> عدن «الأيام» خاص/ غرفة الأخبار

خمسة أيام على تصريحات رئيس الوزراء أحمد عبيد بن دغر لصحيفة "الشرق الأوسط" التي قال فيها إن حزب المؤتمر سوف يعقد اجتماعا قريبا في أرض يمنية بحضور كافة الأعضاء، بمن فيهم أحمد علي، لتشكيل قيادة جديدة للحزب خلفا للراحل علي عبدالله صالح.
بن دغر أطلق تصريحاته تلك من العاصمة المصرية القاهرة، غير أن وزير داخليته أحمد بن أحمد الميسري استبق ما كان ينويه رئيس الوزراء، وعقد، أمس الأول، مع قيادات مؤتمرية جنوبية اجتماعا في قصر معاشيق خلصوا فيه إلى تنصيب عبدربه منصور هادي رئيسا للمؤتمر.
وقال بيان صادر عن الاجتماع: "إن هادي أصبح وبشكل تلقائي رئيسا لحزب المؤتمر الشعبي العام وفق لوائحه التنظيمية التي تنصّ على ذلك بعد أن أصبح منصب رئيس الحزب شاغرا".
ويبدو أن هادي - وعبر الميسري- استبق النقاشات غير المعلنة التي تشهدها العاصمة المصرية القاهرة حول مستقبل حزب المؤتمر الشعبي العام من خلال الإيعاز إلى قيادات مقربة منه لعقد اجتماعات ومؤتمرات للحزب في الجنوب واتخاذ قرارات جديدة تتحول إلى أمر واقع.
ويشير هذا التسابق في صفوف الشرعية على ميراث صالح والاستئثار بالحزب إلى تباينات وخلافات في صفوف السلطة الشرعية باليمن بشأن قضايا كبرى بينها الحوار مع الانقلابيين الحوثيين والترتيب له وطبيعة الدخول فيه.
وقال رئيس مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجة المحلل السياسي ماجد المذحجي في تصريح لـ«الأيام»: "اجتماع المؤتمر الشعبي في عدن هو جزء من المزاد غير المعلن حول جثة المؤتمر التي يتم تقاسمها من أطراف عدة محلية وإقليمية، وهو - أي الاجتماع- ليس شيئا عابرا مع بدء النشاط المتصل بالتحضير للمفاوضات، هناك رغبة من كل طرف لاحتكار موقع المؤتمر في مسار المفاوضات السياسية القادمة، وبالتالي يجاهد هادي والميسري لاحتكار تمثيل المؤتمر أو ضم جزء كبير مما تركه صالح".
وأضاف: "نشهد الآن ثلاث نسخ من المؤتمر، نسخة برعاية هادي ونسخة برعاية الحوثيين في صنعاء ونسخة برعاية الإمارات مازالت غير واضحة، هادي يجاهد أن يمسك بالنسخة الأكثر تمثيلية، رغم أنه غير واضح مدى قدرته على ذلك، يبدو أن الأمر غريب، فلا يمكن أن يكون هناك اصطفاف للمؤتمر من دون مشاورات سياسية فعلية، وهذا ما عكسه اجتماع الميسري في عدن".
واعتبر عضو اللجنة العامة في المؤتمر عادل الشجاع أن اجتماع عدن يؤكد أن "قيادة الشرعية أداة بيد حزب الإصلاح الذي يسعى إلى تمزيق المؤتمر بأي شكل من الأشكال".
وأضاف الشجاع "لو كان هادي ومن معه من الذين رتبوا لهذا الاجتماع حريصين على السلام لما أقدموا على مثل هذه الخطوة. فوحدة المؤتمر تعني اليمن ككل، لأن بقاء المؤتمر قويا يمنع الصراع المذهبي بين الإصلاح والسلفيين والحوثيين، وكذلك الصراع المناطقي بين الشمال والجنوب. من يسعى إلى تمزيق المؤتمر كمن يطلق النار على رأسه".
بدوره قال أبوبكر القربي، الأمين العام المساعد لحزب المؤتمر الشعبي: "لا يوجد مؤتمر شعبي جنوبي وإنما مؤتمر واحد لكل اليمن، ولذلك فالاجتماع الذي ينعقد في عدن يمثل محاولة يائسة لاجتثاث المؤتمر من جماهيره وشعبه، لخدمة من تخلوا عنه في مراحل مواجهاته، لتحقيق أجنداتهم ومصالحهم، ما يجري مجرد مسرحية سيتجاوزها المؤتمر وستفشل وسيبقى المؤتمر رمزًا للصمود".
السياسي اليمني المنشق عن ميليشيا الحوثي علي البخيتي قال: "الميسري وبدلًا من الاهتمام بمهامه الأمنية بوصفه وزير داخلية منشغل بتفكيك حزب المؤتمر؛ ففي نفس اللحظة التي تستهدف قاعدة الجنود في الجنوب بعملياتها الإرهابية، يهتم الميسري بترتيب وضعه الشخصي كزعيم لعشرين مؤتمريا التقى بهم (امس الاول)، عقليات تفتيتية انفعالية لا تحمل رؤية ولا مشروعًا".
ونقلت وكالة إرم نيوز عن أحمد علي عبدالله صالح أنه نفى أي علاقة للهيئات التنظيمية للمؤتمر الشعبي العام في عدن، بالاجتماع الذي عقده أحمد الميسري، مشيرًا إلى أن المؤسسة العسكرية والأمنية بعيدة كل البعد عن الأحزاب والتنظيمات السياسية، وسيظل المؤتمر الشعبي متلاحم الصفوف لا يسمح بتجزئته.
النظام الداخلي واللوائح التنظيمية لحزب المؤتمر الشعبي لا تتضمن بندًا ينص على أن نائب رئيس الحزب يجب أن يكون رئيسًا في حال أصبح منصب الرئيس شاغرا، بل يكون قائمًا بأعمال الرئيس، حتى يتم انتخاب رئيس جديد بقبول كافة أعضاء اللجنة العامة في الحزب.
ونقلت صحيفة العرب اللندنية عن مصادر رفيعة في قيادة المؤتمر إلى أن الحزب يشهد صراعا محتدما حول السيطرة عليه سواء داخل الشرعية أو في معسكر الانقلاب، حيث يطالب هادي برئاسة المؤتمر انطلاقا من رئاسته للدولة وهو الأمر الذي تعارضه قيادات عديدة داخل المؤتمر.
وترى هذه القيادات أن أي خطوة في هذا الاتجاه من دون التفاهم مع التيار الآخر المناهض للحوثيين في المؤتمر يمكن أن تفاقم من حالة التشظّي والانقسام وتعزز بالتالي من قوة الجناح الموجود في صنعاء والذي لا يزال يتشبث بالتحالف مع الحوثيين.
ويبدي مؤتمريون شماليون في كل من صنعاء وعدن مخاوف من بوادرَ لتشكل حزب مؤتمر شعبي جنوبي يتقرب من المجلس الانتقالي ويتبنى مطالب الحراك الجنوبي بالاستقلال عن الشمال.