الجنوب كيان واحد

> عبدالقوي الأشول

>
عبدالقوي الأشول
عبدالقوي الأشول
وفق تجارب الشعوب لا يمكنك أن تخالف حقائق التاريخ والجغرافيا، حتى إنك عندما تضع حلولا لمشكلة ما فإن من الضروري أن تأخذ بالحسبان عدم مخالفة هذه الحقائق والمسلمات التي لا يمكن تجاوزها.
فالنسيج الاجتماعي مرتبط بالجغرافيا والعكس، ولا يمكنك أن تحدث أي متغيرات على تلك الثوابت المهمة المرتبطة في الأذهان غير القابلة للمس والتغيير، فالمشاعر الإنسانية جداً حساسة فما يتعلق بهذه المسلمات التي هي الكيان والهوية، بل هي عنوان حياة للأجيال المتعاقبة، وهكذا هو حال نسيج الجنوب السكاني والجغرافي يحتفظ في أديمه بالجسد الجنوبي والكيان الواحد الذي وإن حدث عليه أي تغيير تكون قد استفززت المشاعر تماماً ولا يمكنك أن تمارس الإقناع بخطوة من هذا النوع، نظراً لما في الأمر من محاذير وما تنطوي عليه من أخطار تتجاوز إرادة الشعوب.
على مدى سنوات مضت شهدت الساحة الجنوبية تغيرات عاصفة وحل ما حل بالجنوب من إثر ويلات القهر والنهب والإقصاء والحروب، وكانت هنالك ممارسات مستفزة وحالة استحواذ على الثروات في ظل معاناة جنوبية لا توصف، ناهيك عن حجم التضحيات الجسيمة التي قدمها شعبنا منذ انطلاق ثورته السلمية.. فمن غير المعقول قطعاً أن نتوقع أن تأتي خطوة من نوع ضم بيحان في محافظة شبوة إلى محافظة مأرب.. واقع لا يمكن أن يتم القبول به بأي حال، وهذا ما تكشف إثر القرار الذي واجهه أبناء شبوة خاصة والجنوب عامة بقدر من الرفض غير المسبوق، من منظور أنه يمس الكيان الجنوبي بل يتجاوز الإرادة الجنوبية ونضالات شعبنا على مدى عقود مضت.
القرار كان جداً مستفزا للمشاعر واستمرار الرفض إزاءه، نسق تعمل عليه كافة الأطياف الجنوبية التي أجمعت على عدم صواب هذه الخطوة.
إذن ما أهمية اتخاذ مثل هذا القرار في هذا التوقيت بالذات؟!.. لا شك إن التحليلات بشأنه قد تختلف إلا أنها تجمع على أنه لم يأت من فراغ بقدر ما هو مرتبط بحالة الحسابات المسبقة لدى بعض الأطراف التي تريد أن تطلق مثل هذه البالونات في هذه الأوقات الدقيقة لأغراض ترتبط بالوضع السياسي بصورة عامة، وهو الوضع الذي لم تأخذ فيه نسق الحلول خريطتها بعد..
فهناك من يرى أنه قد أتى تحت ضغط بعض الأطراف التي لديها الكثير من التوجهات بشأن الجنوب وقضيته.
وبغض النظر عما سلف، فالثابت إن القرار لم يكن صائباً وفق كافة المعايير، بما معناه أن الكيان الجغرافي للجنوب بعد كافة التطورات والأحداث والمتغيرات التي جرت على مدى سنوات مضت لا يمكن معه الاقتراب من الجغرافيا الجنوبية لما في الأمر من حساسية.. ناهيك عن أن الخطوة فجة إلى حد ما لأنها تأتي في صياغ متفرد لا يرتبط بمتغيرات سياسية تذكر، ناهيك عن أن المسألة لا تنسجم مع حقائق التاريخ والجغرافيا، ثم إن من بين أبرز ثوابت نضالات شعبنا هو الحفاظ على شكل الكيان الجنوبي كما هو دون المساس به مهما كانت الدوافع لذلك.. حتى إن الحلول السياسية إذا ما افترضنا وجودها فإنها لابد أن تأخذ بهذه الحقائق الهامة.. علماً أن مثل هذه المحاذير قائمة منذ زمن، حتى في واقعنا القبلي وتقسيماته التي لم تتجاوز حتى في أدق تفاصيلها ثوابت الأعراف القبلية ذاتها، والتي ظل العمل بها حتى مع ما شهده الجنوب من متغيرات سياسية زعمت أنها دحضت الواقع القبلي وأعرافه.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى