثقافي، مثقل بالصراع، والعنف، والحروب، ينتفض سلميا، ومدنيا، مطالبا بحقوقه المسلوبة، ومنذ الانطلاقة الأولى في ساحة العروض بالعاصمة عدن قبل 11 عاما وإلى اليوم تحقق الكثير لليمنيين، جنوبا، وشمالا.. فلاداعي لليأس والقنوط إذن من العمل المدني! فهو طريقنا الأسلم لاستعادة المبادرة، ودفة التغيير، واستكمال الأهداف.
وهذا لا يعني التخلي عن السلاح في مواجهة المخاطر، وإنما علينا أن ندرك أن مشروعنا الأول السلمي والمدني، قابل للازدهار والتأثير، وعلينا أن نرسخه، وندافع عنه، ونحميه، بالطرق المناسبة.
وما حدث منذ مارس 2015 هو بمثابة ثورة مضادة ضد المشروع السلمي والمدني، ناهيك عن الأخطاء الجسيمة التي ارتكبتها النخب السياسية اليمنية، التي جاءت بعد ثورة فبراير، وما تزال في خانة الضعف والعجز حتى الآن، وما نلمسه اليوم من مظاهر سلبية في المناطق المحررة، هو من مؤثرات الثورة المضادة، التي ما تزال لديها إيادٍ وأدوات تعبث وتعمل على تشويه المقاصد النبيلة لتضحيات الجماهير، فضلا عن غياب الرؤية الوطنية والعملية لدى جميع القوى المؤثرة في المشهد، أو أن هناك قصورا كبيرا ينتابها، لكن هذا لا يعني الاستكانة والاستسلام، فالمجتمع المدني عليه أن يقوم بدوره في التوعية وتقريب وجهات النظر، وتشكيل حلقات تواصل مع الجهات المعنية، بروح وطنية منفتحة على الجميع، وحشد طاقات النخب والمثقفين والشباب، للتغلب على الواقع الصعب، وإنتاج الأفكار الملهمة والمؤثرة، دون التأثر بالمثبطات والإحباطات والتصنيفات التي يلقيها بعض العاجزين والفاشلين المسكونين بثقافة الإقصاء والاستسلام والتآمر.
كل هذا المخاض الطويل لابد أن يفضي في الأخير إلى مولود كامل ومكتمل في الصورة التي تلبي تطلعات الجميع، في الحرية والعدالة والمواطنة والعيش الكريم، والتعايش، والأمن، والاستقرار، والبناء.
رغم الألم.. يبقى الأمل موجودا وعريضا..والله يقف إلى صف المؤمنين.. فكونوا مؤمنين بالهدف، والوسيلة، والقضية، والمستقبل المشرق.
وبالعمل المدني والفكري والثقافي نستطيع أن نؤثر، ونحدث الفارق.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى